في الوقت الذي كان العالم كله يبدي ذهوله إزاء التطور الخطير في الاحداث التشيكوسلوفاكية، والتي ادى تفاقمها الى دخول قوات حلف وارصو وفي اساسها قوات الجيش الاحمر السوفياتي طبعاً الى الاراضي التشيكية من اجل قمع ما كان يسمى في ذلك الحين ب"ربيع براغ"، كان لا بد لموسكو من ان تتحدث عن الامر بشكل او بآخر، وعلى الاقل من اجل طمأنة حلفائها في العالم، وتبرير التدخل. ومن هنا كان لافتاً ان تنشر وكالة "تاس" السوفياتية الرسمية للأنباء بياناً يتحدث عن التدخل، في عبارات كانت كما هو متوقع، تسير على تيار كل ما كان العالم ينظر به الى تلك الاحداث، علماً ان الكثير من الاحزاب الشيوعية الغربية وقفت في ذلك اليوم تشاطر العالم نظرته الغاضبة الى ما يحدث. بيان "تاس"، نشر يوم 21 آب اغسطس 1968 اي في صبيحة اليوم التالي للغزو وجاء فيه تحت شعار يقول ان ما قامت به قوات وارصو انما هو امر "يخدم قضية السلام": "لقد طلب رجال دولة وقياديون في الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي من الاتحاد السوفياتي ومن غيره من الدول الحليفة، ان تهرع لمساعدة الشعب التشيكوسلوفاكي الشقيق عبر تقديم دعم عسكري له. ولقد دعا الى تقديم هذا الطلب، الخطر الذي تمثله القوى المعادية للثورة والتي تتحرك بالتوافق مع القوى المعادية للاشتراكية، ضد النظام الاشتراكي القائم في تشيكوسلوفاكيا، وينص دستور البلاد على وجوده. ان احداث تشيكوسلوفاكيا قد ادّت، ومرات عدة الى تبادل قادة الدول الاشتراكية الشقيقة الرأي في ما بينهم - ومن ضمنهم القادة التشيكوسلوفاكيون. ولقد رأت هذه البلدان بالاجماع ان دعم المكتسبات الاشتراكية وتعزيزها والدفاع عنها، واجب اممي ينبغي على البلدان الاشتراكية كلها القيام به. وهذا الموقف المشترك للبلدان الاشتراكية تم اعلانه، عالياً، عبر "تصريح براتيسلافا". والحال ان تفاقم التوتر في تشيكوسلوفاكيا، يطاول المصالح الحيوية للاتحاد السوفياتي ولغيره من بلدان المجموعة الاشتراكية، كما يمس مصالح المجموعة الاشتراكية وأمنها. كما ان التهديد المحيق بالنظام الاشتراكي في تشيكوسلوفاكيا، يمثل تهديداً لاسس السلام في اوروبا نفسها. "ومن هنا، فان الحكومة السوفياتية، وحكومات البلدان الحليفة جمهورية بلغاريا الشعبية، جمهورية هنغاريا الشعبية، جمهورية المانيا الديموقراطية، وجمهورية بولندا الشعبية وبالتطابق مع مبدأ الصداقة الراسخة والتعاون، وكذلك بالتطابق مع الواجبات التي تفرضها المعاهدات المعقودة، قررت ان تستجيب الى طلب المساعدة العاجلة الذي قدمه الشعب التشيكوسلوفاكي. ومن البديهي ان هذا القرار يتماشى كلياً مع حق الامم في الدفاع عن نفسها فردياً وجماعياً، وهو ما نادت به دائماً معاهدات التحالف المعقودة بين الدول الاشتراكية الشقيقة. وهو يستجيب كذلك الى المصالح الحيوية لبلداننا ذات الحق في الدفاع عن السلام في اوروبا ضد قوى النزعة العسكرية والعدوان والثأر، والتي استثارت مرات عدة في الماضي حروباً بين الشعوب"، وفي الوقت الذي قالت وكالة "تاس"، من ناحية إخبارية بحتة ان وحدات عسكرية سوفياتية تصحبها وحدات من البلدان الاشتراكية المذكورة قد دخلت يوم 21 آب الاراضي التشيكوسلوفاكية، اكدت ان هذه الوحدات سوف تغادر الاراضي التي دخلتها ما ان تزول التهديدات القائمة في وجه المكتسبات الاشتراكية في تشيكوسلوفاكيا، وضد امن المجموعة الاشتراكية، واخيراً حين ترى السلطات الشرعية في تشيكوسلوفاكيا ان وجود هذه القوات لم يعد ضرورياً. وختم بيان "تاس" يقول إن هذا "التحرك ليس موجهاً ضد اية دولة من الدول ولا يحاول ان يسيء الى مصالح اية دولة مهما كان شأنه. بل انه تحرك يخدم قضية السلام املاه هم تعزيز هذا السلام وتوطيده. وان البلدان الشقيقة انما تنتفض اليوم وبقوة وحزم ضد اي تهديد خارجي، حيث انه لن يُسمح ابداً لاي كان ان يحاول انتزاع حلقة من حلقات السلسلة الاشتراكية" الصورة: الجيش الاحمر في براغ.