وزير الثقافة يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في دورتها الثالثة    السلفية والسلفية المعاصرة    أمير الرياض يفتتح المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع في نسخته الثالثة    النمور في القمة    جناح رقمي للتمور السعودية على منصة علي بابا    السلبية تخيّم على مواجهة الرياض والاتفاق    برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يقيم لقاءً علميًا عن مناسك العمرة    نائب وزير الخارجية يستقبل المبعوث الأمريكي الخاص للسودان    صلاح يقلب تأخر ليفربول أمام ساوثهامبتون ويقوده للتحليق في قمة الدوري الإنجليزي    بيولي: اعتدنا على ضغط المباريات وهذه الحالة الوحيدة لمشاركة رونالدو    تعليم الطائف يطلق برنامج ممارس الإدارة المدرسية للمكاتب الخارجية    موجة نزوح جديدة في غزة.. إسرائيل تهجر سكان «الشجاعية»    حلبة كورنيش جدة تستضيف برنامج فتيات    تجربة استثنائية لزوار "بنان"    بعد أداء مميز في قطر والقصيم.. معاذ حريري يتأهب للمشاركة في رالي دبي    شتوية عبور" تجمع 300 طفل بأجواء ترفيهية وتعليمية بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    وكالة الفضاء السعودية تدشن "مركز مستقبل الفضاء"    انطلاق معسكر "إخاء الشتوي" تحت شعار "فنجال وعلوم رجال" في منطقة حائل    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    شركة سناب تعزز حضورها في السعودية بافتتاح مكتب جديد وإطلاق «مجلس سناب لصناع المحتوى»    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُقيم فعالية "اليوم العالمي للإلتهاب الرئوي"    أمير القصيم يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    الجوال يتسبب في أكثر الحوادث المرورية بعسير    هل تؤثر ملاحقة نتنياهو على الحرب في غزة ولبنان؟    برنامج الغذاء العالمي: وصول قافلة مساعدات غذائية إلى مخيم زمزم للنازحين في دارفور    أمير الرياض يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    موقف توني من مواجهة الأهلي والعين    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    «هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    القِبلة    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمير خالد الفيصل يحيي "الجنوب المحرر" في أمسيته اللبنانية . الشعر يكمل الرسم في رحاب الجمال
نشر في الحياة يوم 31 - 05 - 2000

شاء الامير خالد الفيصل أن يستهلّ أمسيته الشعرية التي أحياها في قصر الاونيسكو مساء اول من امس، موجهاً تحية الى الجنوب اللبناني المحرّر. واراد ان تكون تحيته، هو الشاعر والرسام، قصيدة باللغة النبطية حمّلها حماسة الانتصار و"الابطال اللبنانيين" الذين ارغموا "العدو" على الانسحاب. وقال انه آتٍ من "رياض المجد" يهنئ "بلد الأرز" الذي لا يقاس بحجمه الصغير وإنما ببطولاته وعطاءاته.
وقرأ الامير خلال الامسية التي نظمتها وزارة الثقافة اللبنانية وامام جمهور لبناني وعربي غصّت به قاعة الاونيسكو قصائد باللغة النبطية دأب على تقديم كلّ منها باللغة الفصحى. وقدّم قصيدته الاولى "الى لبنان" قائلاً:
"من واحات النخيل وصحراء امريء القيس... من نجد عنترة... وتهامة ابن ابي ربيعة... اليكِ يا جبال الأرز... يا وطن الثقافة والفنون... جئتُ احملُ صبا نجدٍ... وخزامى الرياض... وسحائب أبها... ونسائمَ مساءات الصحارى. لوناً وحرفاً... حباً وعشقاً... للأرض وللانسان... فيكَ يا "لبنان الحسن والجمال". ومع أنني اخشى ان اعرض الماء وانتم على نهرٍ متدفق معطاء... لكنها التحية والتواصل... والأمل يعفي من الحرج بين الاحباب".
