اعلان ايران رسمياً البدء بتصنيع فئة جديدة من الغواصات، يشكّل خطوة مهمة اخرى في مسلسل طويل من الخطوات التي شهدتها جهود للانتاج الحربي الذاتي، أولتها طهران اهتماماً متميزاً على امتداد السنوات الماضية. وهذا الاعلان يؤكد معلومات كانت مصادر دفاعية دولية تداولتها قبل مدة عن تطوير الصناعات العسكرية الايرانية، هذه الفئة الجديدة من الغواصات، تمهيداً لادخالها في خدمة القوات البحرية. ولا يعرف الكثير من التفاصيل حتى الآن عن مواصفات الغواصة الايرانية الجديدة التي أطلق عليها اسم "السابحات - 15"، لكن المعلومات المتوافرة تفيد ان طهران بدأت عملية تطويرها خلال النصف الثاني من التسعينات، في اطار برنامج عملت لتنفيذه "جامعة العلوم والتكنولوجيا الدفاعية" التابعة لوزارة الدفاع الايرانية. وترجّح المصادر الدفاعية الدولية ان تكون طهران تعاونت في تنفيذ هذا البرنامج مع كوريا الشمالية، واعتمدت على تصاميم فئات من الغواصات الكورية الخفيفة الوزن الصغيرة الحجم، التي يعتقد ان البحرية الايرانية حصلت على اعداد منها خلال السنوات الماضية. وتختلف هذه الغواصات الصغيرة، التي يرمز اليها احياناً باسم "غواصات جيب" عن فئات الغواصات الهجومية الرئيسية التي تعمل في الأساطيل العالمية، اذ تكون معدة أساساً للعمل في المياه الساحلية الضحلة وقرب الشواطئ، خلافاً للغواصات الهجومية الرئيسية التي تتركز مهماتها في أعالي البحار وأعماقها. ومقارنة بهذه الأخيرة، التي تراوح أوزانها بين مئات من الاطنان وآلاف من الاطنان، وتضم أطقم تشغيلها عدداً يزيد على مئة ضابط وبحار، وتستطيع البقاء في مهمات تحت الماء فترات تراوح بين أيام وأسابيع، وتتركز عملياتها على مهاجمة السفن والغواصات المعادية وقطع خطوط الإمداد والمواصلات البحرية، وتنفيذ هجمات صاروخية ضد أهداف برية في حال زودت صواريخ هجومية بالستية أو جوالة بعيدة المدى... فإن غواصات الجيب الصغيرة تستخدم في صورة رئيسية لتنفيذ مهمات التسلل الساحلية وإبراز وحدات الكوماندوز البحري الخاصة، الى جانب عمليات الاستطلاع والتجسس من مسافات قريبة من الشواطئ، اذ تكون غير مسلحة، أو يقتصر تسليحها على ذخائر خفيفة وربما أنبوب واحد أو اثنين لإطلاق طوربيدات مضادة للسفن. وتقل أوزان هذه الغواصات عادة عن مئة طن، بينما لا يزيد عدد أفراد طاقمها على 20 - 30 فرداً، مما يسهل استيعابها في خدمة القوات البحرية الصغرى أو المفتقرة الى الخبرة المطلوبة في تشغيل الغواصات الهجومية الرئيسية. ومعروف ان البحرية الايرانية تستخدم الآن ثلاث غواصات هجومية رئيسية من طراز "كيلو" حصلت عليها من روسيا خلال التسعينات، مما جعلها آنذاك القوة البحرية الوحيدة المالكة للغواصات في الخليج. وأصبح الاعتماد على تصاميم أسلحة ومعدات اجنبية، لا سيما روسية وصينية وكورية، لإنتاج نسخ محلية مطورة ومعدلة، نمطاً شائعاً على نطاق واسع في برامج الانتاج الحربي الايراني. ينطبق ذلك مثلاً على الصواريخ البالستية التي تعمل طهران لانتاج أنواع منها، بما في ذلك صواريخ "شهاب - 3" التي يصل مداها الى نحو 1300 كلم، والتي يعتقد انها طراز محلي من صواريخ "نو دونغ - 1" الكورية الشمالية، كما ينطبق على الدبابة "ذو الفقار" والعربة المدرعة "بوراق" البرق، والطائرة المقاتلة "أزاراخش" وطرازات من المدافع والراجمات الصاروخية والصواريخ المضادة للطائرات والدروع. ويبدو ان الايرانيين اتبعوا الطريقة ذاتها في تطوير الغواصة "السابحات - 15" التي دشنت قبل أيام قليلة، وأعلن وزير الدفاع الايراني الأميرال علي شمخاني استعداد بلاده لبيعها لدول الخليج في حال أبدت رغبة في الحصول عليها.