يعرض المؤرخ حسن الأمين في كتابه "غارات على بلاد الشام" دار قتيبة، 2000 تاريخ حروب تبدأ في أيام الامبراطورية البيزنطية من دون ان تنتهي في زمننا. من غارات البيزنطيين ومواجهة سيف الدولة الحمداني لهم، الى غارات المغول بتحريض من الارمن الفصل الخامس، الى غارات الفرنجة وسقوط القدس، مروراً باجتياح تيمورلنك دمشق، وحتى الفتح الفرنسي لمصر، ثم الحربين الكونيتين، وما تلاهما من هجرة يهودية وتهجير الفلسطينيين وقيام دولة اسرائىل... يخصص الأمين الفصول الأخيرة من كتابه للحروب العربية - الاسرائيلية فيروي مثلاً بأسلوب قصصي ما حدث في معركة القسطل وخبر استشهاد عبدالقادر الحسيني بعد ان فقد خلال المعركة و"أصبح... في حكم... المحاصر داخل القرية" في 7-8 نيسان ابريل 1948. ثم يسرد سريعاً ما جرى في دير ياسين على يد المنظمات الصهيونية، وما تبع ذلك من تساقط للقرى والمدن، من طبريا الى حيفا، مثبتاً قصيدة في "مناجاة حيفا". وتذكرنا هذه الفصول، على الاقل عبر اسماء قراها ومدنها، بفصول الكتاب الافتتاحية. ولا عجب فالأمين يتكلم عن بقعة جغرافية واحدة في لحظات قرون زمنية مختلفة. هكذا تُذكرنا احداث الحرب الاسرائيلية على قرى فلسطين بأحداث الزحف الافرنجي على الشام ثم على دمشق. اما الغارات الفرنسية على شرقنا خلال الحرب العالمية الاولى فتردنا - على رغم الاختلاف في المعدات والاهداف التفصيلية - الى حقبة نابليون بونابرت ومعركة الاهرام الشهيرة. والأمين يصف هذه المرحلة في الفصل الحادي عشر من كتابه مستعيداً ما كتبه المؤرخ الجبرتي ومقرراً ان "إقامة الفرنسيين في مصر تحتاج الى دراسات مفصلة".