وترافقت الامسية الشعرية مع معرض تشكيلي ضمّ لوحات رسمها الامير في مراحل مختلفة وتستوحي بعض الشخصيات التاريخية والوجوه والمناظر الطبيعية. ونمّت لوحاته عن نزعة انطباعية واضحة وحالات شعرية وغنائية تبدّت خصوصاً عبر الالوان الزاهية والمشاهد الاليفة. وصدر في المناسبة كتاب ضمّ لوحات المعرض وقصائد الامسية اضافة الى شهادتين كتبهما الشاعران اللبنانيان جورج جرداق ورياض فاخوري. وقدّم الكتاب الناقد محمد توفيق ابو علي ومما قال في التقديم الذي حمل عنوان "الرسام الانسان"، "لله در الشعر، ما اجمله حين تصبح فيه الكلمات مرايا، وحين يخامرها شعور بأنها وجدت لتكون لشفيف الحس لساناً، وللوجدان النقي كوة طهر وغمامة وجد، ومثابة انسٍ تلوذ بها النفوس الرهيفة المتعبة، عندما تساورها الهموم.
هو ذا ما يمثل في الذاكرة، ان اسعفك الحظ واستمتعت بسماع شعر الشاعر الامير خالد الفيصل، او بقراءته.
وتدخل رحاب الجمال، وصحاب ركبك: هيبة وعذوبة وطفولة وجلال والتزام، وديباجة تجيد السبك، وتقيم التناغم في تجانس المتباينات والمتشابهات" حتى لكأنك مأخوذ برذاذ مشتهى من شلال نوراني، يدهم فيك عتمك، ويريحك من همومك، فتستفيق على حلم - ليس بحلم يقظة - لا يبارح عينيك، وانت محدق في ضوء النهار.
ولعل من ابهى سمات شعره، انه يحرض فينا الرغبة على التجاوز، في ألقٍ مفارقي يأخذ على المتذوق مجامع قلبه وعقله في آنٍ معاً: يبحر في يمّه، بيد ان رائحة التراب الطيبة لا تفارق انفه، واذا بالنجوم الزهر عيس، واذا بالنشوة الكبرى حداء، واذا بالجذب الجميل حادٍ لشاعر فارس أمير، تنقاد له مواكب الاسرار الجمالية، فيوصلها الى حيث السكينة نهر من الفروسية والشوق والحب وكل فتّان آسر.
ومن اللافت في شعره ذلك الجمع الرضي للعفوية والبساطة والصنعة العالية، ناهيك عن العمق والرصانة وصدق الاحاسيس" وذلك ما يولد طقساً من الانعتاق تهيم الروح في معارجه، لتصل من حيث لا تدري الى اعماق الجذور.
ولعل تمايز شعره، في اشتماله على انماط شتى" اسلوبياً ومضمونياً، يوزّع عليها قريحته بالعدل والقسطاس، ويشاطر الناس صباباتهم ولواعجهم وآمالهم وآلامهم، بجرآة الصادق الواثق.
ويدفعك شعره الى سجاياه ومواهبه، فإذا بك ازاء شخصية غنية قلّ نظيرها، في ابعاد مترامية في مداها، قريبة من لطفها وانسها، متناسقة في انتظام عناصرها: شاعر شاعر وفنان فنان، ومسؤول مسؤول، وقبل هذا وذاك، هو انسان انسان، انسانيته البهاء، تشي به ريشته وقلمه ولسانه، وبريق صفاء يتدثر به صمت ابلغ من ألف كلام".
الرسام
يكتب الشاعر رياض فاخوري عن الأمير الرسام قائلاً:
"الممارسة وليدة الفطرة واللون حركة بصرية في الواقع. أما العودة الى ابتكار الفضاءات الجميلة، بتكاوين مُتزنة سراب الصحراء المغري، فزمن آخر لتشكل الطبيعة وتناسق فصولها.
فالأمير خالد الفيصل يعي أن اللوحة أرفع مكان للطبيعة الصحراوية. لهذا يشدّد على تكاملها في المساحات اللونية الحارة، مُظهراً مدى الأفق الحرِّ تَلَمساً للواقع العياني الجميل فيها، مُمْسِكاً بالريشةِ، وكأنهُ يمسكُ بالفروسية مجالاً للنُبْلِ والارتقاء بالمكان، حيث له أن يكون وَجْداً لفكرةٍ، أو تجسيداً لمعنى خفي في بصيرة وقادة" علماً أن التصوير الزيتي هو لعبةُ الطيف الشمسي لبسط أسرار الضوء وانعكاساته على الظل والنور.
