تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الأخيرة ل"الحياة"، والتي تحفّظ فيها عن "مواقف" فلسطينية قال انه لا يعرف تفاصيلها حتى يدعمها، تعكس غياب التنسيق الفلسطيني مع الأردن في شأن قضايا الوضع النهائي، بخاصة مسألتي القدس واللاجئين. وتضمن كلام العاهل الأردني عقب لقائه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على هامش قمة الألفية في نيويورك، تحذيراً من "تجزئة" موضوع اللاجئين، ومن خطر "تفريغ السيادة على القدس من الداخل". وشدد على ان "حق العودة للجميع" بحسب قرارات الشرعية الدولية، وأن تجزئة موضوع اللاجئين باعطاء حق العودة فقط للاجئين في لبنان هي اضعاف للمسألة. كما اعتبر ان موافقة الجانب الفلسطيني على الفصل ما بين سيادة فلسطينية على الحرم الشريف وسيادة اسرائيلية على حائط المبكى المحاذي للحرم، تنطوي على "تفريغ للسيادة من الداخل". لعل من المفيد للرئيس الفلسطيني أن يأخذ كلام الملك عبدالله بجدية أكبر مما فعل حتى الآن، أقله لأن الأردن استوعب العدد الأكبر من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين، ولأنه أشرف وما زال يشرف على إدارة شؤون المقدسات الاسلامية في القدس منذ العام 1950، ان لم يكن بسبب الروابط الديموغرافية والجغرافية العضوية التي تربط بين الشعبين، والتي تجعل الأردن عمقاً استراتيجياً لفلسطين. ولهذا، يأتي اقتراح عرفات مشاركة لجنة القدس في المفاوضات، على أن تمثلها مصر والسعودية والمغرب - متجاوزاً بذلك دور الأردن - بمثابة إلغاء للتاريخ والجغرافيا والواقع، من دون التقليل من أهمية الدول الأخرى وثقلها السياسي في هذا الخصوص. إلا أنه ليس من الحكمة أو المنطق تجاوز الأردن الذي حافظ على المقدسات الاسلامية في رعايته طوال خمسين عاماً، وانتزع اعترافاً اسرائيلياً بذلك الدور في معاهدة السلام الأردنية - الاسرائيلية، من دون الحاجة الى التذكير بالتضحيات التي قدمها الأردن من أجل القدس وفلسطين، قبل انشاء منظمة التحرير الفلسطينية. وقد يكون مفيداً ايضاً التذكير بأن الأردن هو الذي وفر المظلة لمشاركة الجانب الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام، ضمن الوفد الأردني المفاوض، عندما كان الاعتراف والتفاوض مع منظمة التحرير مرفوضاً اسرائيلياً وأميركياً... تستطيع القيادة الفلسطينية ان تقنع نفسها بأنها أصبحت تمثل دولة كبرى، خصوصاً ان رئيس الولاياتالمتحدة مستعد لأن يمضي اسبوعين من وقته الثمين معها في منتجع كامب ديفيد لحل مشكلتها مع حليفته الاسرائيلية. ولهذا، فهي ربما ليست بحاجة الى التعامل مع الدول غير العظمى مثل الأردن، والتي يجري التعامل معها على أنها "في الجيب" وعلى أن موقفها هو مجرد "تحصيل حاصل". وعلى أية حال، الأمور تقاس بنتائجها. وقد ترى القيادة الفلسطينية اليوم انها تتمتع بمقدار كافٍ من الغطاء السياسي العربي والاسلامي، للمضي في تسوية في شأن القدس واللاجئين بمعزل عن الشريك الأردني. إلا أنها ستكتشف على الأرجح أنها ستضطر للعودة الى المظلة الأردنية