لم يكن الثراء عملية سهلة كما هي الحال عليه هذه الأيام. وإذا احتاج الأميركي جون روكفلر الى 25 عاماً كي يجني بليونه الأول في صناعة النفط، فإن غاري وينيك أنهى المهمة ذاتها ب18 شهراً فقط، بعد مساهمته في تأسيس شركة "غلوبال كروسينغ" لكابلات الألياف البصرية المخصصة لنقل المعلومات الإلكترونية. واحتل المرتبة الثامنة والستين في لائحة أثرياء العالم التي تعدها مجلة "فوربس" الأميركية سنوياً. وطبقاً للائحة "فوربس" الأخيرة لا يزال أثرياء المعلوماتية متربعين من دون منازع على عرش الثراء العالمي. ويبلغ مجموع ثروة الستة الأوائل منهم نحو 187 بليون دولار موزعة على خمسة أميركيين وياباني واحد. في حين كان اليابانيون قبل تسعة أعوام يحتلون أول سبعة مراكز في اللائحة نفسها. ومن بين ضيوف اللائحة الجدد هذا العام تسعة هنود جمع غالبيتهم ثروته من صناعة المعلوماتية. ولا يزال مؤسس شركة "مايكروسوفت" بيل غيتس في المرتبة الأولى بثروة مجموعها 60 بليون دولار، على رغم خسارته نحو 30 بليوناً بعد تراجع قيمة أسهم شركته الى النصف. ويلي غيتس مؤسس شركة "أوراكل" للبرمجيات ومديرها التنفيذي لاري أليسون ب47 بليون دولار بعدما ارتفعت أسعار أسهم شركته في العامين الماضيين في بورصة "ناسداك" بنسبة بلغت ال500 في المئة. وبدأ غيتس المولود في العام 1955 لعائلة ثرية في مدينة سياتل الأميركية ولعه بالكومبيوتر في سن مبكرة وكتب أول برنامج بلغة بايسيك وعمره لم يتجاوز الثلاثة عشر عاماً وبعد 4 سنوات باع أول برنامج بمبلغ 4200 دولار. وكان قد تعرّف في المدرسة الى بول آلان الذي شاركه في ما بعد في تأسيس شركة "مايكروسوفت". وكانت خطوتهما الرئيسية نحو الثراء في العام 1980 عندما وقعا اتفاقاً لتوريد نظام تشغيل الأجهزة الكومبيوتر الشخصية لشركة "اي بي أم" I.B.M يعرف باسم "ام اس دوس" M.S.dos. وفي العام 1986 طرحت أسهم شركة مايكروسوفت في البورصة ولاقت إقبالاً وارتفعت أسعارها بعد عام من التداول بصورة جعلت من غيتس أصغر البليونيرات سناً في ذلك الوقت كان في الواحدة والثلاثين. أما شريكه بول آلان فيحتل المرتبة الثالثة على لائحة "فوربس" حالياً بثروة تقدر ب28 بليون دولار. ثاني اللائحة لاري أليسون، وهو رجل أعمال غريب الأطوار يبلغ من العمر حالياً 55 عاماً، رفضت السلطات الأميركية أخيراً منحه ترخيصاً لشراء طائرة ميغ حربية من روسيا ليضمها الى أسطول طائراته النفاثة التي يعتبر التحليق فيها وقيادتها هوايته المفضلة إضافة الى التبرع للمؤسسة المختصة بحماية الغوريلا من الانقراض. وشهرة أليسون ليست مستجدة بسبب ثراءه بل تعود الى أعوام خلت عندما بدأ سلسلة دعاوى ضد شركة مايكروسوفت والتي كانت أساساً في القضية التي دفعتها الولاياتالمتحدة ضد الشركة المذكورة بحجة انتهاكها لقوانين المنافسة. وأسس شركة أوراكل قبل 23 عاماً برأسمال لم يتجاوز الألفي دولار أميركي، وأصبحت الشركة اليوم الشركة الأولى في العالم في الصناعات المرتبطة بالإنترنت وأنظمتها. ويتمتع أليسون الذي ترعرع في مدينة شيكاغو الأميركية بسمعة رجل طائش ومتهور على رغم عبقريته في مجال الكومبيوتر التي سمحت له قبل عشرة أعوام من توقع المستقبل الزاهر للإنترنت لينصرف الى تطوير البرامج المناسبة لها، خلافاً لغيتس الذي توقع أن يكون المستقبل لأجهزة الكومبيوتر الشخصية، فانضم متأخراً الى صناعة الإنترنت واضطر الى أن يخوض معركة شرسة ضد شركة "نتسكيب" لمتصفحات الشبكة ولم ينجح في الفوز بهذه المعركة إلا بعد توزيع متصفحات "اكسبلورر" الخاصة بمايكروسوفت مجاناً الأمر الذي شكل المستند الأساسي في الدعوى المرفوعة ضده حالياً. وتخزن