يغامر الأمير الرسامُ بمهارة لونية قزحية، مُركِباً انطباعيته من أشكال وإيحاءات ورموز. وفي انحناءة مرنة منه على الكتلة والحجم، يصوِّر المشهدَ ويبنيهِ بحسب الخاطر، مبدعاً توازناته الداخلية بطولةً راجعةً من التاريخ، في رسم متين خُطوطُه قوية وأليفة، آخذاً من التعبيري صفاته الوضاءة، ومن الجمال إيقاعات المعاني، ومن شعلة الصحراء شفافية المطلق.
الأمير الرسام، يفجِّر انعكاسات المناخ على نبل عطائه اللوني في جوٍ حارٍ، مؤنسٍ ومنعشٍ للفرح في آن، موزعاً بيئتنا العربية بالأزرق العميق الغني مع الأصفر المنير، والأحمر البرَّاق مع الأخضر القوي، متتابعاً ومتلازماً في موضوعاته. إنهُ حالٌ في كل لوحة تخلقُ فركة لمكان بعينه، حيث شفق الصحراء تناغم لروح الموسيقى الداخلية، وسرُ بوحٍ مضيء للذكريات الشجية.
يُصَوِّر الأمير الرسامُ شمولية الطبيعة والإنسان ويخطو باتجاه الانفعالات الشخصية، مُقيماً مدينته الإبداعية من هواءٍ وسماء وماء ونباتٍ. وهذه توازنات المرئي باللامرئي لإبداع الحاضر الجميل، حيثُ الشعر جوهر الحقيقة المطلقة للقاء الأرض بالسماء".
الشاعر
وكتب الشاعر جورج جرداق عن الأمير الفيصل شاعراً قائلاً:
"في هذا العصر الذي قلبه من حديد، وعواطفه من دخان المصانع، وضميره من حسابات الربح والخسارة، وأخلاقه ملوّثة كالهواء الذي يتنشقه، ومدنيّته عداوة للطبيعة والأصول والينابيع..
في هذا العصر الذي شيَّأ الإنسان وغيَّبه عن ذاته فسقط في الفراغ والزيف معظم من فيه وما فيه، ورقة واحدة تمسكُ بأعلى غصن في الشجرة ولا تريد أن تسقط في المستنقع هي: الشعر.
والشعر هو كلمة الإنسان الأخيرة، والنبض الدافئ للحياة في أعمق معانيها وأجمل ما فيها، والتعبير الأمثل عن الحال المميزة التي يحياها من أُوتي القدرة على أن يمتدّ بأحلامه وأشواقه على ألوف السنين السابقة التي هي عمره القديم، وعلى ألوف السنين اللاحقة التي هي عمره الآتي، ويصهرها في ومضة واحدة، ويُخرجها بالكلمات ذات الايقاعات الخفيّة والظاهرة إخراجاً جميلاً يحتوي جسد الحياة وروحها معاً.
وما أرفع قيمة الانسان الذي يأتي السياسة والإدارة والشؤون العامة من الشعر الذي يُخصب الحياة وبه وحده يعود الإنسان الى أصوله وينابيعه مغتسلاً بالحنين إلى عالمٍ صادق طاهر جميل له لغة واحدة هي المحبّة.
والأمير خالد الفيصل هو هذا الشاعر الذي يمتلئ وجدانه بنفسه وبالناس، ويرسم طريقه على دروب المحبة والعطاء، ويرسِّخ شعرهُ الخواطر والمشاعر على معنى الإنسان.
وعلى هذا، فأنت تجد صدىً لأحلامك وأشواقك حيث تقرأ من شعره الذي تجتمع فيه مواهب القلب والروح، وتتوحد فيه مادةُ الجمال وصورته، وتتوثق العلاقة الدافئة بين الإنسان وأخيه الإنسان حيث كان.
في شعر الأمير خالد الفيصل ما يعيد الى الإنسان خصائصه ومعناه. وفي لغته ما يدل على اغتسال الشاعر بوهج بلاده وتراثه، وبأمواج الحنين الى كل ما هو صادق وحميم.
ومن خلال شعره، بما فيه من انفتاح على المعاني الإنسانية، ومن دعوة محورية الى العطاء والخير واحترام القِيم الرفيعة، تدرك أن زماننا العربي هذا ليس نهاية التاريخ بل بدايته، وأن أجنحة الطائر التي طواها الزمان طويلاً قد عادت لتنبسط خفّاقةً في الهواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.