ما رشح من مفاوضات كامب ديفيد عن اقتراح أميركي لحل قضية اللاجئين يقوم على مبدأ التوطين، كشف المحلل الإسرائيلي ناحوم برنياع في يديعوت أحرونوت 23/6/2000 النقاب عن تفاصيله. فقال إنها وردت في مسودة أميركية قدمت للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني أساساً للحل. ويقول برنياع إن الورقة دعت لتأسيس إطار دولي جديد يحل محل وكالة الأونروا، يرصد له أكثر من 100 بليون دولار لتأهيل اللاجئين خلال فترة تتراوح بين 10 و20 سنة. وتقترح الورقة توزيع الأموال على الشكل الآتي: 40 بليون دولار لكل من الأردن والسلطة الفلسطينية، و10 بلايين لكل من لبنان وسورية تخصص لمشاريع التأهيل والتعويض الفردي والجماعي، في إطار حل إقليمي لتوطين اللاجئين الفلسطينيين. وكان الرئيس الأميركي قدم اقتراحاً مماثلاً لرئيس حكومة إسرائيل في قمة جمعتهما في لشبونة في الأول من حزيران يونيو الماضي، وإلى الملك الأردني عبدالله الثاني في قمة مماثلة في واشنطن في السابع من الشهر نفسه. كما كان قدمه الى رئيس السلطة الفلسطينية في لقاء جمعهما في وقت سابق في واشنطن. ومن قمة كامب ديفيد رشح اقتراح إضافي أن تقبل إسرائيل في إطار جمع الشمل لا على قاعدة حق العودة باستعادة عدد غير محدد من اللاجئين الفلسطينيين، وعلى مدى زمني طويل. ويرى الاقتراح أن يكون "العائدون" من مواليد "فلسطين الانتدابية" وممن لهم أقارب في إسرائيل. وواضح أن السياسة الأميركية استقرت، وخلال أكثر من نصف قرن، على حل قضية اللاجئين على مبدأ التوطين، عبر مشاريع تنموية، هي أشبه بالرشوة، تشكل تعويضاً لحق العودة، متجاهلة في السياق المشاعر الوطنية للاجئين، وتمسكهم بمبدأ حق العودة. وتؤكد الدلائل والوقائع أن السياسة الأميركية في تعاطيها مع قضية اللاجئين، تجاوزت على الدوام حقهم كشعب في تقرير مصيرهم، كما تجاوزت قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بقضيتهم ومنها القرار 194 الذي كفل لهم حق العودة الى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها في العام 1948، وحقهم في التعويض عما لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية بفعل التهجير. كما تثبت الوقائع أن الحلول الأميركية ارتكزت على الدوام الى تأمين المصالح الأميركية في المنطقة أولاً، وقبل كل شيء. وفي العودة الى الوثائق الأميركية وهي كثيرة ووردت في العديد من الكتب والموسوعات والمراجع، يتضح أن الدوائر الأميركية أبدت اهتماماً ملحوظاً بموضوع اللاجئين الفلسطينيين في صيف 1948، ونظرت إليه من زاوية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وهي مصالح قامت على مبدأ منافسة الوجود البريطاني، وإغلاق الطريق امام تسرب النفوذ السوفياتي، والعمل على توفير الاستقرار للدول العربية الموالية لواشنطن، ووضع حد للنزاع العربي - الإسرائيلي، ودمج دولة إسرائيل في المنطقة وفك العزلة من حولها. ففي أواسط آب اغسطس 1948، على سبيل المثال، حذرت وزارة الخارجية الأميركية، في تقرير الى الرئيس هاري ترومان، من خطورة تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين الى الأقطار العربية المجاورة، خصوصاً وأنها لا تملك القدرة على إغاثتهم، ما يهدد بتشكيل مجتمع ناقم يشكل خطراً على الدول المضيفة