يُتوقع ان يبدأ في الاسبوع المقبل "التغيير التدرجي" الذي يطاول في النهاية قطاعات سياسية وحزبية وحكومية عدة بعد انتهاء فترة الحداد باحياء ذكرى اربعين رحيل الرئيس حافظ الاسد يوم غد. وكان الرئيس بشار اشار الى في خطاب القسم يوم اول امس الى ان التغيير آت "لكن بشكل تدرجي"، داعياً الى الابتعاد "عن فكرة نسف الواقع برمته" لأن لا احد "منا يملك عصا سحرية لحل كل المشكلات دفعة واحدة"، الامر الذي استهدف وضع توقعات السوريين وآمالهم في سياق واقعي بعدما اعترف الرئيس الجديد بوجود "فجوة" بين الاداء السياسي والاداء في القطاعات الاخرى خصوصاً الاقتصادي. ويأتي في رأس التغييرات المتوقعة ان يقدم رئيس الوزراء الدكتور محمد مصطفى ميرو استقالة حكومته مع اعادة تكليفه بتشكيل حكومة جديدة تحافظ على ال 22 وجهاً جديداً الذين تسلموا مناصبهم في آذار مارس الماضي بحيث يطاول التغيير الذين لايملكون "افكاراً تجديدية-ابداعية". ويتوقع مراقبون ان يحافظ الوزراء الذين انتخبوا اعضاء في القيادة القطرية لحزب "البعث" الحاكم في المؤتمر الاخير على مناصبهم الا في حال عدم ترقيتهم الى مناصب اعلى. ويأتي في مقدم هؤلاء وزيرا الدفاع العماد اول مصطفى طلاس والخارجية فاروق الشرع. وكانت اوساط واشاعات اشارت الى احتمال تسلم الوزير الشرع منصب نائب الرئيس للاشراف على ملف عملية السلام واحتمال تسلم وزير ديبلوماسي منصب وزارة الخارجية. ولم يجر تأكيد ذلك باعتبار ان قراراً كهذا في يد القيادة السياسية وفي مقدمها رئيس الجمهورية. في السياق ذاته، فان التوقعات ترجح ان يحتفظ بمناصبهم الوزراء الذين انتخبوا في اللجنة المركزية مثل وزراء التربية محمود السيد والاعلام السفير عدنان عمران والتعليم العالي حسان ريشة والصناعة احمد الحمو والعدل نبيل الخطيب، الاّ في حال انتقال احدهم الى حقيبة اخرى تتطلب جهوداً ديبلوماسية. كما بعني ذلك احتمال تسلم اعضاء في القيادة القطرية مناصب وزارية في ضوء وجود اتجاه ل"تفعيل دور الحزب". ويؤدي التعديل الحكومي الى فتح الباب امام "التغيير التدرجي للاقتصاد" بحيث تتضمن مرحلة التغيير الغاء عدد من القوانين وتعديل عدد آخر بينها قانون الاجار واقامة سوق لتداول الاسهم واقامة مصارف خاصة وتعديل قانون الاجار. وظهرت اصوات تدعو الى ضرورة تطوير قانون المطبوعات الذي يعود الى العام 1949. سياسياً، فان الاجتماع غير العلني للقيادة القطرية ل"البعث" برئاسة الفريق الاسد اعطى "الضوء الاخضر" للتغيير ذلك انه تناول ثلاثة محاور هي :"تفعيل دور الحزب في البلاد، وفصل الحزب عن العمل اليومي الحكومي وعدم انغماسه في الحياة الروتينية ليلعب دور الرقيب، وتوسيع الجبهة الوطنية التقدمية وتطويرها"، وهو ما دعا اليه الرئيس في خطاب القسم اول من امس. ويتوقع مراقبون دخول احزاب جديدة الى "الجبهة" التي تشكلت العام 1972 وادخال "دماء جديدة وشابة" الىها واعادة البحث في "ميثاق التأسيس" لكن من دون السماح بتأسيس احزاب على اساس دينية اوقومية. الى ذلك، يتوقع ايضاً انعقاد مؤتمر قومي لحزب "البعث" الحاكم يؤدي الى انتخاب الامين القطري اميناً عاماً للحزب خصوصاً وان القيادة القومية حضرت المؤتمر القطري التاسع بين 17 و20 الشهر الماضي. ويتوقع محللون ان يعقد المؤتمر القطري خلال اشهر في حضور فروع الحزب والقيادات القطرية في لبنان والاردن وفلسطين ودول اخرى. ولم تجر تغييرات جوهرية منذ تشكيل ميرو الحكومة بسبب تتابع احداث داخلية كبيرة، الامر الذي يعني ان القطار سيوضع على سكة التغيير بعد تفرغ الرئيس بشار للشؤون الداخلية التي شغلت 75 في المئة من مضمون خطابه اول من امس.