سجل حكام كرة القدم في السعودية حضوراً لافتاً خلال السنوات الاخيرة، واثبتوا جدارة في قيادة المباريات المهمة في البطولات العربية والآسيوية. وهذا ما جعل الاتحادات المحلية في بعض دول آسيا وافريقيا امثال مصر وايران والسودان والصين تستعين بهم لقيادة المباريات النهائية في بطولاتها المحلية، فضلاً عن مباريات بطولات الأندية الآسيوية والافريقية ونهائيات كأس الامم للمنتخبات في آسيا وافريقيا. وتمكن حكام السعودية من انتزاع ثقة الاتحاد الدولي لكرة القدم بالتحكيم في مباريات كأس العالم غير مرة، بعدما شارك فلاج الشنار في ادارة مباريات مونديال 1986 في المكسيك وعبدالرحمن الزيد في فرنسا 1998. تفوق قاري وأكد الحكام السعوديون قبل نحو شهرين تفوقهم القاري، بعدما اختار الاتحاد الآسيوي الحكم السعودي عبدالرحمن الزيد كأفضل حكام في القارة للعام 1999. وهو اعتراف مهم من اكبر الاتحادات القارية بالمستوى الراقي الذي وصل اليه حكام السعودية. بيد ان هؤلاء الحكام الذين اثبتوا تفوقهم في ادارة المباريات الخارجية لا يزالون عاجزين عن انتزاع اعجاب الجماهير محلياً وارضاء المسؤولين عن الاندية الذين اعتادوا نسب اخفاق فرقهم في الى قرارات الحكام، ما جعل بعض الاوساط الكروية تطالب بضرورة الاستعانة بالحكام الاوروبيين لقيادة المباريات المهمة طوال الموسم. على رغم ان اخطاء الحكام المحليين لا تصل في غالب الاحيان الى فداحة بعض اخطاء الحكام الاوروبيين في مباريات شهيرة، الا ان جماهير الاندية ترفض الاعتراف بمستوى الحكام المحليين، ولا تتردد في اطلاق هتافات الاستياء ضدهم من دون وجه حق في اكثر الاحيان. ويرى بعض مسؤولي الاندية ان الحكام السعوديين يثبتون جدارة في المباريات الخارجية بينما يسجلون اخفاقاً في المباريات المحلية، ما يقلل من ثقة الجماهير بقدراتهم وحيادهم. مشكلة الانتماء ويعتقد هؤلاء ان ميول الحكام وتعاطفهم مع فريق على حساب آخر يدفعهم الى مجاملة فرقهم المفضلة وتسهيل مهمتها في الفوز على الفرق المنافسة، خصوصاً ان غالبية الحكام هم من اللاعبين المعتزلين الذي مارسوا اللعبة في عدد من الاندية وما زالوا يحتفظون بروح الانتماء والولاء لها، ما يجعل حكاماً مميزين يعلنون صراحة اعتذارهم عن التحكيم في مباريات الاندية التي لعبوا في صفوفها سابقاً! ويتفق مسؤولو الاندية على مبدأ نزاهة الحكام المحليين، لكن بعضهم يوجه اليهم اتهامات بتعمد اتخاذ قرارات خاطئة مجاملة للفريق المضيف او نكاية بالضيف وفقاً لمزاجية الحكم الذي يرون عادة انه لا يجد محاسبة دقيقة من اللجنة المسؤولة عن الحكام في اتحاد الكرة. ويدافع البعض عن مستوى الحكام في المباريات المحلية، على اعتبار ان الاخطاء واردة ولا يمكن لحكم ان يقود مباراة من دون ارتكاب الاخطاء. ويطالب المدافعون بمقارنة اخطاء الحكام المحليين بما ارتكبه الحكام الآخرون في بطولات كأس الامم الاوروبية 1996 في انكلترا و2000 الدائرة حالياً في هولندا وبلجيكا معاً، وكأس العالم 1998 في فرنسا وهي اخطاء فادحة وصل بعضها الى الغاء اهداف صحيحة. الوعي الكروي ويرى هؤلاء ان تشنج بعض مسؤولي الاندية واحتجاجاتهم ضد الحكام في حال تعرض فرقهم الى الخسارة ادى الى اعتياد المشجعين على الرفض الدائم لقرارات الحكام والتشكيك في صحتها، ما افسد الوعي الكروي لغالبية المشجعين الذين يستمدون موقفهم من مسؤولي انديتهم. وحمّل هؤلاء المسؤولين