ومناخاً صالحاً لتغلغل الأفكار الشيوعية والكلام للخارجية الأميركية. واقترحت في تقريرها تنظيم حملة إغاثة فورية تشارك فيها منظمات الإغاثة الخاصة في الولاياتالمتحدة، ووزارة الدفاع الأميركية البنتاغون. ورأت الخارجية في اقتراحاتها هذه فرصة تتيح للولايات المتحدة كسب ود الشعوب العربية، وأن ترمم سمعتها التي تضررت الى حد كبير. كما دعت الخارجية الى دور أميركي مبادر في الأممالمتحدة لإقرار مساعدات اقتصادية بعد أن لاحظت أن الإنكليز يفكرون بتقديم مشروع مماثل ستتم الموافقة عليه من المنظمة الدولية. واستجاب الرئيس ترومان لمجمل اقتراحات الخارجية وصادق في 6 تشرين الثاني نوفمبر 1948 على رصد مبلغ 16 مليون دولار لتغطية نصف مصاريف حملة إغاثة كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قدرت أنها ضرورية لتوفير الحاجات الفورية للاجئين الفلسطينيين في أماكن تشردهم. وفي وقت لاحق، عندما تبين فشل لجنة الأممالمتحدة للتوفيق في إقناع إسرائيل بإعادة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، وأن هذا الأمر سيقطع الطريق على إمكان وضع حد للنزاع العربي - الإسرائيلي، تدخلت واشنطن لإقناع تل أبيب بإعادة ربع اللاجئين أي حوالى 200 ألف لاجئ مقابل الضغط الأميركي على العرب لاستضافة الباقي وفتح الباب أمام السلام في المنطقة. وأبدت واشنطن امتعاضها من مماطلة إسرائيل ورفضها الاقتراح نظراً لما سيحدثه من تعقيدات إضافية في المنطقة، ما قد يهدد المصالح الأميركية فيها النفط، والموقع الاستراتيجي، وتأييد الغرب. وعبرت الولاياتالمتحدة عن سياستها هذه في بيان صدر عن الرئيس ترومان ووزير خارجيته قالا فيه: "يعتبر الاستقرار في الشرق الأدنى من وجهة النظر السياسية غرضاً أساسياً من أغراض السياسة الخارجية الأميركية. لذلك فإن مشكلة اللاجئين بصفتها من بؤر عدم الاستقرار المستمر في الدول العربية ومصدراً للاحتكاك المتواصل بين إسرائيل والعرب، ومجالاً محتملاً للاستقلال السوفياتي، هي مشكلة تتصل اتصالاً مباشراً بمصالحها القومية". وبناء عليه اقترحت الخارجية الأميركية حلاً يقوم على الآتي: "الانتقال بالتعامل مع المشكلة من أساس الإغاثة الى تسوية محددة، تقوم على قبول إسرائيل مبدأ العودة لعدد متفق عليه، أو فئة متفق عليها من اللاجئين شرط أن يكونوا راغبين في العيش بسلام في إسرائيل وأن يظهروا لها ولاء تاماً. وأن تتم هذه العودة بالسرعة الممكنة، وأن تقوم حكومة إسرائيل بتقديم تعويض عادل عن الأملاك لمن لا يرغبون بالعودة أو للذين جرى التصرف بأملاكهم، مقابل توطين الباقي من اللاجئين في فلسطين العربية الضفة والقطاع والدول المجاورة وفق القدرة الاقتصادية لكل من هذه الأطراف على الاستيعاب". وواضح أن هذه السياسة لا تنظر الى الفلسطينيين كجماعة وطنية ذات حقوق سياسية، بل باعتبارهم لاجئين مشردين بحاجة الى مأوى وتأهيل. وإلى أن يتم ذلك لا بد من العناية بهم حتى يمكن حل النزاع العربي - الإسرائيلي وبما يتيح للولايات المتحدة صون مصالحها وتحالفاتها في المنطقة وإسرائيل. واتبع رؤساء الولاياتالمتحدة اللاحقون السياسات ذاتها. فإدارة ايزنهاور، على سبيل المثال، وفي تقرير لخارجيتها الى لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي 1953 تصف