اذا كان تناقض الافادات الذي رافق موت مارلين مونرو سنة 1962 وألفيس بريسلي سنة 1977، أسهم في تغذية أخبار "المؤامرة" وراء موتهما، فإن موت الأميرة ديانا في آب اغسطس أيضاً، سنة 1997، كان أمام عدسة الصحافة العالمية، مع تحقيق طويل شامل من دون أخطاء، ومع ذلك فنظرية "المؤامرة" وراء موتها أشد منها مع مارلين أو ألفيس. المؤامرة كانت ستوجد حتى من دون جهود السيد محمد الفايد، مالك متجر هارودز الكبير في لندن، فعنده صفحة على الانترنت عن الأميرة ديانا وابنه دودي الذي قتل وسائق السيارة هنري بول، معها، في حادث معروف في نفق باريسي ليل 31 آب 1997. ومحمد الفايد يصر على أن ديانا ودودي لم يقتلا لأن السيارة انطلقت بسرعة هائلة فراراً من المصورين الصحافيين، وسائقها مخمور، وقد تعاطى حبوباً منومة، بل يقدم 21 سبباً تثبت في رأيه وجود مؤامرة. ولا يستطيع الانسان إلا أن يشعر بإشفاق على رجل فقد ابنه الشاب، غير أن نظريات محمد الفايد بلغت حداً من الشطط لا تحتاج معها الى جدل منطقي، وهو يتهم الأمير فيليب، أو المخابرات، بقتلها. وكنت أشبعت نظريات المؤامرة قتلاً أمس، وقبله مع مارلين مونرو وألفيس بريسلي، فأكتفي اليوم بأشياء عن حياة الأميرة وموتها. هي أميرة ويلز وملكة الأرقام القياسية، فقد شاهد زواجها في كاتدرائية سانت بول في 29 تموز يوليو 1981، على التلفزيون 750 مليون متفرج في 74 بلداً، وبيعت حاجات تذكارية عن الزواج بأكثر من بليون دولار. أما مراسم دفنها في 6 أيلول سبتمبر 1997، فقد شاهدها على التلفزيون 5،2 بليون نسمة حول العالم. ويقدر أن حوالى خمسة ملايين باقة ورد تزن ما بين 10 آلاف الى 15 ألف طن، وضعت خارج قصر سانت جيمس في لندن بين أول سبتمبر والثامن منه. ولم تتوقف الباقات إلا بعد نداء من أخيها اللورد سبنسر الذي رجا الناس أن يتبرعوا بثمن الزهور للجمعيات الخيرية التي كانت الأميرة الراحلة ترعاها. وكل من الأرقام السابقة قياسي في موضعه، وكذلك الآتي: - أغنية "شمعة في الريح" التي غناها ألتون جون في كنيسة وستمنستر خلال جنازة الأميرة ديانا بيع منها 33 مليون نسخة سنة 1997 وحدها، واحتلت المركز الأول بين الأغاني في كل بلد عنده سجل للأغنيات الرائجة، ونالت أكثر من 140 "ديسك بلاتيني" حول العالم. والأغنية صدرت في الأصل سنة 1973 وغناها ألتون جون في ذكرى مارلين مونرو. - بيع فستان لها في مزاد خيري في نيويورك بمبلغ 200 ألف دولار، وذلك قبل موتها. - بيعت كلمات "شمعة في الريح" موقعة من المغني في مزاد في نيويورك أيضاً بمبلغ 400 الف دولار. - باعت دار كريستيز برنامج مزاد لثيابها بمبلغ 50 ألف دولار. - كانت الأميرة ديانا وقعت على صورة ملكة في لعبة الشدة، من نوع القلب، لإحدى المضيفات، فبيعت الورقة، هذه في مزاد بمبلغ 213،83 دولاراً. - هناك 25 ألف انتاج تذكاري له علاقة بديانا حول العالم، مثل صور أو أكواب أو ملاعق أو مرايا، وما الى ذلك، يقدر دخلها السنوي بحوالى 240 مليون دولار. وكما أسلفت، فالأرقام السابقة قياسية كلها. وكنت كتبت أمس انني وجدت 462 كتاباً عن ألفيس بريسلي، و214 كتاباً عن مارلين مونرو. ومع أن الأميرة ديانا توفيت سنة 1997فقط، فهناك عنها حتى الآن 159 كتاباً، ما يعني أنها ستسبق ألفيس نفسه بعد بضع سنوات. وبعض الكتب عن ديانا كتبه مؤلفون معروفون، غير أن أكثرها كتبه معجبون ومعجبات، أو هواة هدفهم الوحيد الكسب السريع عن طريق الأميرة وذكراها. ووجدت بين المتوافر "قصة الحارس: ديانا وحادث الاصطدام والناجي الوحيد" من تأليف حارس دودي الفايد، الانكليزي تريفور ريس - جونز. وهو الكتاب الوحيد الذي كنت قرأت. أما الكتب الأخرى فضمت: - سيرة ذاتية لثياب ديانا أميرة ويلز. - يوم ماتت ديانا. - ديانا ودودي: قصة حب. - ديانا: قصتها الحقيقية بكلماتها الشخصية من تأليف أندرو مورتون، ولعل هذا أفضل كتاب عنها لأن الثابت انها قالت المنشور عنها في الكتاب. - ديانا: أميرة القلوب. - ديانا: أميرة الشعب. كانت ديانا محبوبة فعلاً والى درجة أن كانت أكثر امرأة صورتها الصحافة في التاريخ فسبقت بأشواط مارلين مونرو وغريس كيلي. وشعبيتها هذه صمدت أمام فضائحها المتلاحقة، وقد بدأت لتوي قراءة كتاب جديد عنها هو "ديانا: حبها الأخير" يؤكد أنها أحبت الطبيب حسنات خان، واستعملت دودي لمجرد اغاظته. لا أعرف اذا كان هذا صحيحاً، وإنما أعرف أنه لن يؤثر شيئاً في سمعة ديانا لدى المعجبين بها، لذلك ستستمر "صناعة ديانا" كما استمرت حتى اليوم "صناعة مارلين" و"صناعة ألفيس"، وكلهم مات في مثل هذا الشهر وترك ألف نظرية "مؤامرة" حيّة وراءه.