واشنطن - رويترز، أ ف ب - يُعلن غداً في واشنطن استكمال الخطوة الأولى المهمة لكشف أسرار "الشيفرة" الجينية للإنسان من خلال تجميع مكونات الحمض الريبي النووي "دي. إن. أي" المكون للمورثات أو الجينات، وكذلك من خلال رصد هذه المكونات وتصنيفها. ويمثل هذا الإعلان انجازاً علمياً هائلاً شبهه باحثون ب"إنزال رجل على القمر" و"وصول كريستوفر كولومبس إلى أميركا". لكنه ليس سوى البداية على طريق طويل يفضي إلى تغيير جذري في المفاهيم العلمية، من شأنه أن يحدث تحولاً في المجتمع ويؤدي الى ثورة في الطب وتغيير طريقة اكتشاف الأمراض وعلاجها. وأفاد بيان صدر أمس ان الكونسورتيوم الحكومي الدولي "هيومن جينوم بروجكت" مشروع جدولة رموز المخزون الوراثي والشركة الخاصة "سيليرا جينوميكس" في ولاية ماريلاند سيصدران غداً في مؤتمر صحافي، يعقد في أحد فنادق واشنطن، إعلاناً مشتركاً عن خريطة جينية تقريبية موحدة للإنسان. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" تحدثت عن احتمال إعلان في البيت الابيض بحضور الرئيس بيل كلينتون، لكن مكاتب الرئاسة لم تكشف برنامج عمل كلينتون غداً. وقال الدكتور ستيف راسل من قسم بحوث المورثات في جامعة كامبردج إن الانجاز "يشبه إنزال رجل على القمر بالنسبة إلى الخبراء البيولوجيين". ورأى الدكتور بيتر ليتل من كلية "إمبيريال" في لندن ان هذا الانجاز "مذهل إلى درجة ان العلماء قبل 10 سنين لم يحلموا بأن تحقيقه ممكن". وقارنه بوصول كولومبس إلى أميركا "الذي كان لحظة مثيرة لكن العالم في الواقع لم يتغير. والآن عندما تنظر إلى من يعيش ويعمل في اميركا، تدرك أهمية ما تم اكتشافه". وأكد علماء ان الاعلان الجديد سيكون اللبنة الأولى في صرح علمي عملاق، وقال كريغ فنتر رئيس مؤسسة "سيليرا" إنه "سباق لمجرد بلوغ خط البداية". يذكر ان باحثين من 18 بلداً يعملون في المشروع الذي بدأ في 1990، برعاية "المعاهد الوطنية للصحة" ووزارة الطاقة في الولاياتالمتحدة، التي تتولى تنسيق العمل كلفته ثلاثة بلايين دولار. ويشكل نشر الخريطة الجينية، أو جدولة "المخزون الوراثي البشري"، المرحلة الأولى في عملية طويلة من الكشف العلمي، ويفترض بعد ذلك تحديد المورثات التي تمثل أقل من 20 في المئة من طول شريط ال"دي. إن. أي" الموجود في الصبغيات، وهو عمل طويل وشاق يتطلب سنوات ربما تصل الى عقود، لكشف المورثات التي توجه عمل البروتينات المسؤولة عن كل العمليات الحيوية في جسم الانسان. ولم يُحدد حتى الآن عدد المورثات البشرية بدقة، لكن التقديرات تتحدث عن 30 - 150 ألفاً. وقبل الإعلان ستقوّم الدول الخمس الأكثر مشاركة في المشروع الحكومي الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا واليابان والصين، نتائج بحوثها، بحسب ما أعلن في لندن ناطق باسم منظمة "ولكوم تراست" الطبية الخيرية التي تمول بحوث "مركز سانجر" في جامعة كامبردج البريطانية، علماً أن المركز هو الفرع البريطاني للمشروع. وستضع "هيومن جينوم بروجكت" اكتشافاتها بتصرف الناس مجاناً، في حين ستسوق "سيليرا"، أُسست عام 1998 المعطيات التي جمعتها والمعلومات عن الرموز الوراثية للإنسان للشركات المهتمة.