نحو 90 في المئة من الشركات المربوطة بالإنترنت معلوماتها وبياناتها على أنظمة صممتها شركة "أوراكل". ويعتبر أليسون أن النجاح الذي حققه في العامين الماضيين ليس سوى البداية، خصوصاً وأن تصفح الإنترنت لم يعد مقتصراً على أجهزة الكومبيوتر بل أصبح ممكناً عبر الهواتف النقالة والتلفزيون وأجهزة الجيب "والكن" Palm P.C.. رابع اللائحة الياباني ماسايوشي سون الذي أسس أول مصرف ياباني استثماري عبر الإنترنت "سوفت بانك" Soft bank. وبلغت ثروة سون بحسب أسعار الأسهم في شباط فبراير الماضي 68بليون دولار لكنها تراجعت الى 4،19 بليون اليوم بعد انهيار أسعار الأسهم الإلكترونية الأخير. ولكنه على رغم انهيار البورصة هذا نجح في مضاعفة ثروته ثلاث مرات عما كانت عليه قبل عامين. خامس اللائحة مايكل دل 36 عاماً مؤسس شركة "دل" لأجهزة الكومبيوتر وتبلغ ثروته 8،17 بليون دولار. أما سادس اللائحة فيعيدنا الى فلك مايكروسوفت إذ يحتل هذا المركز المدير التنفيذي الحالي للشركة ستيف بالمر الذي تولى منصبه قبل شهرين بعد استقالة غيتس وتفرغه لعمله المفضل في كتابة البرامج، ونتيجة الضغوط القضائية التي يواجهها. وكان بالمر الذي تبلغ ثروته حالياً 5،15 بليون دولار قد تعرف الى غيتس في جامعة هارفرد ولكنه وخلافاً لغيتس أنهى دروسه بشهادة في الرياضيات والاقتصاد. وانضم الى مايكروسوفت في العام 1980. وبعد خمسة أعوام هدده غيتس بالطرد بعد تأخر صدور نظام ويندوز وحدد له مهلة تنتهي بنهاية العام المذكور لكن بالمر نجح في إصدار البرنامج قبل شهرين من الموعد وعادت المياه الى مجاريها بين الاثنين، ويعتبر بالمر السويسري الأصل من أقرب المقربين الى بيل غيتس. ومن بين بليونيرات المعلوماتية الشبان، والذين احتلوا مراكز متقدمة في لائحة "فوربس" جيري يانغ 31 عاماً مؤسس بوابة الإنترنت Portal "ياهو" بثروة قيمتها 6،5 بليون دولار. وجف بيزوس 36 عاماً مؤسس "أمازون" المتخصصة في بيع الكتب والأسطوانات المدمجة على الشبكة العالمية وتقدر ثروته ب1.6 بليون دولار. وكانت مجلة "تايم" الأميركية قد اختارته شخصية العام في عددها الخاص للعام 1998. ومن أثرياء المعلوماتية الجدد أيضاً والذين احتلوا مراتب متقدمة في لائحة أثرياء العالم جاي والكر مؤسس شركة "برايس لاين" للتجارة عبر الشبكة وبيار اومادييه مؤسس موقع المزادات "اي باي" e bay. Com. واستضافت لائحة فوربس هذا العام ولأول مرة تسعة هنود، في مقدمهم عازم بريمجي مالك ومؤسس شركة "ويبرو" الأولى في الهند في مجال المعلوماتية ومقرها في مدينة بنغالور التي تعتبر بمثابة "وادي سيليكون" الهند. وقد حرص الرئيس الأميركي بيل كلينتون خلال زيارته الى الهند قبل ثلاثة أشهر على القيام بجولة في بنغالور وعقد لقاء خاصاً مع بريمجي الذي تقدر ثروته ب9،6 بليون دولار بحسب أرقام "فوربس". وبريمجي معروف بتواضعه وبساطته ولا يزال لغاية اليوم يسافر هو وأعضاء مجلس إدارته جواً على الدرجة السياحية ويصطف مع موظفيه في مطعم الشركة بانتظار دوره لتناول الطعام. ويلي بريمجي ديربهاي امباني المولود لعائلة فقيرة في ولاية غوجرات الهندية، انتقل في شبابه الى العمل في الخليج العربي وعاد الى الهند ليؤسس شركة صناعات ثقيلة سرعان ما تحول عنها الى صناعات البنى التحتية المخصصة للاتصالات. وإضافة الى بريمجي وامباني انضم الى لائحة "فوربس" كومار مانغالام بيرلا الذي يملك حالياً شركة "بايت انترناشيونال" الأميركية المتخصصة في نظم التعليم الإلكترونية وعبر الشبكة، إضافة الى مساهمته في عدد من الصناديق المالية التي تتاجر بأسهم شركات المعلوماتية وتقدر ثروة بيرلا بنحو أربعة بلايين دولار.