قضية اللاجئين فتقول: "إن مشكلة اللاجئين هي القضية الرئيسية غير المحلولة بين العرب وإسرائيل. فالقضايا المعلقة تدرج عموماً على أنها تعويض اللاجئين وعودتهم وتعديل الحدود ومركز القدس والأماكن المقدسة. وما من قضية من هذه القضايا يمكن فصلها عن مشكلة اللاجئين". واستناداً الى الخلفية السياسية في المعالجة الأميركية للفلسطينيين "باعتبارهم لاجئين يستحقون حقوقاً إنسانية معينة، لكنهم ليسوا جماعة قومية لها الحق في تقرير مصيرها السياسي والسيطرة عليه" تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وكالة الأونروا استجابة لتوصية من بعثة مسح اقتصادي الى المنطقة بتكليف من لجنة التوفيق الخاصة بفلسطين. وكانت مسؤوليات "الأونروا" وضع خطط لدمج اللاجئين الفلسطينيين في المجتمعات المضيفة ومدهم بالإغاثة قصيرة الأجل. ومع أن الموازنات التي رصدت للوكالة لم تكن تفي بالغرض الذي من أجله انشئت، إلا أن مساهمة الولاياتالمتحدة في مدها بالمال كانت "سخية" وبلغت سنوياً حوالى 70 في المئة من مجموع موازنتها. وأوضحت النتائج لاحقاً أن الوكالة فشلت في تحقيق الأهداف البعيدة التي من أجلها انشئت تأهيل اللاجئين لدمجهم في المجتمع المضيف. لكنها نجحت في المقابل في تحقيق خطوات واسعة على طريق توفير الاستقرار للاجئين، وللدول المضيفة خصوصاً لبنانوالأردن اللذين تربطهما بالولاياتالمتحدة علاقات خاصة. وتبدي واشنطن حرصاً على توفير الهدوء للنظام القائم في كل منهما. وعلى هذه الخلفية توقف الكونغرس الأميركي مطلع الستينات ليحاكم الدور الأميركي في دعم "الأونروا" وتمويلها وليجري مقاربة بين الأهداف المتوخاة وتلك المحققة. واستنتج أن "الأونروا" عجزت عن القيام بالمهمة السياسية الخاصة بها كما أن المساعدات الأميركية لم تنجح حتى في ترميم صورة واشنطن في أعين العرب والفلسطينيين. وكان الكونغرس يشير بذلك الى نهوض الحركة القومية العربية وسيادة التيار الناصري في المنطقة ومن موقع الصراع مع السياسة الأميركية والاحتكاك بها. وفي مراجعة لوسائل إغاثة اللاجئين من أجل تأهيلهم وتوطينهم توصلت الدوائر الأميركية الى الاستنتاج "أنه لا يمكن إلا من خلال صندوق مالي كبير للتنمية الاقتصادية تحقيق امتصاص تدريجي لهؤلاء اللاجئين من دون إثارة مضاعفات سياسية تفيد أن تسوية هذه المشكلة كانت هي السبب الرئيس وراء إنشاء مثل هذا الصندوق". وفي ذلك اعتراف بعجز وكالة الغوث في صيغتها القائمة آنذاك عن تحقيق الأهداف التي كانت تطمح لها السياسة الأميركية إزاء قضية اللاجئين. مع منتصف الستينات شهدت القضية الفلسطينية تطوراً حين قررت القمة العربية تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية على طريق بعث الكيان السياسي للشعب الفلسطيني. وتعزز هذا الاتجاه مع انطلاقة مرحلة العمل المسلح الفلسطيني وتداعياته. ومع هزيمة حزيران يونيو 1967، نمت الشخصية الوطنية الفلسطينية وتطورت، وانعكس ذلك، على مستويات مختلفة، اعترافاً بالكيانية السياسية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك اعتراف الأممالمتحدة نفسها بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. وبقيت الولاياتالمتحدة وإسرائيل في موقع الرافض لمثل هذا الاعتراف، الى أن كانت الانتفاضة التي