في الاندية والصحافة مسؤولية تراجع اداء الحكام في بعض المباريات المهمة. واعتبروا ان الحملات الاعلامية التي يقودها هؤلاء المسؤولون والصحافيون قبل المباريات المهمة بهدف التأثير على الحكام تسبب ايضاً في اثارة اللاعبين والمشجعين ما يؤدي غالباً الى عدم تعاون اللاعبين مع الحكام واضطراب اجواء المباريات، فيفقد الحكم القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة دائماً. وقائع وعلى رغم منطق دفاع انصار الحكام، الا ان جماهير بعض الاندية لا تزال تحتفظ بذكريات مريرة عن اخطاء غير منطقية وقع فيها الحكام ولا يمكن تبريرها. اثبتت ان مستوى الحكام السعوديين في البطولات المحلية لا يرتقي الى سمعتهم الدولية الواسعة. وساهمت الاخطاء التي ارتكبها الحكام خلال المباريات النهائية في تحويل مسار البطولات احياناً من فريق الى آخر. فقد جانب التوفيق الحكم ابراهيم العمر في اغفال ركلتي جزاء للهلال، اكدت اللقطة التلفزيونية صحتهما، ما سهل مهمة النصر الفوز بكأس الدوري على حساب الهلال الذي خرج مهزوماً 1-3 في نهائي موسم 1994-1995. وارتكب الحكم محمد السويل خطأ كبيراً في نهائي كأس الاتحاد بين الاتحاد والنصر في الموسم 1997-1998 عندما احرز مهاجم النصر حسين هادي هدفاً بيده في الدقيقة الاخيرة من اللقاء، وكان كفيلاً بفوز النصر 2-1 وتتويجه. ولم يكن الحكم ظافر ابو زنده يستحق الاشادة عندما اغفل احتساب ركلة جزاء واضحة منعت الاهلي من ادراك التعادل في الدقيقة الاخيرة من مباراته ضد الهلال في نهائي كأس الملك عبدالعزيز في الموسم الاخير. تضامن ومؤازرة ويجد الحكام مساندة ودعماً من اللجنة المسؤولة عنهم في اتحاد الكرة، ويتصدى رئيس اللجنة عادة الى الدفاع عن اخطاء حكامه وتبريرها وغالباً ما يلتزم الصمت حيال الاخطاء الواضحة. بيد ان بعض المسؤولين في اتحاد الكرة يرى ضرورة تبرير اخطاء الحكام وعدم الاعتراف بتقصيرهم حفاظاً على معنويات الحكام وحمايتهم من فقدان الثقة بقدراتهم مستقبلاً. ولم يجد امين سر اتحاد الكرة عبدالرحمن الدهام حرجاً عقب نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين الاخيرة بين الاتحاد والاهلي في تأكيد صحة قرار الحكم باحتساب ركلة جزاء للأهلي مناقضاً وضوح اللقطة التلفزيونية واجماع الغالبية على تعرض لاعب الاهلي للاعاقة خارج منطقة الجزاء. بيد ان الكثيرين ارجعوا تستر الدهام على خطأ الحكم ابراهيم العمر، رفعاً لمعنوياته في المستقبل. القاعدة والشواذ ويرى البعض ان محاسبة الحكام السعوديين من قبل الاتحادين الآسيوي والدولي عن تقصيرهم في المباريات الدولية حفزهم لبذل جهود مضاعفة والحرص على تجنب القرارات الخاطئة. بينما يرون ان تساهل اللجنة المسؤولة عنهم في الاتحاد السعودي شجع غالبيتهم على عدم الجدية في قيادة المباريات المحلية واتخاذ القرارات الخاطئة من دون اكتراث بما يترتب عليها من نتائج، اذ تتكفل هذه اللجنة بمهمة الدفاع وعدم الاعتراف بالاخطاء المرتكبة. وتسعى اللجنة الى اقناع مسؤولي الاندية والجماهير بصحة القرارات ما جعل الكثيرين يطالبون بمحاسبة الحكام المقصرين. يذكر ان هناك مجموعة من الحكام الممتازين في المملكة امثال عمر المهنا وعبدالرحمن الزيد ونصار الحمدان ومعجب الدوسري، الذين يأملون باثبات جدارة دولية تمنحهم ثقة الاتحاد الدولي للمشاركة في نهائىات كأس العالم 2002 في اليابان وكوريا الجنوبية.