"اعتذرت" صحيفة الجمهورية الحكومية الصادرة في محافظة تعز، كما توقعت "الحياة" قبل أيام، عن إعادة نشرها لرواية "صنعاء مدينة مفتوحة" للروائي اليمني محمد عبدالولي، الذي كان من أبرز الشيوعيين وواحداً من ضحايا حادث تحطم طائرة أوائل السبعينات. غير ان اعتذار الصحيفة لم يبرّد نار "وليمة الأعشاب اليمنية" التي سخنها "التجمع اليمني للاصلاح" عندما أبدى غضبه على الرواية، معتبراً أن فيها اساءة إلى الدين الإسلامي ومسّاً بالذات الإلهية. ولعل القضية، كما اثيرت، والاعتذار كما حصل، إضافة إلى قرار نيابة الصحافة والمطبوعات أول من أمس مصادرة كل مؤلفات محمد عبدالولي، شكلت جميعاً الموت الثاني لهذا الكاتب اليمني. جاء اعتذار "الجمهورية" مستنداً إلى أن إعادة نشر الرواية تمت من دون مراجعة مسبقة، وذلك اعتماداً على أن الرواية متداولة في المكتبات اليمنية منذ ثلاثين عاماً وأعيد طبعها من جانب مؤسسات تابعة للدولة. وأكدت "الصحيفة" أنها "لم تكن تقصد الإساءة إلى الذات الإلهية مطلقاً"... لكن هذا الاعتذار لم ينه القضية وإنما كرس توريط محرر "الثقافية" الصادرة عن الجريدة الصحافي سمير اليوسفي وملاحقته بعدما سكت "الاصلاح" ظاهرياً في "احتساب شرعي" عن مجهولين تقدم به إلى النيابة المحامي اسماعيل الديلمي الذي دفع بالنيابة إلى استدعاء عدد من الصحافيين المحررين في "الجمهورية الثقافية" أول من أمس للتحقيق معهم. وأمرت النيابة بحبس الصحافي اليوسفي أسبوعاً على ذمة التحقيق ثم أفرجت عنه بكفالة. واعتبرت دعوى المحامي المحتسب ان في "الرواية" اساءة للدين الإسلامي ومساً "بالذات الإلهية، ولأن المجهولين المحتسب عنهم أكثر دقة" في غيرتهم على الدين، فقد امتدت الدعوى ضد صحيفة "الجمهورية الثقافية" من رفض رواية عبدالولي إلى مقالات ومقابلات أخرى تنشرها الصحيفة وتعتبر في نظر أصحاب الدعوى مسيئة للإسلام، وبذلك تتوسع "الوليمة" اليمنية إلى أصناف جديدة. يذكر ان هذه المرة الأولى التي يتلقى فيها القضاء اليمني احتساباً عبر نيابة الصحافة والمطبوعات. ويحتمل أن تفتح هذه "الوليمة" شهية "المجهولين" والمحتسبين عنهم سعياً إلى ولائم جديدة على رفوف المكتبات وصفحات الصحف، وربما في كتب لم يكتبها أصحابها بعد.