واصل الموريتانيون المقيمون في السنغال والسنغاليون المقيمون في موريتانيا الهرب من البلدين، خوفاً من نشوب أعمال عنف. وفيما اغلق البلدان حدودهما بعد فشل زيارة الوزير السنغالي الأول مصطفى نياس الاثنين إلى نواكشوط في تهدئة الأوضاع المتوترة بين البلدين بسبب مشروع ري سنغالي تعتبره موريتانيا اعتداء على مصالحها الزراعية، يؤمل أن تفيد وساطة مغربية بدأها أمس وزير الخارجية محمد بن عيسى في نزع فتيل الأزمة. وقال شهود عيان ل"الحياة" إن رعايا البلدين في كل منهما يفرون عبر نقاط الحدود بأعداد كبيرة، فيما أعلن رسمياً اغلاق الحدود. وتبذل أجهزة الأمن الموريتانية جهوداً من أجل تطمين السنغاليين من جهة، وحثهم من جهة أخرى، على اتخاذ احتياطات السلامة اللازمة. وتريد السلطات الموريتانية منع حدوث مذابح للموريتانيين والسنغاليين في كل من البلدين، شبيهة بتلك التي حدثت العام 1989 بعد مناوشات بين مربي ماشية موريتانيين ومزارعين سنغاليين. وقتل في تلك الأحداث مئات الآلاف من الطرفين ونهبت ممتلكاتهم. وحاول الطرفان نزع فتيل أزمة يبدو أنها في تصاعد، حينما زار الوزير السنغالي الأول موريتانيا أول من أمس. لكن يبدو أن تلك الجهود فشلت، إذ أصرت السنغال على تنفيذ مشروع تطلق عليه "مشروع الأحواض الجافة"، ويتمثل في توسيع مجرى النهر لضخ كميات كبيرة من مياهه في بعض الأحواض الجافة على الأرض السنغالية. وتطل موريتانياوالسنغال وجمهورية مالي على النهر، وتستغل مياهه في مشاريع مشتركة للطاقة الكهربائية وفي ري المزارع. وتقول السنغال إن قيامها بشق قنوات لجذب المياه حق لها. وتعتبر أن المشروع مثل غيره من مشاريع الري المقامة على النهر الذي تسيره منظمة جهوية هي "منظمة استغلال نهر السنغال". وتعتبر موريتانيا المشروع خرقاً لنصوص هذه المنظمة، وتقول إنه منذ بدأت السنغال تنفيذ مشروعها، أضر الجفاف بمزارعها على الضفة الموريتانية. ويعلق المهتمون آمالاً على وساطة بدأها أمس وزير الخارجية المغربي. وقال الوزير المغربي بعد استقبال الرئيس الموريتاني له أمس إنه متفائل بالتوصل إلى حل، وللمغرب علاقات جيدة مع البلدين. وكان العاهل المغربي محمد السادس اتصل هاتفياً برئيسي السنغالوموريتانيا مع بداية الأزمة وحضهما على ضبط النفس، وعرض وساطته في الموضوع.