فرضت على واشنطن وتل أبيب إعادة النظر بموقفها وصولاً الى الإقرار بالكيانية السياسية للشعب الفلسطيني. لكن بقي هذا الإقرار منقوصاً واقتصر على الاعتراف بسكان الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارهم يشكلون الشعب الفلسطيني. أما فلسطينيو "الخارج" فظلوا مجرد لاجئين تحتاج قضيتهم الى حل ما. تمثل هذا الأمر واضحاً في الشروط الإسرائيلية لتشكيل الوفد الفلسطيني الى مؤتمر مدريد، حين فرضت تل أبيب أن يكون في عداد الوفد الأردني وتحت مظلته، وألا يضم لاجئاً فلسطينياً واحداً من الشتات. كما تمثل الأمر نفسه في رفض إسرائيل مناقشة قضية اللاجئين وإحالتها الى مفاوضات الحل النهائي. وفي إطار "المتعددة" أصر الوفد الإسرائيلي على حصر النقاش في قضية اللاجئين في جوانبها الانسانية والمعيشية وتنحية الموضوع السياسي جانباً وإسقاط القرار 194 من جدول الأعمال. ولقيت هذه المواقف والسياسات الإسرائيلية دعماً أميركياً، في ظل تنامي قوة الطرف الإسرائيلي وتراجع في قوة الطرف العربي. وانعكست السياسة الأميركية هذه في الموقف من القرار 194، الذي يكفل للاجئين الفلسطينيين حقهم في العودة. فبعد أن كانت الولاياتالمتحدة، وفي كل عام، تتبنى في الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروعاً لتجديد العمل بالقرار المذكور، يلقى إجماع الدول الأعضاء - باستثناء امتناع إسرائيل عن التصويت - صارت تزعم أن التمسك بالقرار بات، بعد التوقيع على اتفاق أوسلو، يشكل استباقاً للعملية التفاوضية. وأخذ مندوب الولاياتالمتحدة في الجمعية العامة يمتنع عن التصويت على القرار 194. مما أتاح لإسرائيل أن تصوت ضده، متجاوزة بذلك ارتباط عضويتها في الأممالمتحدة بموقفها من القرار المذكور راجع نص القرار 237 الخاص بقبول إسرائيل عضواً في الأممالمتحدة. وشجعت الخطوة الأميركية العديد من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة لاتخاذ موقف جديد من القرار 194 فبعضها بدأ يتغيب عن جلسة التصويت عليه، والبعض الآخر لم يجد غضاضة في الامتناع عن التصويت. ومع أن الجمعية العامة كانت تصادق على القرار سنوياً، إلا أن قيمته السياسية بدأت بالتآكل، وصار عرضة لخطر الشطب والإلغاء. وربطاً بوكالة الغوث، دفعت الولاياتالمتحدة لجنة اللاجئين في "المتعددة" لتبني ما سمي ب"مشروع تطبيق السلام" P.I.P. الذي أحيل تنفيذه الى "الأونروا" بغرض التنمية الاجتماعية لأوضاع اللاجئين في قطاع غزة خصوصاً، في إطار مشاريع التأهيل. ورصدت للمشروع "موازنات سخية" على حد تعبير المفوض العام للأونروا، في وقت ما زالت فيه هذه المنظمة الدولية تشكو من عجز مالي هيكلي وصل الى 70 مليون دولار، وتلجأ سنوياً الى إعادة النظر بمحددات وتعريفات خدماتها، والعمل على تقليصها، ودوماً بذريعة عدم توافر التمويل اللازم. والغريب أن يتبنى الأميركيون مشروع المئة بليون لتوطين اللاجئين، وأن تعجز الدول المانحة، مجتمعة عن توفير مبلغ 40 مليون دولار لسد العجز السنوي في موازنة "الأونروا"، وإعادة خدماتها الى ما كانت عليه قبل 13/9/1993، اي موعد توقيع اتفاق أوسلو وإطلاق "مشروع تطبيق السلام" المشار إليه. وليست مصادفة أن نقرأ ملامح المشروع الأميركي في اقتراح لحل قضية اللاجئين، يتبناه وزير خارجية إسرائيل