في تصعيد جديد لقضية صحيفة "الثقافية" ورئيس تحريرها الصحافي سمير اليوسفي بسبب اعادتها نشر رواية "صنعاء مدينة مفتوحة" للكاتب اليمني محمد عبدالولي، دان عدد من خطباء المساجد في اليمن الحكومة ووزارة الاعلام لما وصفوه بتواطئهما مع من يحاولون "المساس بالذات الإلهية وسب الدين والنيل من القيم الاسلامية". وتعرض وزير الاعلام عبدالرحمن الاكوع لحملة انتقادات حادة من خطباء الجمعة بسبب موقفه من قرار المحكمة يوم الثلثاء حبس الصحافي اليوسفي وتقديمه ضمان الوزارة لإطلاق الصحافي. وقال الوزير الاكوع ل"الحياة": "لم ولن نعترض على الاحكام القضائىة العادلة، وانما نرفض أحكاماً ذات طابع سياسي". واصدر أمس 22 عالماً، معظمهم ينتمون الى "التجمع اليمني للاصلاح" بياناً شديد اللهجة اعتبروا فيه ان صحيفة الثقافية الرسمية "تهجمت على الذات الإلهية ورمت الله عز وجل بالنقائص ووصفته سبحانه وتعالى بالظلم، كافرة بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، مكذبة بآياته التي نزّه فيها سبحانه وتعالى نفسه عن الظلم، فتجاوزت الصحيفة كل هذه الحدود واقتفت أثر المغضوب عليهم من اليهود والضالين من النصارى الذين نسبوا الى الله عز وجل ما لا يليق بجلاله وكماله". وقال البيان ان ما نشرته "الثقافية" يأتي في سياق "ظاهرة ردة وإلحاد من نابتة سوء بدت في بلد الايمان والحكمة متمثلة في الاستهزاء بالدين والشعائر الاسلامية والعبث بالقيم الاخلاقية وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة حتى انتهى الأمر الى ما رست عليه الثقافية". ولفت البيان الى ان عدداً من الصحف والمجلات "اعتاد الجرأة على مقدسات الأمة"، مشيراً الى مجلة "الحكمة" الصادرة عن اتحاد الأدباء والكتاب في ايلول سبتمبر الماضي التي "ورد فيها ما لا يطيق مسلم سماعه". واستغرب البيان "وقوف بعض الصحافيين والكتاب والمحامين وادعياء الأدب في صفٍ متضامنين مع من ينشر مثل هذه الكفريات متذرعين بحرية الرأي وحق الإبداع". وتساءل: "هل يكون ابداعكم في التطاول على الذات الإلهية والنيل من المقدسات الاسلامية والشريعة المحمدية وتقسمون جهد ايمانكم أنكم من أهل الاسلام؟". واستند بيان العلماء في حكمه على قضية "الثقافية" بآيات قرآنية تقول: "ولئن سألتهم ليقولون انما كنا نخوض ونلعب قُل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم". ليؤكد عدم قبول الاعتذار الذي نشره اليوسفي قبل إحالة القضية الى المحكمة، في حين تعتبر الأوساط الرسمية والصحافية ان هذا الاعتذار يسقط دعوى الاحتساب قضائياً ضد الصحافي وصحيفته. وطالب بيان العلماء بدفع ما وصفه ب"الكفر البواح" الذي تتهم به صحيفة "الثقافية" وبرفع برقيات الى مجلس النواب استنكاراً لما جرى والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن نشر هذا الكفر والترويج له والدعوة اليه واحالتهم الى القضاء ووضع الضمانات الكفيلة "بحماية ديننا من هؤلاء العابثين وصيانة عقول ابنائنا من الغزو الثقافي والوقوف في وجه الدعوات المناصرة لهذه التوجهات المنحرفة واعلان الغضب على هؤلاء المارقين بسبب سلوكهم المشين هذا". وأيد البيان المحتسبين في هذا الأمر من علماء واساتذة الجامعات والمثقفين ومشايخ البلاد واعضاء مجلس النواب "لدفع الكفر بمختلف مظاهره والانتصار لله سبحانه وتعالى". ووقع بيان العلماء عدد من المشايخ الذين ينتمون الى التجمع اليمني للاصلاح وفي مقدمهم الشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس مجلس الشورى في "الإصلاح" والشيخ عبدالوهاب الديلمي رئيس الهيئة القضائية في "الإصلاح" بالإضافة الى الشيخ عمر أحمد سيف الموجه العام للميثاق الوطني في الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام. واعتبر وزير الاعلام عبدالرحمن الأكوع أن هناك من يرغب في استثمار قضية "الثقافية" لأسباب سياسية. وقال في تصريح الى "الحياة" امس: "لا نريد سوى حكم الشرع والقضاء ولا يمكن القبول بالاحكام ذات الطابع السياسي". واشار الى ان وزارة الاعلام وقفت مع أحد موظفيها الذي يرأس تحرير صحيفة "الثقافية" الصادرة عن احدى المؤسسات الصحافية التابعة للوزارة. وأوضح: "إننا نرفض الاحكام المسبقة المبنية على اجتهادات متطرفة ومتشددة ولا نزال مع الاحتكام الى القضاء من دون نزعات سياسية وتحويل منابر المساجد الى مظاهر للتعصب والنيل من الاستقرار الاجتماعي في البلاد". يذكر ان محاكمة الصحافي اليوسفي ستستأنف غداً الاحد في صنعاء وسط توقعات بأن الاجهزة اليمنية ستمنع التجمهر امام المحكمة تمهيداً لإجراء المحاكمة بصورة سرية وغير معلنة.