بلغت مسألة المهاجرين غير الشرعيين الى استراليا مرحلة الفضيحة بعدما حاول المسؤولون عبثاً، منذ ثلاث سنوات تقريباً، ابقاء المسألة بعيدة عن متناول الرأي العام. وتعود البداية الى حرب الخليج وحرب افغانستان وما خلفتاه من شتات بشري وصلت فلوله الى المقلب الثاني للارض. هناك عصابات دولية يمتد نفوذها من جنوب شرقي آسيا الى الشرق الأوسط تعمل على تسفير و"شحن" العراقيين والافغان وغيرهم ممن يتجمعون عموماً في مرافئ فرعية صغيرة في الجزر الاندونيسية، ومنها يجري نقلهم في مراكب صغيرة الى الشواطئ الاسترالية حيث ينزلون بعدما دفعوا كل ما لديهم ومزقوا ما بقي معهم من أوراق ثبوتية. وكانت الحكومة الاسترالية أقامت عدداً من المجمعات في الغرب والجنوب وسلمت أمر ادارتها لشركات خاصة، بينما يقوم موظفو الهجرة ببحث طلبات اللجوء التي يقدمها الوافدون الجدد. الا ان الاعداد تزايدت بسرعة وتفاقم الوضع المعيشي في المجمعات التي تحولت الى ما يشبه السجون. واندلعت سلسلة من المشاكل دفعت وزير الهجرة والشؤون الاثنية الى القيام برحلتين، الأولى الى اندونيسيا لمحاولة تطويق عمليات التهريب، والثانية الى ايران وتركيا والأردن لمحاولة وأدها في المهد. ويذكر مصدر مسؤول ل"الحياة" ان فيليب رادوك التقى مدير شركة الخطوط الملكية الأردنية لدى زيارة الأخير الى سيدني حاملاً اليه السؤال الآتي: "كيف تسمحون لعراقيين لا يحملون جوازات سفر بركوب طائراتكم؟"، "ولكننا لا نفعل ذلك"، قال المدير، "هم يتركون مطارنا بأوراق شرعية، ثم يمزقونها في اندونيسيا أو ماليزيا أو الفيليبين". بدأ التململ في المجمعات منذ أكثر من سنة، ووقعت الحادثة الأولى قبل اسابيع في مجمع كيرتين في غرب استراليا حيث هدد اكثر من مئة لاجئ، معظمهم من العراق، بالانتحار الجماعي اذا لم تبت طلباتهم. جواباً على ذلك جاء مسؤولون من وزارة الهجرة الاسترالية ووزعوا نسخاً من القرآن الكريم على اللاجئين لتذكيرهم بأن الدين الاسلامي يحرم الانتحار! وأول من أمس بلغ السيل الزبى في مجمع ووميرا في جنوباستراليا حيث أفلت خمسمئة لاجئ غير شرعي من المجمع وانطلقوا نحو مركز المدينة مطالبين بمقابلة وزير الهجرة شخصياً، معترضين على معاملتهم بما يتنافى مع شرعة حقوق الانسان ومنددين بالتأخير والمماطلة في بت قضاياهم. وزير الهجرة قال ان المجمع ليس معسكر اعتقال "مع ذلك ما كان يجب ان يحصل ما حصل". نائب المنطقة باري وكلين قال: "هؤلاء الناس جاؤوا من دون اوراق ثبوتية، ونحن لا نعرف من هم. كثيرون يدلون بمعلومات خاطئة حول هويتهم، ولسنا مستعدين لقبولهم في مجتمعنا... هذه مجازفة لا نعرف نتيجتها". الناطق باسم المعارضة لشؤون المهاجرين، كون شياكا، قال ان الافلات من المجمع على هذه الصورة تعبير عن الاعتراض على الانتظار الطويل، "وما دامت الحكومة ستمنحهم حق الإقامة الموقتة أخيراً، فلماذا نطيل انتظارهم ونزيد من تكاليف احتجازهم؟". شرطة المنطقة أصدرت بلاغاً طالبت فيه السائقين بألا يتوقفوا لأحد في الطرق المجاورة لووميرا... كأنما المنطقة تحولت تشرنوبيل اخرى بين ليلة وضحاها!