نيقوسيا - أ ف ب - يأمل المغرب، احدى الدول الخمس المرشحة لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2006، أن يكون ترشيحه للمرة الثالثة لاستضافة النهائيات، ثابتاً، ويحقق بالتالي "حلم قارة، ومشروع أمة" وهذا هو الشعار الذي اختاره عنواناً لملف ترشيحه لاستضافة مونديال 2006. وترشيح المغرب لاستضافة النهائيات ليس بجديد او غريب لانه عبر عن رغبته ورغبة شعبه بقيادة عاهله الراحل الملك الحسن الثاني في استضافة النهائيات مرتين الاولى عام 1987 من أجل تنظيم نهائيات 1994 التي كانت من نصيب الولاياتالمتحدة، والثانية عام 1992 لاستضافة نهائيات 98 والتي حظيت بشرف استضافتها فرنسا. وكان المغرب قاب قوسين أو أدنى من استضافة النهائيات في ترشيحيه الاولين لانه حصل على 7 اصوات في مقابل 9 لمصلحة الولاياتالمتحدة، ثم على 7 أصوات في مقابل 11 لفرنسا، ولولا رغبة الاتحاد الدولي في احتضان الولاياتالمتحدة للنهائيات عام 94 لكان الشرف من نصيب القارة السمراء، والامر ذاته ينطبق على ترشيحه لعام 98، حيث فضل الفيفا القارة العجوز لاحتضان المونديال الاخير في القرن العشرين، علماً بأن فرنسا حسمت الموقف بعد انسحاب سويسرا قبيل عملية الاقتراع ما سمح لفرنسا بالاستفادة من الاصوات الاوروبية التي كانت لا محالة ستوزع بينها وبين سويسرا في حال عدم انسحاب الاخيرة. هل تكون الثالثة ثابتة؟ وقدم المغرب ترشيحه للمرة الثالثة مطلع تموز يوليو 1999 برسالة بعث بها العاهل الراحل الملك الحسن الثاني الى رئيس الاتحاد الدولي أكد فيها أن ترشيح بلاده تلقى وسيتلقى الدعم المطلق وغير المشروط من قبل السلطات المغربية. لكن المنية وافت الحسن الثاني بعد نحو 3 اسابيع من تقديم الترشيح الرسمي، فتكفل بالمهمة ابنه الملك الجديد محمد السادس. وقال العاهل المغربي الجديد: "ان المغرب اذ يترشح لتنظيم كأس العالم يرفع تحدي التنمية الشاملة، وكلمة التحدي التي اختارها والدي الراحل عنواناً لاحد مؤلفاته تنطوي على برنامج شامل، من اعمال تقتضي الانجاز ومبادرات تتطلب التشجيع ومشاريع تستوجب التنفيذ". واضاف "مؤهلات المملكة المغربية عديدة وواعدة فمن موقع جغرافي استراتيجي الى بنية فندقية تتوسع باستمرار الى شبكة طرق تمتد عبر كل انحاء المملكة الى شبكة اتصالات تصبو ان تكون متميزة الاداء الى سلم اجتماعي يبعث على الطمأنينة، سلم ناجم عن روح التضامن التي تربى عليها كل المواطنين اضافة الى ضيافتهم الاسطورية وولعهم بمختلف الانواع الرياضية وشغفهم الخاص بكرة القدم تلك الرياضة التي تمثل قاسماً مشتركاً بالنسبة لكل المغاربة". ويحظى الترشيح المغربي بتزكية محمد السادس وتعبئة كل مكونات المجتمع المغربي من سلطات عمومية وقوى حية وفاعلين في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية. وكخطوة أولى لتأكيد جدية وشرعية المغرب في استضافه المونديال، عين العاهل المغربي شقيقه الامير مولاي رشيد لرئاسة اللجنة الوطنية المكلفة بتتبع ملف ترشيح المغرب. ووضعت اللجنة خطة عمل كاملة وشاملة في مجال توعية الرأي العام المحلي بأهمية وجدوى تظاهرة رياضية من حجم المونديال، كما وضعت نصب اعينها تعبئة كل السبل من أجل الحملة الدعائية لمساندة ترشيح المغرب وتقديم الدعم اللازم لهذه المبادرة الجريئة التي تسعى المملكة المغربية من ورائها الى اثبات أن طموح كأس العالم ليس حكراً على قارة من دون أخرى، وان المغرب تولد لديه من التجارب في هذا المجال ما يؤهله للمنافسة على الظفر بالفوز وبالتالي تحقيق حلم القارة السمراء وترجمته الى مشروع أمة تطالب بحق تشريفها باحتضان كأس العالم عام 2006. وقامت اللجنة بمجموعة من الحملات الدعائية بدأتها من مصر، مقر الاتحاد الافريقي، على هامش اجتماع المكتب التنفيذي للاخير، وبعدها حطت الرحال بلوس انجليس الولاياتالمتحدة حيث اقيم رواق خاص بترشيح المملكة داخل معرض اعد لهذا الغرض على هامش مؤتمر الاتحاد الدولي والذي عرف نشاطاً مكثفاً للتعريف