نعى الوسط الفني السعودي والعربي امس الفنان السعودي طلال مداح الذي وافته المنية اثر هبوط حاد في القلب واصابته بنوبة قلبية مفاجئة فجر امس اثناء تقديمه وصلته الغنائية الاخيرة على خشبة مسرح المفتاحة في ابها - جنوب السعودية - ضمن حفلات مهرجان ابها 21. وذكرت وكالة الانباء السعودية التي نقلت النبأ انه توفي عن عمر يناهز الستين عاماً اثناء مشاركته فى برنامج التنشيط السياحى بمنطقة عسير. ونقل جثمان الفنان الراحل صباح امس الى مطار الملك عبدالعزيز الدولى في جدة على متن احدى طائرات الخطوط الجوية العربية السعودية0 وذكرت مجموعة من الفنانين المشاركين في المهرجان ان طلال مداح اصيب ظهر اول من امس بانخفاض في الضغط نقل على اثره الى المستشفى، ونصحه الاطباء بعدم الغناء الا انه اصر على تقديم وصلته "لاسعاد الجماهير". وعلى رغم انه تناول دواء خاصاً بالقلب قبل صعوده الى المسرح فإن قلبه لم يصمد. وسقط مطرب السعودية الاول عند بدئه موال "الله يرد خطاك لدروب خلانك"، وهي من اغانيه القديمة التي كتبها الامير الشاعر بدر بن عبدالمحسن ولحنها سراج عمر وكلاهما من رفقاء مشوار طلال مداح الفني الذي امتد لأكثر من اربعين عاماً. وعلى الفور أعيد الى مستشفى عسير على بعد 300 متر من المسرح وتوفي بعد ساعة من دخوله حجرة العناية المركزة. ولد طلال بن عبد الشيخ الجابري، وهو اسمه، في مكةالمكرمة عام 1940 ولم يكمل تعليمه فآثر العمل في مكتب البريد في الطائف كأول وظيفة له. واكتسب لقب المداح من زوج خالته الذي تولي تربيته بعد وفاة والديه. بدأ مشواره الفنى منذ عام 1953، وهو ابن 14 ربيعاً، بأغنية "وردك يا زارع الورد" التي بثتها الاذاعة السعودية، وانتهى المشوار امس بما يقارب 1200 اغنية. وكان له العديد من المشاركات فى المناسبات الوطنية مثل الجنادرية ومهرجانات الصيف. ولا ينسى السعوديون ان للفنان الراحل اكثر من 80 اغنية وطنية، اشهرها "وطني الحبيب" التي انطبعت في وجدان عشاقه وستبقي في ذاكرتهم حتي وفاته. لحن طلال مداح نحو 300 اغنية لنفسه ولغيره من الفنانين السعوديين والعرب. وقال الفنان السعودي عبدالله رشاد ل "الحياة" ان الراحل كان الفنان السعودي الوحيد الذي لحن له الراحل محمد عبدالوهاب اغنية هي "ماذا اقول". واعتبر رشاد وفاة طلال مداح "خسارة كبيرة للوسط الفني العربي" الذي اطلق عليه لقب "قيثارة الشرق" لعذوبة صوته الذي يصنفه النقاد ضمن الاصوات الماسية. وسبق لطلال مداح ان تعامل مع الملحنين العرب الكبار من امثال بليغ حمدي ومحمد الموجي. وهو امتلك شركة "رياض فون" لتسجيل وبيع الاسطوانات بالمشاركة مع الفنان الراحل لطفي زيني. وقال أحد مساعدي الفنان محمد عبده انه تلقى النبأ وهو خارج السعودية بألم كبير، واجهش بالبكاء على الهاتف ولم يقو على الكلام او التعبير. كان عبده رفيقاً لطلال ومنافسه الوحيد علي قمة الطرب السعودي. كان آخر ظهور تلفزيوني للفنان الراحل في لقاء فني جمعه بالناقد والكاتب الصحافي يحيى مفرح زريقان الذي يملك اكبر مكتبة سمعية لاسطوانات طلال مداح. وتم الاتفاق خلالها على ان يؤلف يحيى كتاباً جامعاً عن المسيرة الفنية للراحل. وفي القاهرة قال الشاعر الغنائي المصري عبدالسلام أمين، الذي كان قريباً من الراحل، إن طلال مداح كان "صوتاً عربياً مميزاً بل متفرداً حتى انك عندما تستمتع إليه تعرف للوهلة الاولى أن هذا هو صوت طلال المداح. وهذه صفة مهمة جداً وضرورية للمطرب، أن يكون ذا شخصية مميزة". واضاف: "طلال مداح يذكرني أو يجعلني اشعر بأنه امتداد للاصوات القديمة التي سمعتها بعيني على الورق في كتاب "الاغاني" للاصفهاني مثل معبد وابن سريج واسحاق الموصلي". ولاحظ انه "كان يهتم بغناء القصيدة الفصحى، وهذا من أهم ما كان يميزه، الى جانب اتقانه العامية المصرية وكان ذلك واضحاً في اغنية "غلاب يا هوى" التي كتبتها ولحنها له الملحن المصري ابراهيم رأفت قبل 20 سنة".