ذكرت مصادر حكومية وبرلمانية في الكويت أمس ان وزير الدفاع الشيخ سالم الصباح عدل عن الاستقالة الشفوية التي كان أبلغها الى الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح وولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح، أول من أمس، والتي جاءت لتعبر عن "استمرار حال عدم الانسجام بين أقطاب الحكومة" بحسب تعبير نائب في مجلس الامة. ورفض الشيخ سالم التحدث عن الموضوع مع صحافيين التقوه مساء أمس. وكان الشيخ سالم أبلغ صحيفة "القبس" أمس أنه قدم استقالته للأمير وولي العهد "حفاظاً على وحدة الصف الحكومي". وقال انه "مصرّ عليها" وجاءت نتيجة لقناعاته، لكنه أضاف ان الأمير وولي العهد طلبا منه التريث و"أنا متريث". ونسبت الصحيفة الى مصادر حكومية أن سبب استقالة الشيخ سالم هو خلافات متكررة بينه وبين النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد، على بعض المسائل، بسبب تصريحات للوزير اعتبرها الشيخ صباح غير معبرة عن الموقف الحكومي، خصوصاً إعلانه أخيراً استعداده للحوار المباشر مع العراق في شأن موضوع الأسرى الكويتيين، وهو ما نفى الشيخ صباح بشدة أن يكون موقفاً رسمياً للحكومة الكويتية. وأشارت "القبس" الى أن الشيخ سالم ساهم في تسهيل خروج طفلتين لأب مصري وأم ايطالية مع أمهما من السفارة الايطالية في الكويت، حيث كن لاجئات هناك، الى روما، على رغم حصول الأب على حكم قضائي كويتي بحقه في حضانة ابنتيه. وتم ذلك من دون علم الخارجية الكويتية. وهناك خلافات على مسائل أخرى، بينها تضارب الترشيحات من الشيخ صباح ومن الشيخ سالم لشغل بعض المناصب الحكومية، وإعطاء وزير الدفاع وعوداً لعاملين في وزارته حول بعض المزايا، أثارت امتعاض الشيخ صباح لأنها لا تتفق مع السياسة المالية للحكومة. ولا يتوقع ان تكون عودة الشيخ سالم عن استقالته خاتمة الخلافات بين اطراف الحكومة، خصوصاً أن الخلاف الاخير فرع من الخلاف الأكبر بين جناحي الاسرة الحاكمة، وهما الأكثر نفوذاً فيها. وكان هذا الخلاف أكثر وضوحاً خلال سنوات مضت، لكن الحال الصحية غير المواتية للشيخ سعد أدت الى تركيز المسؤولية في يد الشيخ صباح، الذي غدا المدير اليومي لأعمال الحكومة، فبدأت الخلافات مع الشيخ سالم تظهر للسطح. وشغل الشيخ سالم منصب وزير الدفاع عام 1978 في الحكومة التي تلت وفاة والده الأمير السابق الشيخ صباح السالم الصباح، ثم منصب وزير الداخلية عام 1987 حتى الغزو العراقي عام 1990. وبعد الغزو تشكلت حكومة آثر صباح الأحمد عدم المشاركة فيها فحصل الشيخ سالم على منصب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، لكنه سرعان ما خسره بعودة الشيخ صباح للحكومة في تشرين الأول اكتوبر 1992، فآثر أن يبقى خارج الحكومة مكتفياً بمنصب رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين في العراق، حتى عودته عام 1996 وزيراً للدفاع. وقال مصدر برلماني ل"الحياة" ان استقالة وزير الدفاع تعبير جديد عن "حال عدم الانسجام بين أقطاب الأسرة الحاكمة المشاركين في الحكومة". وأضاف ان "هذه المشكلة ليست جديدة ولن تنتهي قريباً، وبسببها هناك أزمة مزمنة في العمل الحكومي". ورأى ان التفويض الذي منحه الشيخ سعد للشيخ صباح العام الماضي لإدارة بعض الملفات المهمة في الدولة، بسبب مرض الأول "بدأ يتآكل ويتلاشى، والتعديل الوزاري المنتظر منذ فترة لا يجري لأنه ليس واضحاً من هو المدير للفريق الحكومي".