دخلت القوى السياسية الكويتية على قناة الخلاف المستتر بين أقطاب الحكومة، وأصدر "المنبر الديموقراطي" بياناً حذّر من "أزمة سياسية عميقة وشاملة"، على خلفية الاستقالة المعلقة لوزير الدفاع الشيخ سالم الصباح، في حين تخوف نواب من تعطل جلسات مجلس الوزراء، وعرقلة أعمالها في ضوء استمرار الخلاف. قال النائب عبدالله النيباري الناطق باسم "المنبر الديموقراطي" في بيان اصدره أمس: "نتابع بقلق ما شهدته الساحة السياسية من تطورات مؤسفة، بخاصة حال التأزم في العلاقة بين أقطاب الحكومة والتي كشفتها الاستقالة الأخيرة لوزير الدفاع، وما لحقها من ذيول وتداعيات لا تزال مستمرة". ورأى ان استمرار الأزمة "له آثار سلبية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وهو أدى الى تكريس حال من الشلل والجمود، وفاقم المشكلات العامة ... ناهيك عما تلحقه من ضرر بقضية الأمن الوطني في هذا الوقت الحرج، الذي تواجه فيه الكويت حملة التصعيد المفتعلة من النظام العراقي". وكان الشيخ سالم قدم استقالته الى الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح قبل اسبوعين، إثر خلاف مع وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد على بعض المواضيع، ولم يبت الأمير الاستقالة، ونسب الى الشيخ سالم انه يطالب بتحديد الصلاحيات داخل مجموعة الوزراء المنتمين الى الأسرة الحاكمة، لا سيما الأقطاب الثلاثة الكبار. ورأى النيباري انه "لم يعد ممكناً تجاهل هذه الأزمة وإرجاء معالجتها، كما لم يعد مقبولاً التعامل معها كأزمة شخصية أو عائلية، لأنها في جوهرها أزمة سياسية تعنينا جميعاً" ودعا الى إشراك مجلسي الوزراء والأمة والكتل السياسية في مناقشة الأزمة "وصولاً الى اتخاذ ترتيبات مناسبة على مستوى انتقال المسؤوليات، وتوزيع الاختصاصات وتكليف إدارة سياسية جديدة". جلسات الحكومة وجاء بيان "المنبر" بعد أيام قليلة على الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، التي شهدت انعكاس "أزمة الأقطاب" عليها، وأفادت مصادر برلمانية ان الجلسة تأخرت عن موعدها الصباحي بسبب امتناع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح عن الحضور، ثم استدعى الأمر مثوله مع النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد أمام الأمير في اجتماع مغلق، وبعد ذلك انعقدت جلسة المجلس، لكنها كانت وفقاً للمصادر ذاتها، قصيرة مقتضبة في مناقشاتها، كما تغيب عنها الشيخ سالم. ويخشى نواب ان تعاني جلسات مقبلة لمجلس الوزراء اجواء الأزمة "فتصبح الحكومة مشلولة عاجزة عن التخطيط والتواصل مع مجلس الأمة البرلمان، مما ينعكس على أداء الدولة"، كما قال أحد النواب ل"الحياة". وأضاف: "ان خلافاً بين الشيخ سعد والشيخ صباح يلقي ظلاله على أعمال الحكومة منذ عقدين من الزمن، وهو أدى في بعض الحالات الى تقديم الشيخ صباح استقالته وخروجه من الكويت في اجازة مفتوحة، ولكن مع تمتع الشيخ صباح بمزيد من الصلاحيات والمسؤوليات في إدارة عمل الحكومة، انتقلت المشكلة الى الشيخ سالم وزير الدفاع الذي صار يطالب بمزيد من الصلاحيات وبمعاملته كركن من أركان الحكم لا كمجرد عضو في الحكومة". وكان المرض الذي أصاب الشيخ سعد قبل سنتين، وتطلب خضوعه لعملية جراحية صعبة، احتاج الى وقت طويل ليتعافى منها، سبباً دفعه الى تخفيف التزاماته وساعات عمله ضمن مجلس الوزراء، وتفويض الشيخ صباح الأحمد جزءً من مسؤوليات رئيس الحكومة. لكن الشيخ سعد بدأ يظهر في الأسابيع الأخيرة رغبة في العودة لمزاولة نشاطه القديم، وهو قام بزيارات وجولات على بعض المرافق، كما أخبر نائباً انه سيعاود حضور الجلسات البرلمانية مما يعني - عملياً - سحب التفويض من الشيخ صباح الأحمد. ويعيق هذا الغموض في تحديد الصلاحيات والأدوار تعديلاً، طال انتظاره، في تشكيل الحكومة التي كانت - لدى اعلانها بعد الانتخابات في تموز يوليو 1999 - مجرد توليفة موقتة نتجت عن الصورة الجديدة لمجلس الأمة بعد الانتخابات النيابية التي افرزت غالبية من المعارضة.