بمميزات المغرب الحضارية والثقافية والرياضية تدعيماً لترشيحه. وقد جذب الرواق الكثير من الزوار في مقدمتهم رئيس الاتحاد الدولي جوزف بلاتر. وتابعت اللجنة حملاتها في القارة الآسيوية وبلدان الخليج واميركا اللاتينية والقارة السمراء، مؤكدة على ان الملف المغربي يستجيب لمتطلبات الاتحاد الدولي، من خلال مواصلته تجديد وبناء الملاعب والفنادق والاوتوسترادات حتى تكون البنى التحتية مطابقة لمعايير الفيفا، فضلاً عن ان المغرب سيمثل عدداً كبيراً من الدول والمجموعات والقارات: افريقيا وآسيا واوروبا وحوض البحر الابيض المتوسط والبلدان العربية والبلدان الاسلامية. مبدأ التناوب ويعقد المغرب اماله بترشيحه لاستضافة النهائيات على مبدأ التناوب، فبعد ان سبق تنظيم المونديال في اوروبا وفي اميركا اللاتينية والولاياتالمتحدة وبعد ان نالت آسيا شرف استضافة اول كأس للعالم في القرن الحادي والعشرين، حان الوقت لاحتضان القارة السمراء لهذا العرس العالمي. ويرى المغرب أنه أنسب بلدان افريقيا لاستضافة مونديال 2006 والذي سيكون اول مونديال في تاريخ القارة السمراء والعالم العربي، ويفيد في ذلك انه يحتل موقعاً جغرافياً متميزاً اهّله عبر التاريخ ليكون صلة وصل بين افريقيا واوروبا من جهة والشرق والعالم العربي بكل مكوناته من جهة اخرى. ورفع رئيس لجنة التقويم التابعة للفيفا المكلفة دراسة ملفات ترشيح الدول الراغبة في استضافة مونديال 2006، الاميركي الن روثنبرغ معنويات المسؤولين المغاربة بقوله بعد زيارة المنشآت الرياضية المغربية "المغرب بلد كبير لكرة القدم" وفرصته في استضافة كأس العالم "كبيرة جداً"، مضيفاً "ان المغرب على غرار الدول المرشحة الاخرى يحتفظ بكل الفرص التي تؤهله لاستضافة مونديال 2006". عوامل مساندة والمغرب بلد السلام والامن والتسامح وكرم الضيافة، يتمتع بطقس مثالي وطبيعة خلابة سيجد فيه جمهور كرة القدم ما يروقه من وسائل الاستجمام كالشواطىء والجبال والصحارى والمدن القديمة والعصرية. ومن العوامل التي يستند عليها المغرب المكانة المتميزة التي اصبحت تحتلها الكرة المغربية على الصعيد العالمي، الى جانب الاشواط التي قطعها المغرب على درب الانماء والتطور في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتجربة الواسعة المكتسبة في تنظيم التظاهرات واللقاءات الدولية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي. وذلك في ظل نظام ملكي دستوري يوفر كل الضمانات التي تفيد الاستقرار والامن وهما عنصران اساسيان في تنظيم تظاهرة عالمية من حجم كأس العالم، اضافة الى التقدم الذي تحقق في السنوات الاخيرة في الخدمات ومجالات الاتصال والنقل والصحة التي مكنت المغرب من ان يكون على القمة في القارة الافريقية. ولا ينسى المغرب سمعة اللاعبين الافارقة التي تجاوزت كل الحدود، وأسلوب اللعب لدى المنتخبات الافريقية الذي أثرى العروض المقدمة اثناء المونديال. وسبق للمغرب ان استضاف تظاهرات كبرى سياسية وثقافية ورياضية، تشهد على حسن الضيافة والقدرة على التنظيم التي سجلت في مناسبات عدة وذلك في ظروف امنية مثالية ابرزها مؤتمر "الغات" وكأس الامم الافريقية عام 1988 وألعاب البحر الابيض المتوسط عام 1983، والالعاب العربية عام 1985 والالعاب الفرنكوفونية الاولى وكأس الحسن الثاني الدولية والماراتون الدولي لمراكش وزيارة البابا يوحنا بولس الثاني. الملاعب واسود الاطلسي تعتبر كرة القدم الرياضة الاولى والاكثر شعبية في المغرب من دون منازع، وحضور "اسود الاطلسي" الدائم في المسابقات الكروية الدولية يؤكد ان المغرب كان على الدوام ارضاً لكرة القدم وامة دائمة الشغف بها. وتمارس هذه اللعبة في المغرب بموهبة وفن، ويشهد على هذا الابداع اللاعبون المغاربة في الاندية المحلية والدولية، بدء بالاسطورة المغربي العربي بن مبارك الملقب ب"الجوهرة السوداء العربية" وانتهاء بمصطفى حجي، كما ان المنتخب المغربي كان اول بلد افريقي وعربي يبلغ الدور