كشف البنك الدولي عن تراجع كبير في إجمالي قروض التنمية المعتمدة لصالح البلدان العربية في السنة المالية 2000. كما شهدت عمليات إقراض الدول النامية عموماً في الفترة نفسها انخفاضاً أكبر عزاه مسؤولو المنظمة الدولية إلى إنتعاش الاقتصاد العالمي ونجاح الاصلاحات الاقتصادية في تسهيل عودة "الكثير" من الاقتصادات الناشئة إلى أسواق رأس المال. وذكر تقرير أصدره البنك الدولي في وقت متأخر من مساء اول من أمس عن نتائج أعماله للسنة المالية المنتهية في 30 حزيران يونيو أن إجمالي قيمة القروض التنموية والاعتمادات التي التزم البنك تقديمها للدول العربية في السنة المشار إليها بلغ نحو 950 مليون دولار، مسجلاً تراجعاً بنسبة 42 في المئة عن السنة المالية 1999، حين بلغت قيمة القروض العربية زهاء 6.1 بليون دولار. واستنفدت قروض البنك الدولي، التي تحسب فوائدها وفق المعدلات السائدة في السوق، الجزء الأعظم من إجمالي الالتزامات المعتمدة للدول العربية في السنة المالية 2000، إذ بلغت قيمتها أقل من نحو 800 مليون دولار، مقارنة بنحو 2.1 بليون دولار في السنة المالية 1999، بينما لم تتعد قيمة القروض الميسرة التي تحصل عليها الدول الفقيرة من المؤسسة الدولية للتنمية بشروط مخففة وآجال طوال، مبلغ 200 مليون دولار، مقابل 440 مليوناً في العام الفائت. لكن البنك أشار في تقريره إلى حدوث انخفاض عام في التزاماته التمويلية تجاه الدول النامية في السنة المالية 2000، إذ تراجع إجمالي القروض المعتمدة لصالح هذه البلدان إلى 3.15 بليون دولار مقابل 29 بليوناً في السنة المالية 9919، ما يعادل انخفاضاً بنسبة تناهز 47 في المئة. كما تراجع إجمالي حجم القروض الممنوحة في العام الماضي إلى 5.18 بليون دولار مقارنة بنحو 24 بليوناً عام 8919. وأوضح مسؤولو البنك في تقريرهم أن الانتعاش الذي حققه الاقتصاد العالمي في الأشهر ال12 الأخيرة ساهم بقوة في انخفاض حجم الاقراض إذ أن "الكثير من الاقتصادات الناشئة استعاد أهليته للاستفادة من أسواق المال العالمية بفضل تطبيق اصلاحات اقتصادية ناجعة"، مشيرين إلى أن إجمالي إقتراض الدول التي تأثرت بالأزمة المالية وهي كوريا الجنوبية والأرجنتين واندونيسيا والبرازيل وروسيا انخفض إلى أقل من بليوني دولار في السنة المالية 2000 بعدما بلغ 13 بليون دولار في السنة المالية 1999. وطاول التراجع كل من قروض البنك الدولي التي انخفضت قيمتها الاجمالية من زهاء 22 بليون دولار في السنة المالية 1999 إلى 9.10 بليون دولار في السنة المالية 2000، وكذلك القروض الميسرة المعتمدة من قبل المؤسسة الدولية للتنمية التي انخفضت من 8.6 بليون دولار إلى 4.4 بليون. وانعكس تراجع الاقراض على مساهمة البنك في تمويل المشاريع التي انخفض عددها من 131 مشروعاً في السنة المالية 2000 إلى 9719 مشروعاً في السنة المالية 1999. وانخفض أيضاً عدد المشاريع التي ساهمت المؤسسة الدولية للتنمية في تمويلها في فترة المقارنة من 145 إلى 126 مشروعاً، وأرجع مسؤولو البنك سبب هذا الانخفاض إلى الظروف الخاصة التي مرت بها بعض الدول الفقيرة لا سيما الحروب الأهلية وانعدام الاستقرار. بيد أن مسؤولي البنك ذكروا أن انخفاض حجم الاقراض قابله إرتقاء في جودته أمكن تحقيقه بتشديد