آنذاك وأحد كبار مهندسي اتفاق أوسلو، شمعون بيريز في كتابه الشهير "زمن السلام" راجع الفصل الثالث عشر من الطبعة الفرنسية للكتاب. كما نقلت "الحياة" 25 حزيران 2000 في نبأ لها من واشنطن ان رئيس الوفد الإسرائيلي الى مفاوضات الحل النهائي في ستوكهولم ثم في واشنطن الوزير شلومو بن عامي عقد اجتماعات مع قيادات في الكونغرس الأميركي "من أجل تأمين دعم مالي لاتفاق فلسطيني - إسرائيلي حول اللاجئين". ونقلت "الحياة" عن مصادر ديبلوماسية "أن المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين توصلوا الى اتفاق اولي في قضية اللاجئين"، وبحسب المصادر فإن الاتفاق، كما أشارت له "الحياة" يتقاطع في العديد من نقاطه مع ما كان أورده المحلل الإسرائيلي ناحوم برنياع في "يديعوت احرونوت" حول الورقة الأميركية للحل، خصوصاً حول مسألة عودة دفعة من اللاجئين الى إسرائيل في إطار جمع الشمل، وتوطين الباقي في أماكن إقامتهم، في إطار مشروع دولي للتنمية الاقليمية برأسمال ضخم. بدوره، ومن موقعه مستشاراً اقتصادياً لرئيس السلطة الفلسطينية، يعلن محمد رشيد وهو عضو في الوفد الفلسطيني الى كامب ديفيد أن الوفد يعتزم أن يطلب مبلغ 40 بليون دولار في إطار التسوية الدائمة لتعويض لاجئي 1948 ولتطوير البنية التحتية في مناطق السلطة الفلسطينية هآرتس - 9/7/2000 كما نقل على لسان وزير التخطيط في السلطة الفلسطينية نبيل شعث أن السلطة تنوي في وقت لاحق أي بعد إعلان الدولة إنشاء وزارة جديدة "للاستيعاب والبنى التحتية". ويذكر ذلك بوزارة الاستيعاب والبنى التحتية الإسرائيلية التي من وظيفتها استقدام المهاجرين اليهود الى إسرائيل وتأمين مقومات دمجهم في المجتمع اليهودي. مما أوحى أن عودة اللاجئين، وفقاً للأوراق والاقتراحات المتبادلة، وفي ضوء التصريحات المعلنة، ستكون لأراضي الضفة والقطاع وليس ل"الديار والممتلكات التي هجر منها أصحابها عام 1948" كما ينص ذلك قرار الأممالمتحدة. وتفيد بعض الأوساط المطلعة أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، في حال اتفقا نهائياً على الحل الأميركي لقضية اللاجئين جمع شمل لعدد محدود وعلى فترات زمنية متباعدة مقابل توطين الباقي سيعلنان أن ما تم التوصل إليه هو التطبيق العملي للقرار 194. وهكذا يتقدم الطرف الإسرائيلي المفاوض من القوى السياسية الإسرائيلية على أنه أسقط حق العودة، وبدوره يدعي الطرف الفلسطيني أنه نفذ وإن جزئياً القرار 194 وفقاً للظروف الراهنة، ويتفق الطرفان على إغلاق ملف اللاجئين بشكل نهائي. ولعلّ مثل هذا الحل يلتقي الى حد بعيد مع المادة الثامنة من معاهدة وادي عربة بين الجانبين الأردني والإسرائيلي التي دعت بعبارات صريحة الى حل قضية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن على قاعدة التوطين. إزاء هذه المخاطر المحتملة تبدو أهمية تحركات اللاجئين وتنظيمهم لصفوفهم مؤتمرات، مراكز ولجان عودة، مسيرات، اعتصامات، بيانات ونداءات ومذكرات لتأكيد التمسك بحق العودة ورفض الحلول المغايرة. وأكدت الوقائع عدم إمكان تحقيق تقدم على جبهة حل قضية اللاجئين إلا من خلال الاعتراف بجوهرها السياسي وضرورة الاستجابة للمشاعر السياسية للذين مضى على تشردهم خارج ديارهم أكثر من نصف قرن. * كاتب فلسطيني.