الثاني في المونديال عام 1986 في المكسيك واستطاع ان يشارك في النهائيات اربع مرات. ويؤكد المغرب انه في حال استضاف النهائيات فان المباريات ستقام في مدن الرباط والدار البيضاء وفاس ومكناس ووجدة وطنجة والناضور واغادير ومراكش والجديدة وسطات وستقام المباريات على 12 ملعباً بعضها يستضيف حالياً مباريات محلية ودولية ويمكن تحديثها بسهولة لتستجيب للمواصفات والمقاييس المحددة من قبل الاتحاد الدولي. وسيخصص المغرب 57 مليون دولار لبناء ثمانية ملاعب وتجديد اربعة اخرى حتى العام 2005. وكان العاهل المغربي شيد مطلع العام الحالي الملعب الكبير للدار البيضاء على مقربة من مطار محمد الخامس الدولي بطاقة استيعابية تفوق 80 الف مقعد. وستشيد سبعة ملاعب اخرى في مدن اغادير 45480 متفرجاً والجديدة 45 الفاً ومراكش 45660 الفاً ومكناس 45 الفاً وسطات 45 الفاً والناضور 45 الفاً وطنجة 45 الفاً، وسيتم تجديد المركب الرياضي محمد الخامس 67 الفاً وملاعب وجدة 45 الفاً وفاس 45 الفاً والرباط 60 الفاً. وسيؤخذ في الاعتبار عند بناء الملاعب سرعة الربط بين المدن وكذلك السمات الجذابة للمناطق المختلفة والمدن القديمة كفاس ومكناس. ويلتزم المغرب بالاستجابة الى متطلبات وسائل الاعلام سواء داخل او خارج الملاعب، وسيضمن لكل اماكن الاتصال في الملاعب وكذلك لمراكز الصحافة المختلفة البث السريع للصوت والمعطيات والصورة. كما ان الانارة والهندسة الصوتية واللوحات الالكترونية ووضع الكاميرات وشبكة الاسلاك في الملاعب سواء في المنصات او في اماكن العمل ستمكن صحافيي ومعلقي وتقنيي وسائل الاعلام من ان يؤدوا مهامهم في أحسن الظروف. وقام المغرب خلال العقد الاخير بتحديث بنياته التحتية على نطاق واسع وانصب ذلك بصفة خاصة على قطاع النقل وشبكات الاتصال بغية تسهيل الوصول الى المناطق المختلفة. اشكالية الترشيح المزدوج ويدرك المغرب جيداً ان ترشيحه يواجه عقبة عثراء واشكالية قد تؤثر سلباً على اختياره لاستضافة النهائيات تتمثل في ازدواجية الترشيح الافريقي، لان المغرب ليس وحده مرشح القارة السمراء، فجنوب افريقيا تنافسه على شرف الاستضافة أيضاً، وبالتالي فان الاصوات التي من المحتمل ان تمنح الى القارة الافريقية ستوزع على مرشحين ما يضعف حظوظهما في الحصول على التنظيم وقد يصب في مصلحة طرف ثالث هو انكلترا او المانيا او البرازيل. ووعياً منه بهذا العائق، اقترح المغرب في العام الماضي على جنوب افريقيا اللجوء الى الاتحاد الافريقي ومنحه حرية اختيار ممثل واحد لافريقيا، بيد أن جنوب افريقيا ضربت الاقتراح بعرض الحائط واكدت ان ترشيحها لاستضافة النهائيات حق مشروع لها ولشعبها. ومع اقتراب اجتماعات اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لاختيار البلد المضيف، قام وزير الشباب والرياضة الجنوب افريقي نغكوندي بزيارة الى المغرب وعرض على مسؤولي الاخير سحب الترشيح لتعزيز حظوظ افريقيا في استضافة العرس الكروي العالمي، بيد انه عرضه قوبل بالرفض. وفد وزاري عربي الى قطر قال وزير الشباب والرياضة الاردني رئيس اللجنة الاولمبية سعيد شقم ان مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب كلفه مع نظيره المصري علي الدين هلال بزيارة الدوحة هذا الاسبوع للقاء امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للبحث معه في مسألة مساندة المغرب في حملته لاستضافة نهائيات كأس العالم عام 2006. وسيلتقي الوفد الوزاري العربي ايضاً مع عدد من المسؤولين القطريين في قطاع الرياضة والشباب للسبب عينه. واثيرت ضجة كبيرة اخيراً بعدما تردد ان القطري محمد بن همام عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا سيمنح صوته الى المانيا. ويصوت اعضاء اللجنة التنفيذية ال24 في الاتحاد الدولي الخميس المقبل لاختيار البلد الذي سيحظى باستضافة المونديال، علماً بأن خمس دول تتنافس على هذا الشرف هي اضافة الى المغرب، المانيا وانكلترا وجنوب افريقيا والبرازيل.