} أكد المستشار الاقتصادي الفيديرالي السويسري وزير الاقتصاد السيد باسكال كوشبان ان الاتفاقات التي عقدتها سويسرا مع الاتحاد الأوروبي تقتصر على المجال الاقتصادي ولا تأثير لها على الوضع السياسي. وقال في حديث إلى "الحياة" إن العلاقات السويسرية - العربية جيدة جداً، وهناك مجالات عدة لتوسيعها وتدعيمها. ما هو رأيك بشأن الميزان التجاري مع العالم العربي؟ هل تعتقد انه بالامكان زيادته وتصحيح الاختلال فيه؟ - إذا اخذنا الارقام بحد ذاتها فإنها تظهر اختلالاً في التوازن بين الصادرات السويسرية والواردات السويسرية مع العالم العربي. لكن ينبغي للمرء ان يأخذ بالاعتبار بنية الاقتصاد السويسري: سويسرا تكاد لا تملك أية صناعات اساسية في القطاع النفطي عدا مصفاتين للنفط متوسطتي الحجم. وهذه القدرة المحدودة للغاية للمصفاتين عامل مهم يفسر الفائض التجاري لسويسرا مع العالم العربي. نحن مضطرون لاستيراد منتجات نفطية على نطاق كبير من بلدان ثالثة، وقد تتضمن هذه المنتجات نفطاً عربياً. لكن ذلك لن ينعكس في حد ذاته في الاحصاءات عن وارداتنا. بالاضافة الى ذلك، تملك سويسرا بنية للتصدير - على سبيل المثال، الماكينات وسلع البنى التحتية والمواد الصيدلانية والكيماويات - وهي تمتاز بشكل خاص بقدرة تنافسية وتلبي متطلبات واحتياجات الزبائن العالميين. اتفهم رغبتكم في تحقيق ميزان تجاري اكثر عدلاً بين سويسرا واقتصادات العالم العربي. لكن نعتقد بأنه طالما كان اجمالي الميزان الخارجي لبلد ما قابلاً للدعم، ينبغي الاّ نولي اهتماماً اكثر مما يجب للأرقام بين الطرفين، والتي تتغير مع الزمن تبعاً لتطور اقتصاديهما. فضلاً عن ذلك، من اجل تخفيف اختلالات التوازن التجاري مع بلدان لم تصبح بعد صناعية، نسعى الى اجتذاب منتجات اجنبية من هذه البلدان الى السوق السويسرية بوسائل مصممة بشكل خاص: نحن، على سبيل المثال، نقدم معلومات حول السوق الحرة عبر برنامج خاص يسمى "برنامج تشجيع الاستيراد السويسري" SIPPO. كما ندرج مثل هذه البلدان، كما تعلمون، في نظامنا العام للافضليات الجمركية GSP. تعتبر سويسرا جنة مالية عالمية للرأسمال الأجنبي، بما في ذلك الرأسمال العربي. كيف تصف علاقة سويسرا بالرساميل والمؤسسات المصرفية والمالية على اراضيها؟ - يحتفظ المركز المالي لسويسرا، وبشكل خاص جنيف، منذ عقود بعلاقات ممتازة مع المؤسسات المالية والمستثمرين ايضاً من العالم العربي. وتخضع حوالي عشرة مصارف ومؤسسات سمسرة بموجب القانون السويسري بشكل مباشر او غير مباشر لسيطرة مواطنين عرب او مؤسسات توجد مقراتها في الشرق الاوسط. وعلى حد علمي فإن آخر مؤسسة كهذه حصلت على ترخيص من "اللجنة المصرفية الفيدرالية السويسرية" SFBC للشروع بأنشطة مصرفية في سويسرا كان "البنك الوطني الكويتي سويسرا ليمتد" في جنيف، فقد حصل على الاجازة المصرفية في ايار مايو 1999. في سياق المبادرات العالمية المتزايدة لمكافحة تبييض الأموال، هل يمكن للمجادلات بشأن سرية التعامل المصرفي ان تؤثر في الموقع العالمي لسويسرا؟ - المبادرات المتنوعة التي تجري على الصعيد العالمي في ما يتعلق بتبييض الاموال لا تؤثر بأي شكل في موقع سويسرا، إذ أنها لعبت دوراً محورياً في تطوير هذه المبادرات. لذا نملك اطاراً قانونياً شاملاً للتصدي بفاعلية لتبييض الأموال. ويقتضي القانون الفيديرالي الخاص بتبييض الاموال في القطاع المالي من الوسطاء الماليين ان يتصفوا بالاتقان في علاقاتهم التجارية. ويتعيّن اشعار السلطات المعنية بالموجودات المشتبه بها. ويحق للسلطات القضائية، في اطار تحقيق جزائي يتعلق بتبييض الأموال، ان تطلب رفع السرية المصرفية. التصويت بشأن الانفتاح الاقتصادي والتجاري على اوروبا سيغيّر علاقة سويسرا مع الاتحاد الاوروبي والعالم. كيف تنظر الى هذا التغيير؟ - انه يمثل بالنسبة إلى سويسرا تحدياً وفرصة عظيمة لمزيد من التحسين في الاطار التعاقدي مع الاتحاد الاوروبي. آخر اتفاق تجاري واسع النطاق مع الاتحاد الاوروبي تم توقيعه في 1972 اتفاق التجارة الحرة الاوروبي. وفي ايار مايو 2000، عندما قبلنا الاتفاقات الثنائية الجديدة مع الاتحاد الاوروبي، كان الوقت قد حان لأن نتكيف للبيئة الاوروبية الجديدة. انه سيسهل لدرجة كبيرة تصدير السلع والخدمات السويسرية الى الاتحاد الاوروبي، وبالتالي يزيد الكفاءة الاقتصادية الاجمالية عبر اقتصاديات الانتاج على نطاق واسع economies of scale وخفض الاكلاف وتسليم البضائع "في الوقت المحدد"، وهلم جراً. بالاضافة الى ذلك، يوفر الاتفاق بشأن حرية حركة الاشخاص فرصة للاقتصاد السويسري لأن يجد في سوق الاتحاد الاوروبي العمال المؤهلين الذين يحتاج اليهم ولتشجيع عمليات الانتقال في هذا المجال. ويمثل هذا بالنسبة إلى مواطنينا، وبشكل خاص لجيل الشباب، فرصة كبيرة للحصول على المعرفة في الخارج واكتساب خبرات مهنية على مستوى اوروبي. جرى التوقيع على الاتفاقات السبعة الجديدة مع الاتحاد الاوروبي على اساس ثنائي وهي لا تؤثر على قدرتنا في ابرام اتفاقات اخرى مع بقية العالم. لذا فإنها لا تغيّر علاقتنا مع البلدان خارج اوروبا. وبالاشتراك مع شركائنا في "اتفاق التجارة الحرة الاوروبي" EFTA النروج وايسلندا وليختنشتاين نوشك على ابرام اتفاقات للتجارة الحرة مع بلدان مثل كندا او الاردن وتونس ومصر في الشرق الاوسط. كما وقّعت البلدان المشاركة في "اتفاق التجارة الحرة الاوروبي" في ايار مايو الماضي اعلاناً حول التعاون، وهو الخطوة الاولى على الطريق الى التجارة الحرة، مع دول مجلس التعاون الخليجي. ألن يكون لمثل هذا التقارب والانفتاح اثار سلبية على الحياد المطلق لسويسرا؟ - ان الحياد والسياستين الخارجية والدفاعية الاوروبية لم تكن موضوعاً للتفاوض. فالاتفاقات الثنائية مقصورة على المجال الاقتصادي ولا تأثير لها على مؤسساتنا السياسية. ماذا بشأن علاقات سويسرا بالعالم العربي؟ هل ستتغير مع انضمام سويسرا الى "المبادرة الاوروبية - المتوسطية" لتشمل بلداناً غير اوروبية؟ - ان علاقات سويسرا مع العالم العربي، خصوصاً في المجال الاقتصادي، جيدة جداً. هناك، بالطبع، مجال لتوسيع هذه العلاقات. وأخذاً بالاعتبار المثل العليا لسويسرا بشأن عالم مفتوح وآمن، فإننا نعمل بنشاط لتشجيع السلام في الشرق الاوسط عبر "عملية السلام المتعددة الاطراف"، بشكل خاص REDWEG. ونحن مقتنعون بان تحقيق سلام شامل في المنطقة سيطلق نمواً اقتصادياً ويعزز ثقة المستثمرين ويؤدي في النهاية الى تحسين في الظروف المعاشية في كافة البلدان في المنطقة. ولا تشارك سويسرا، باعتبارها خارج الاتحاد الاوروبي، في "المبادرة الاوروبية - المتوسطية" الاّ كمراقب. ومن اهدافنا العمل على تعزيز العلاقات عبر تعاوننا في هذه المبادرة المفيدة. وبهذا المعنى، فإن هدفنا الاساسي في المنطقة الذي يتمثل بالسعي الى علاقات اقتصادية اوثق مع العالم العربي، لن يتغير اياً كان المجال الذي تتجلى فيه هذه العلاقات في المستقبل. ما هي القطاعات التي تستحق التركيز عليها في المستقبل لتطوير الوجود السويسري في الاسواق العربية؟ - كما تعلم، فان الصادرات السويسرية تستلزم قيمة مضافة عالية. انها قبل كل شيء تتضمن آلات متطورة ومختلف أنواع الساعات ومنتجات صيدلانية وكيماوية. الارجح ان هذه السلع ستبقى تؤلف الجزء الاعظم من صادراتنا الى منطقتكم. بالاضافة الى ذلك، اعتقد بأن القطاعات التي تستحق التركيز عليها هي تلك التي تعد قطاعات طليعية في الالفية الجديدة، على سبيل المثال التكنولوجيا الجديدة وقطاعات الخدمات التي تنمو باضطراد في كل المجالات. ويمكن تصور قطاعات اخرى ايضاً. فأخذاً في الاعتبار المستوى العالي للتعليم وكلفة العمالة الرخيصة المتوافرة في بلدان عربية عدة، يمكن للمرء ان يدرس ايضاً انشطة صناعية حيث ستستخدم الخبرة السويسرية نقل التكنولوجيا ويعاد تصديرها كسلع شبه كاملة ذات جودة عالية الى سويسرا او اماكن اخرى. وسيمثل هذا علاقة اقتصادية تستند على تكامل اقتصادي بين اقتصاداتنا. هل تعتقد بأن العمالة الاجنبية مفيدة لسويسرا؟ وهل ستخففون القيود على المهاجرين الذين يملكون خبرة في تكنولوجيا المعلومات كما فعلت بلدان اوروبية اخرى؟ - العمالة الاجنبية ذات اهمية بالغة بالنسبة إلى سويسرا. لدينا مستوى تشغيل عالي لقوة العمل الاجنبية، تؤلف ما يقرب من 25 في المئة من كل العاملين في سويسرا. هؤلاء العمال الاجانب، الذين يجب ان يكونوا على مستوى عالٍ من التأهيل، يتحدرون في الغالب من بلدان مجاورة لنا ضمن اوروبا. بالاضافة الى ذلك، بما ان العمال الاجانب يؤمّنون قدرتنا الاقتصادية، فمن أكثر الاحتمالات اننا لن نخفف القيود على المهاجرين، خصوصاً أولئك الذين يملكون خبرة في تكنولوجيا المعلومات. لا توجد لدينا أي حصص خاصة لقطاعات اقتصادية محددة، لكن لدينا بالفعل نوعاً من نظام "البطاقة الخضراء"، كهذا الذي تنوي المانيا إدخاله قريباً. يشير بعض الاحصاءات الى ان الرأسمال السويسري يميل نحو الاستثمار في بلدان اوروبا الشرقية، حيث قوة العمل رخيصة. هل أثر هذا سلباً على الاستثمار في العالم الثالث وفي بعض البلدان العربية؟ - ان تزايد الاستثمارات في بلدان اوروبا الشرقية منذ التسعينات لم يؤد الى خفض الاستثمارات المباشرة في العالم العربي، بل ان العكس صحيح. ففي الوقت الذي بلغت قيمة الاستثمارات المباشرة السويسرية في الشرق الاوسط 465 مليون فرنك سويسري في 1993، تضاعف هذا الرقم تقريباً في 1998 حيث تم استثمار اكثر من 910 ملايين فرنك سويسري في المنطقة. ومع اجراءات الانفتاح الاقتصادي في بلدان عربية عدة تجاه FDI، يفترض ان يقوى هذا الميل في المستقبل. في سياق الانفتاح تجاه الاتحاد الاوروبي وتوقيع اتفاقات عدة معه، هل سيتأثر موقع المصارف العربية في سويسرا؟ هل سيكون هناك أي خطر على الاموال العربية المودعة في مصارف سويسرية أو المستثمرة في سويسرا؟ - لا توجد أي ادلة على ان الاتفاقات القطاعية الثنائية بين سويسرا والاتحاد الاوروبي ستؤثر سلباً على المصارف التي يملكها اجانب بما فيها المصارف العربية في سويسرا. هل توجد خطط محددة لزيادة عدد السياح العرب في سويسرا كي يشملوا فئات مختلفة وليس فقط رجال الاعمال والاثرياء؟ - دعني اؤكد لك بان البلدان الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي، على سبيل المثال، تمثل سوقاً مهمة بالنسبة إلى المنظمة المكلفة ترويج السياحة السويسرية في الخارج، التي تسمى "السياحة في سويسرا" Switzerland Tourism. في 1999، امضى ضيوف من بلدان مجلس التعاون الخليجي حوالي 150 الف ليلة في سويسرا. وتتوقع هذه المنظمة حدوث زيادة بنسبة 5 في المئة هذه السنة. والمناطق التي يزورها السياح العرب اكثر من غيرها هي منطقة بحيرة جنيف وزيوريخ ووسط سويسرا. والانشطة التي تنوي منظمة "السياحة في سويسرا" القيام بها في بلدان الخليج تشمل فئات متنوعة. ويمكن للسائح العادي ان يتحمل كلفة هذه الانشطة. انها تتضمن مع اكبر شركة سفريات في المنطقة، "عطلات الامارات" Emirates Holidays، والمشاركة في "سوق الرحلات العربي" Arab Travel Market في ايار مايو 2001، وعرضاً متنقلاً مع مؤسسة "السياحة في جنيف" وولاية ماترهورن في 2001. ويجري الاعلان عن مشاريع اخرى في الصحف والمجلات الرئيسية الصادرة في الامارات العربية المتحدة وفي المملكة العربية السعودية. بالاضافة الى ذلك، ستركز هذه المنظمة انشطتها على العطل للعائلات والفرص للشباب. اخيراً، نحن نعوّل على الشبكة المتطورة التي نملكها من سفارات سويسرا وممثليها في المنطقة التي تروج صورة مميزة لسويسرا.