قد تكون حظوظ بات بيوكانان بالفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية بنسبة معدومة، لكن تأثيره في نتائج هذه الانتخابات ومسارها سيكون واضحاً هذا الخريف. ويعتبر بيوكانان من أكثر الشخصيات السياسية الأميركية المعارضة علناً لسياسة الولاياتالمتحدة المنحازة لإسرائيل. وعلى رغم ذلك، فشل اللوبي الإسرائيلي في حجبه عن وسائل الإعلام، كما يفعل عادة مع الأصوات التي تتجرأ على انتقاد إسرائيل أو النفوذ اليهودي في الولاياتالمتحدة. ومنذ أن انشق عن الحزب الجمهوري العام الماضي وانضم إلى صفوف حزب الاصلاح الذي أسسه البليونير روس بيرو، عاد نجم بيوكانان ليلمع في سماء الانتخابات، كونه الأوفر حظاً بالفوز بترشيح حزبه خلال مؤتمر الحزب المحدد في 10-13 آب اغسطس المقبل. ففي أيلول سبتمبر 1999 وصف بيوكانان نفسه ب"الزعيم الوحيد في هذه البلاد الذي يقف بوجه اللوبي الإسرائيلي". وأكثر ما يخشاه اللوبي الإسرائيلي هو قدرة بيوكانان على ايصال رسائل إلى الرأي العام الأميركي من خلال كتاباته المنتشرة في الصحف الأميركية وبلاغته المميزة في المقابلات التلفزيونية. ومن أشهر تصريحات بيوكانان ذلك الذي وصف فيه الكونغرس الأميركي عام 1990 ب"الأراضي المحتلة الإسرائيلية". عمل بيوكانان في عدد من الإدارات الجمهورية، وكان كاتب خطابات الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون، وهو يتبنى برنامجاً سياسياً محافظاً. وآخر منصب رسمي له كان أيام رونالد ريغان كمدير للإعلام في البيت الأبيض. وحين اصطدم الرئيس جورج بوش مع إسرائيل عام 1991 بعدما جمد قروضاً لإسرائيل بسبب بناء المستوطنات، كان بيوكانان من أكثر المؤيدين له، إذ أعلن آنذاك: "انه لو تم تجاوز الفيتو من جانب بوش للقروض يكون بوش قد كشف ما آل إليه الكونغرس، مجموعة من العاهرات غير قادر على الوقوف إلى جانب مصالح الولاياتالمتحدة الوطنية، إذا كان الطرف الآخر ايباك اللوبي الإسرائيلي". وبسبب حدة الانتقادات التي يوجهها بيوكانان إلى مؤيدي إسرائيل في أميركا، فإن معظم الجمعيات اليهودية يتهمه بالعداء للسامية. ويرد بيوكانان على ذلك بقوله: "بنهاية الحرب العالمية الثانية شكل التأثير اليهودي على السياسة الخارجية هاجساً للقادة الأميركيين". وفي العام 1999 قال بيوكانان في مقابلة في برنامج "واجه الصحافة" الشهير: "أنا ادرك قوة اللوبي الإسرائيلي... لكننا نريد سياسة خارجية تضع مصالح البلاد في المرتبة الأولى". ويركز بيوكانان في خطابه السياسي على الشعور الوطني الأميركي، محاولاً استمالة الطبقة الوسطى في المجتمع والجمعيات الرافضة للسياسات الداخلية. وله آراء في السياسة الخارجية الأميركية، الدفاعية والاقتصادية، تركز على جعل مصالح الولاياتالمتحدة في المرتبة الأولى وترفض مشاريع التدخل، وهو يعارض الحصار على العراق وإيران. كان بيوكانان من أكثر المعارضين لحرب الخليج وتدخل الولاياتالمتحدة لإخراج قوات العراق من الكويت. وقال في هذا الشأن: "هناك طرفان يقرعان طبول الحرب: وزارة الدفاع الإسرائيلية ومؤيدوها في الولاياتالمتحدة". ومطلع هذه السنة بعث بيوكانان برسالة إلى المعهد الأميركي - اللبناني يدعو فيها إلى انسحاب القوات الأجنبية من لبنان، معتبراً أن لبنان "محتل من جانب دولتين"، وانه "يتحمل أكثر من حصته باستضافة اللاجئين الفلسطينيين". ووعد بأنه في حال انتخابه رئيساً سيعمل على تحرير لبنان من القوات الأجنبية. ويخشى المرشح الجمهوري جورج بوش الابن من ان يشق بيوكانان صفوف المحافظين في الانتخابات، وقد أبدى أسفه لخروج بيوكانان من الحزب الجمهوري. ويخشى أيضاً المرشحان الجمهوري بوش والديموقراطي آل غور وجود بيوكانان في المناظرات التلفزيونية، لأنه أكثر قدرة على التعبير، وأكثر طلاقة في اللغة، مما قد يسرق الأضواء منهما، خصوصاً ان هذين المرشحين لا يتمتعان بموهبة الخطابة.