متطلبات الاعداد والانتقاء والاشراف على المشاريع التنموية، مشيرين إلى أن حصة المشاريع المعرضة لاحتمال الفشل في تحقيق أهدافها التنموية إنخفض إلى 15 في المئة من العدد الاجمالي للمشاريع في السنة المالية 2000، مسجلة تراجعاً بمقدار النصف مقارنة بالسنة المالية 1996. وأضافوا ان تراجع عمليات الاقتراض يعكس أيضاً اتجاهاً لدى زبائن كل من البنك الدولي والمؤسسة الدولية للتنمية لتلبية حاجاتهم المتزايدة في مجال دعم قطاعات الخدمات وادارة القطاعات العامة وبناء المؤسسات، ما يعني التركيز على المشاريع الصغيرة أكثر من مشاريع البنية التحتية الضخمة التي يلعب فيها القطاع الخاص دوراً متنامياً. وانفردت دول أميركا الجنوبية وبحر الكاريبي بأكبر حصة من القروض المعتمدة من قبل البنك 9.3 بليون دولار وثاني أكبر انخفاض في حجم الاقتراض بينما حصلت الدول الأفريقية على أكبر حصة من القروض الميسرة 1.2 بليون دولار لتمويل أكبر عدد من المشاريع 69 مشروعاً وسجلت الدول العربية ثاني أصغر حصة من قروض البنك والمؤسسة وأقل عدد من المشاريع 18 مشروعاً. وافتتح مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي سنته المالية الجديدة 2000-2001 بالموافقة على قرض للبنان بمبلغ 80 مليون دولار يستخدم لتمويل سلسلة من المشاريع التي تهدف إلى تحسين المرافق العامة والخدمات البلدية في كل المناطق اللبنانية ومن ضمنها المناطق المحررة في الجنوب. وتبلغ الكلفة الاجمالية لهذه المشاريع نحو 100 مليون دولار. وكان المجلس وافق على قرض بمبلغ 6.56 مليون دولار لتمويل مشروع لتطوير التعليم العام في لبنان في آذار مارس الماضي. وشملت القروض الأخرى المعتمدة لصالح الدول العربية في السنة المالية 2000 قرضين لتونس بمبلغ 200 مليون وثلاثة قروض للجزائر بمبلغ 97 مليوناً واعتمادين لليمن بمبلغ 105 ملايين وقرضاً لمصر بمبلغ 50 مليوناً وقرضاً للأردن بمبلغ 35 مليوناً واعتماداً بمبلغ 5.7 مليون للضفة الغربية وقطاع غزة التي حصلت أيضاً على منحة سعودية بواسطة البنك الدولي بمبلغ 20 مليوناً. وأكد مصدر في البنك الدولي ل"الحياة" أن انخفاض حجم إقتراض الدول العربية في السنة المالية 2000 يعكس رغبة هذه الدول في التركيز على مشاريع الخدمات العامة ولا سيما التعليم والمياه والصرف الزراعي وتطوير أنظمة الوقاية من الكوارث الطبيعية، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الاقتراض العربي سجل في السنة المالية 1999 رقماً قياسياً لم يسجله منذ 1996. وتعتبر السنة المالية 2000 استمراراً لتوجه يتمثل في تركيز الدول العربية على الاقتراض لتمويل مشاريع قطاعات الخدمات. وبلغت حصة هذه القطاعات في السنة المالية 1999 زهاء 32 في المئة من إجمالي القروض المعتمدة في السنة المذكورة، ويلي الخدمات على سلم أولويات التمويل باستخدام قروض البنك الدولي قطاع الزراعة ثم مشاريع البنية التحتية ومشاريع التنمية البشرية الكهرباء والمياه والنقل والصحة وقطاع المال وأخيراً قطاعات الصناعة والتعدين والنفط والغاز والسياحة. يشار إلى أن الدول العربية المتاح لها الاقتراض من البنك الدولي تشمل الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس والضفة الغربية وقطاع غزة واليمن وسورية