الكتاب: نساء شاعرات المؤلف: خازن عبود الناشر: دار الافاق الجديدة، بيروت - 2000 انصرف الشاعر خازن عبود الى اعادة كتابة التراث العربي، فأصدر سلسلة كتب في هذا المجال. كان آخرها كتاب بعنوان "نساء شاعرات من الجاهلية الى القرن العشرين". وواضح من العنوان ان جهداً كبيراً بذله عبود كي يسجل لنا هذا الكم الكبير من الشاعرات، كبيرات كن او متواضعات. قدم له نقيب الصحافة اللبنانية محمد البعلبكي، ف"تراثنا في الشعر عرف بضع شاعرات قبل عصرنا الراهن ذاع لهن صيت عريض كالخنساء ورابعة العدوية وسكينة بنت الحسين وليلى العامرية وولادة بنت المستكفي، كما عرف هذا العصر بضع شاعرات ذاع لهن ايضاً صيت عريض كسعاد الصباح وفدوى طوقان ووردة اليازجي ونازك الملائكة وعائشة التيمورية ولميعة عباس عمارة وسلمى الخضراء الجيوسي. ولكن احداً من الناس، حتى من الادباء والشعراء، لا يعلم ان تراثنا في هذا الباب هو من الغنى ما يكشف عنه هذا الكتاب". والشاعر الكاتب جامع مواد هذا الكتاب، يشير الى ان الشعر منذ الجاهلية الى اليوم لم يكن وقفاً على الرجال وحسب، ففي الجاهلية اشتهرت وتألقت شاعرات تفوقن على البعض من شعراء ذلك العصر. من بينهن تماخر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد الرياحية المعروفة بالخنساء، التي ادركت الاسلام واسلمت، ولم يجارها شاعر جاهلي في الرثاء. الى ليلى بنت لكيز بن مرّه التي عرفت باسم: ليلى العفيفة، واشتهرت بقصيدتها: "ليت للبراق عيناً". وكان فجر الاسلام نقطة تحول بالنسبة الى العرب. وظهرت في صدر الاسلام اديبات وشاعرات ينقدن الشعر ويعقدن مجالس ادبية يحضرها الشعراء والادباء الخ. ف"نساء شاعرات" يضم بين دفتيه مشاهير الشاعرات في العصر الجاهلي الى نهاية القرن العشرين، إضافة الى نماذج من اشعارهن واخبارهن وموجز عن سيرة حياتهن. وهناك شاعرات نبغن في نظم الشعر بلغات اجنبية من اشهرن الشاعرة الراحلة ناديا تويني، إضافة الى نساء اشتهرن بالنثر الشعري من اشهرهن امل جراح، لكنني في كتابي اقتصرت على الشاعرات اللواتي نظمن الشعر العمودي المقفى فقط". أول شاعرة في الكتاب هي أروى بنت الحارث نحو 50 هجرية وآخرهن وردة اليازجي 1838 - 1924 ميلادية وبينهما 256 شاعرة. ثم فصل عن شاعرات لم يعثر المحقق على شعر لهن. وبدءاً بأروى بنت الحارث بن عبدالمطلب القرشية: صحابية اشتهرت بالفصاحة والجرأة والشجاعة. عاشت الى زمن الخليفة معاوية بن ابي سفيان واجهته بقوة وهي عجوز معاتبة اياه محاربة الامام علي بن ابي طالب. وكانت مثالاً للمرأة العربية في الجرأة والاقدام. ويجيء بعدها بالتسلسل اروى بنت عبدالمطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلّم، اشتهرت بنظم الشعر الجيد، ادركت الاسلام واسلمت وعمرت الى خلافة عمر بن الخطاب. ومن شعرها في رثاء والدها: اذا هاب الكمأة الموت حتى / كأن قلوب اكثرهن هواء ثم يتابع الباحث رصد الشاعرات بحسب تاريخهن وان لم يعثر لبعضهن عن تاريخ ولادتهن وموتهن. ومن الشاعرات اسماء بنت ابي بكر الصديق اشتهرت باسم "ذات النطاقين" وكانت فصيحة تنظم الشعر، عاشت مئة سنة وهي محتفظة بعقلها ولم يسقط لها سن. وكانت سخية النفس. توفيت في مكة بعد مقتل ابنها عبدالله بليال. ويبدو ان بنات عبدالمطلب كلهن شاعرات فهذه أم حكيم بنت عبدالمطلب وتدعى البيضاء، شاعرة من شواعر العرب. ويلاحظ ان الشاعرات الاوائل لم يشر الباحث الى تاريخ ولادتهن او موتهن لصعوبة في المصادر. واللافت في الشاعرات الاوائل انهن شاعرات رثاء يرثين اموات اعزاء عليهن كالاخوة والآباء والازواج. منهن مثلاً الجوزاء بنت عروة البصري. شاعرة من شواعر العرب رثت اخاها. وذلك ان يزيد بن المهلب اخذ اخاها عبدالله بن عروة مع عدي بن ارطأة فحملهم الى واسط، فلما قتل يزيد عدا عليهم ابنه معاوية فقتلهم وهم اسرى في يده. فرثت اخاها وهجت زيداً غير معروف تاريخ ولادتها او موتها. خالدة بنت هاشم بن عبد مناف شاعرة من شواعر العرب، وحكيمة من حكيماتهم. قالت لأخ لها تهجم على صديق له: "اي اخي لا تطلع من الكلام الا ما قد روأت قبل ذلك ومزجته بالحلم وداويته بالرفق فإن ذلك اشبه بك". فسمعها ابوها هاشم فقام اليها وعانقها وقبّلها وقال لها: واها لك يا قبة الديباج" فكانت تلقب بذلك. ونصل الى خديجة بنت المأمون. من شاعرات الدولة العباسية، غنت الجارية شارية يوماً بين يدي الخليفة المتوكل قصيدة فأعجب بها ومنها هذا البيت: يا ليتني كنت حماماً له / أو باشقاً يفعل بي ما يشا فطرب المتوكل وقال لشاريه: لمن هذا الغناء؟ فقالت: أخذته من دار المأمون ولا ادري لمن هو. فقالت له ملحة المغنية: انا اعلم الناس به فقال: لمن هو يا ملح؟ قالت: اقول لك سراً. قال: انا في دار النساء وليس يحضرني غير حرمي فقوليه. فقالت: الشعر والغناء يا مولاي لخديجة ينت المأمون قالته في خادم لابيها كانت تهواه وغنت فيه هذا اللحن. فأطرق المتوكل طويلاً ثم قال: لا يسمع هذا منك احداً. خولة بنت الازور الاسدي، شاعرة من اشجع النساء في عصرها، وتُشبَّه بخالد بن الوليد في غزواتها، لها اخبار كثيرة في فتوح الشام، وهي اخت القائد العظيم ضرار بن مالك الازور ابن خزيمة الاسدي. قتل ابوها بين يدي رسول الله صلى الله وعليه وسلّم دفاعاً عنه. في شعرها جزالة وفخر. توفيت في نهاية عهد عثمان بن عفان. ولها في اخيها بعد اسره: أبعد اخي تلذ الغمض عيني / فكيف ينام مقروح الجفون ورابعة العدوية الشاعرة الشهيرة 135ه ام الخير، اشتهرت بالعبادة والتنسّك والتصوف ولها في ذلك شعر، من اهل البصرة، وتوفيت في القدس، وقبرها يُزار وهو بظاهر القدس من شرقية على رأس جبل "الطور". وكان مدار شعرها الشعر الالهي وكان حبيبها مصدر الجمال كله. من شعرها الرقيق ما اورده لها الشيخ شهاب الدين السهرودي في كتاب "عوارف المعارف". إني جعلتك في الفؤاد مؤانسي / وابحث جسمي من اراد جلوسي فالجسم مني للجليس مؤانسٌ / وحبيب قلبي في الفؤاد انيسي ومروراً بالشاعرات: الربّاب، رقية بنت عبدالمطلب، الرميكية، ريّا السلمية، ريطة بنت جزل، ربطة بنت عاصية النهري، الى الزبّاء بنت عمير: شاعرة من الشاعرات العربيات، قيل لها ذات يوم: "لو تزوجت في عنفوان شبابك وصفو جمالك لعلمت لذة الحياة" فقالت: "والله لأعيش في غير بدني لم تملكني يد ذي مال ولا صرعتني الرغبة في الرجال احب اليّ من ملك الارض وخزائن الارض". ثم انشأت تقول: امن بعد ان أمسي وأُصبح حرة / وليس علي للرجال يدان اصير لزوج مثل مملوكة له / لبئس إذاً ما يكتب الملكان لعيش غير بضرٍ او بضنك وحاجة / مع العز خير من صروف لسان وبعد زبيدة بنت جعفر يجيء ذكر زرقاء اليمامة من بني جريس من اهل اليمن مضرب المثل في حدة وجودة البصر، يقال لها: زرقاء اليمامة وزرقاء جو لزرقة عينيها، وجو اسم لليمامة. وقالوا ان زرقاء كانت تبصر الشيء ومن مسيرة ثلاثين ميلاً. وتتوالى اسماء الشاعرات ومعظمهن - كما قلت سابقاً - من دون تواريخ. فالوصول الى السيدة سكينة بنت الحسين بن علي بن ابي طالب، نبيلة شاعرة كريمة، من اجمل النساء واطيبهن نفساً. كانت سيدة نساء عصرها، تجالس الاجلة من قريشاً، وتجمع اليها الشعراء فيجلسون حيث تراهم ولا يرونها وتسمع كلامهم فتفاضل بينهم وتناقشهم وتجزيهم. دخلت على الخليفة هشام وسألته عمامته ومطرفة ومنطقته فأعطاها ذلك. تزوجها مصعب بن الزبير وقتل، فتزوجها عبدالله بن عثمان بن عبدالله فمات عنها. وتزوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان، فأمره سليمان بن عبدالملك بطلاقها تشاؤماً من موت ازواجها ففعل. اخبارها كثيرة. وكانت اقامتها ووفاتها في المدينة. وتتوالى الاسماء اسماً بعد اسم وانتهاءً بولادة بنت المستكفي. ثم يجيء القسم الذي ينشر فيه الباحث الشعراء الحديثات امثال ماري عجمي وعائشة التيمورية ومريانا مراش وغيرهن. ونشر الكاتب اسماء شاعرات لم يعثر لهن على شعر. والمراجع التي عاد اليها الباحث بلغ عددها نحو 42 مرجعاً ما بين كتب ودراسات من بينها "الاغاني" و"العقد الفريد" و"الاعلام" و"شذرات الذهب" و"تزيين الاسواق في اخبار العشاق" وغيرها من المصادر. وتبع الكاتب في تصنيف الشاعرات الاحرف الابجدية لا التسلسل الزمني. كتاب لطيف يصلح للقراءة في اوقات الفراغ لما فيه من اخبار وعبر وطرائف.