تبدأ المحاكم الشرعية في قطر خلال أيام تطبيق "مشروع قانون الأحوال الشخصية"، هو الأول من نوعه، ويتكون من 318 مادة، وسيتم العمل به لفترة تجريبية لمدة عام وستقوم المحاكم "بالاستئناس به في أحكامها" خلال هذه المدة، تمهيداً لرصد "أي نقائص" قبل أن يقوم أمير الدولة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بإصدار مرسوم في هذا الشأن في وقت لاحق. وأفاد رئيس المحاكم الشرعية الشيخ عبدالرحمن آل محمود، ان مشروع القانون الذي يتكون من 318 مادة سيطرح على كل من له علاقة بالأمر خلال فترة تطبيقه التجريبية. وقال: "إننا على استعداد لقبول الملاحظات المكتوبة"، لافتاً إلى أن المشروع انجز في ثلاث سنوات. وأوضح الشيخ عبدالرحمن آل محمود أن مشروع القانون يضم مواد تعالج مسائل الأسرة بدءاً من الخطبة والزواج والنسب والنفقات والطلاق والحضانة وآثار الطلاق والمواريث بين الأزواج والأولاد، كما يعالج مسائل تتعلق بالأطفال مجهولي الابوين ونفقات الأقارب عموماً. وقال إن مشروع القانون اعتمد على المذهب الحنبلي كمرجعية وهو السائد في قطر، لكنه اختار ضمن ذلك اجتهادات غير راجحة في هذا المذهب، بل قد تخرج عنه إلى مذاهب أخرى "تحقيقاً للمصلحة"، مشدداً على أن "اختلاف العصر" اقتضى التغيير في الاجتهاد. وأكد رئيس المحاكم الشرعية أن مشروع القانون "حسم مسألة المرجعية الفقهية، منعاً لتضارب الأحكام القضائية" في هذا الشأن، وأنه يتكون من خمسة مواضيع أساسية هي "أحكام الزواج وآثاره، والفرقة بين الزوجين، والأهلية والولاية، والهبة والوصية، والإرث". وستصدر قريباً مذكرة تفسيرية، مشيراً إلى أن رئاسة المحاكم الشرعية كانت استطلعت آراء جهات عدة، مثل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة العدل. وقال ل"الحياة" إن سيدة تعمل في الجامعة هي الدكتورة آمنة الجابر شاركت في مراجعة مشروع القانون. وأكد ان المشروع سيطرح قريباً على المجلس الأعلى للأسرة وإدارة شؤون المرأة وغيرهما من جهات ذات علاقة بهذا المشروع. ورداً على سؤال ل"الحياة" عن مدى الاهتمام بمعالجة ارتفاع معدلات الطلاق، قال إن مشروع القانون أخذ باجتهادات تميّز بها القضاء الشرعي في قطر، ونصت على اعتبار الطلاق بالثلاثة طلقة واحدة. ورأى ان هذا يحل مشاكل كثيرة بالإضافة إلى عدم اعتماد طلاق "الغضبان" وعدم الأخذ ب"الطلاق البدعي" الذي يتم أثناء فترة العادة الشهرية أو الطمث الذي حدث فيه جِماع اتصال زوجي. وأكد رئيس المحاكم الشرعية، في مؤتمر صحافي، ان المشروع يعطي المرأة حق المطالبة بالخلع إذا رأت ان الحياة مستحيلة مع الزوج. لكنه شدد على أن "الخلع بمعناه الشرعي" موجود في القانون، ويجب أن يتم "بالتراضي" بين الزوجين، وفي حال رفض الزوج الخلع، فهناك اجراءات أخرى للتطليق إذا رأى القاضي مبرراً لذلك واستحالة استمرار الحياة الزوجية. من جهته، كشف الشيخ الدكتور ثقيل بن ساير الشمري، نائب رئيس محكمة الاستئناف الشرعية، ل"الحياة" ان هذا المشروع، الذي يعد الأول من نوعه خليجياً، يعتبر الخلع "فسخاً"، أي أنه إذا حدث خلع، فهذا يعني حصول "فسخ لا طلاق"، فإذا كانت هناك امرأة مطلقة مرتين وحدث لها خلع، فإن الخلع يعد فسخاً لا طلقة ثالثة، ويبدو ان هذا يعطي مجالاً أكبر لعودة الحياة الزوجية مرة أخرى إلى مسارها الطبيعي. وأشار إلى ان المشروع نص، للمرة الأولى في العالم العربي، على أن "تكون الحضانة بعد الأم للأب" 11 عاماً للولد و13 عاماً للبنت. كما أكد ان الخلع في المشروع الجديد "لا يقع إلا بتراضي الطرفين الزوج والزوجة". ويتوقع ان تشهد الدوحة نقاشاً واسعاً حول مشروع القانون الذي حدد سن الزواج للفتاة ب14 عاماً بموافقة ولي الأمر، كما يلزم الرجل ب"دفع نصف المهر إذا أقدم على الطلاق قبل الدخول على زوجته".