بعودة المطرب وديع الصافي من رحلته الفنية إلى الولاياتالمتحدة الأميركية المستمرّة منذ آذار الماضي، إلى بيروت، تبدأ الاستعدادات العملانيّة لمهرجانات بعلبك الدولية التي سيحيي فيها الصافي وفرقة فهد العبداللّه الفولكلورية "الليالي اللبنانية" التراثية، وهذه "الليالي" تقليد متبع منذ نشأة المهرجانات في أواخر الخمسينات، وقد تعاقبت عليها الرموز الفنية والمسرحيّة اللبنانية على امتداد ما يفوق الاربعين سنة الماضية، مستثناة منها سنوات الحرب طبعاً، وتلك الرموز اكتسبت قيماً جمالية وابداعيّة في تجاربها الفنّية الكبيرة، من هذه المهرجانات، وبالتحديد من تلك "الليالي" التي نسجت شبكة من التواصل الجدّي بين انواع الفولكلور من الغناء إلى الرقص إلى التقاليد والعادات إلى تقديم موقع ساحر لمسرحيّات ضخمة اضاءت التجربة المسرحية الغنائية اللبنانية بالأعمال الخالدة. هذه السنة، يدخل فهد العبداللَّه بفرقته الراقصة المكان الذي كرّس آخرين، ذلك ان وديع الصافي هو جزء من تاريخ القلعة الفني، وحضوره فيها نوع من الاستعادة الوجدانية لصوت كبير أسّس حيوية غنائية هدّارة في الغناء اللبناني، ومن الطبيعي أن يكون هناك. لذا، فانّ الكثير من عناصر التآلف تظهر في ما يعدّ العبداللّه لبرنامجه مع وديع الصافي الآتي من قديم معروف ومؤنس ومتوهّج، ومن جديد يختاره بعناية، في عملية تبادل أدوار تكمل بعضها بعضاً ما بين رقصة استعراضيّة، ومشهد غنائي، ولوحات تحاكي الماضي والحاضر في آن، وأغنيات كتبت خصيصاً لهذا اللقاء المرتقب... من الأغنيات التي وضعت على نار التسجيل والاداء والدبكة أغنية "يا بعلبك كان وكان" التي كتبها ولحّنها كاتب هذه السّطور، وفيها ذاكرة بعلبك الجمال والمهابة والفن. تقول كلمات الأغنية: يا بعلبك كان وكان ساكن فيكي الزمان / عَ دراجك أوف وآه والقامة يا أللَّه / وفيكي الشرف ميزان يا بعلبك كان وكان. *** محروسة بالاغاني والزغاريد محروسة بالقصايد والبواريد منقول اسمك والايام تعيد وسيفك دهب رنّان... يا بعلبك كان وكان. *** يا بعلبك حدّ بوابك سنابك خيل / يا بعلبك فوق عتابك عم يهدر ويل يا بعلبك ضوّى كتابك هاللّيل وغنّى وجّ الانسان... يا بعلبك كان وكان. *** المطرب وديع الصافي يرى ان هذه المهرجانات المشتركة الآن بينه وبين فهد العبداللّه يفترض ان تفتح شراكة حقيقيّة بين الأصوات والأسماء الغنائية المعروفة، وفرق الرقص التي تحترف نبش التراث وتفاصيله الرائعة. ومع انه لم يتعرّف قبل هذه المهرجانات في شكل شخصي إلى فهد العبداللّه، غير انه رأى له لوحات كثيرة، وعلم باسهاماته الكثيرة في المهرجانات الفنية العربية المتزايد نشاطها في شكل فعّال منذ سنوات... فاطمأنّ إلى ان رفقةً طيّبةً ستكون له مع هذه الفرقة التي استعدّت هي الأخرى بالأفضل والأجمل... ففهد العبداللّه سيقدّم في المهرجانات خمس لوحات تمثّل كل لوحة، فولكلور وتراث منطقة لبنانية بعينها. فاللوحة الأولى هدية إلى بعلبك وضمنها أغنية "يا بعلبك كان وكان" التي أشرنا إليها، والثانية مهداة إلى العاصمة بيروت الّفها ولحّنها احمد قعبور، والثالثة إلى جبل لبنان وفيها الحان لزياد الرحباني، والرابعة إلى الشمال وضعها موسيقياً سمير كويفاتي، أما الأخيرة فللجنوب كتبها ولحّنها ايلي شويري. وسيشارك إلى جانب الصافي والعبداللّه، الممثل رفيق علي أحمد في توليف رابط مسرحي بين بعض المشاهد المناسبة، وسيمثّل ويرقص أيضاً، وربما تكون له وقفة مع مشاركة غنائية... على طريقته. الأستديو مشغول. وديع الصافي يسجّل مقطوعاته الجديدة. وفهد العبداللّه بين الأستديو ومركز التدريب الحديث الذي انشأه قبل أشهر لتمارين فرقته. وبعلبك... في آب.