احتفل لبنان أمس للمرة الأولى ب"يوم التحرير والمقاومة" الذي حدده مجلس وزرائه عطلة رسمية، بعد تحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي، في حين تواصل تدفق المواطنين على مناطق الجنوب والبقاع الغربي التي زارها أمس رئيس الحكومة سليم الحص وعدد من الوزراء والنواب والفاعليات والقيادات الحزبية. وعمّت الاحتفالات مختلف المناطق اللبنانية وخصوصاً بيروت. وجال الرئيس الحص يرافقه وزير الاتصالات عصام نعمان، على بيت ياحون وكونين وبنت جبيل وعيترون وميس الجبل وحولا والقليعة ومرجعيون والخيام. واستقبل بالترحاب والزغاريد ونثر الرز والورد. وأبدى أسفه للدمار الذي لحق بالمنازل والمساحات المزروعة من جراء الاعتداءات الإسرائيلية. وقال إن "حلم لبنان تحقق، وإن الدولة مع المواطنين في السراء والضراء". وأكد "احتضان الحكومة الشعب وتأمين كل متطلباته". وكان له في القليعة استقبال حاشد طالب خلاله أهاليها بوضع حد لعمليات السرقة والنهب. وقالت له سيدة من بين الجموع: "ودّولنا أرسلوا لنا الجيش يجي يأتي يشيل يمنع عنا السرقات اللي عم تصير". وقال لهم "إن لبنان كله مدين لكم بصمودكم وبحريته المتجددة ويسرنا أن نكون في سدة المسؤولية فيما الوطن يتحرر بعد 22 عاماً من الاحتلال. إننا جاهزون تماماً من أجل إعادة الحياة الطبيعية الى المنطقة ليعمها الاستقرار والأمل". وخلال توجهه الى مرجعيون قال: "إنه يوم عظيم، يوم يحتفل فيه جميع اللبنانيين من دون استثناء بتحرير الأرض العزيزة علينا جميعاً. ونحن نعتز بهذا الشعب الطيب المناضل وبصموده الذي كان من العوامل التي ساعدت على إخراج الإسرائيلي من أرضنا الطاهرة، وتحية الى المقاومة الباسلة التي كان لها الفضل أيضاً في إلحاق الهزيمة بالعدو الإسرائيلي الغاشم". وفي مرجعيون التقى المطران الياس كفوري في مطرانية الروم الأرثوذكس واعداً بتقديم كل إمكانات الدولة للمناطق المحررة. وقال لأهلها في إحدى المدارس التي احتشدوا فيها: "نحن معكم قلباً وقالباً وسنعمل معاً من أجل حفظ استتباب الأمن والاستقرار في هذه البقعة من أرض لبنان ومن أجل إعادة البناء والإعمار لتعود الحياة الى مجاريها الطبيعية". وتوجه موكب رئيس الحكومة الى الخيام يرافقه النائب علي حسن الخليل. ورحب الأهالي به هاتفين: "أهلاً وسهلاً بالدولة". وألقى كلمة في حسينية البلدة مهنئاً لبنانوالجنوب النصر الكبير، مؤكداً "أن للمناطق المحررة الكثير من الحقوق على الدولة". ثم جال في معتقل الخيام. في هذه الأثناء عقدت اللجنة الوزارية المكلفة متابعة أوضاع القرى المحررة اجتماعاً في ثكنة النبطية برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية والشؤون البلدية ميشال المر، في وقت توجه عدد من الوزراء الى هذه القرى لتفقد حاجاتها وأبرزهم وزير الصحة كرم كرم الذي زار بلدته الخيام للمرة الأولى منذ 22 عاماً، وقبر والده الدكتور شكر الله كرم الذي اغتالته قوات الاحتلال عام 1978 في عيادته. ودعا حزب الله الى لقاء عام مع أمينه العام السيد حسن نصرالله في مدينة بنت جبيل الرابعة والنصف بعد ظهر اليوم "للاحتفال مع أهلها بالتحرير". وكان نصرالله تلقى اتصالاً من النائب البطريركي العام المطران رولان أبو جودة نقل إليه تهاني البطريرك نصرالله صفير وتحياته "بالانتصار الكبير للمقاومة ولبنان والشعب اللبناني"، وإشادته به وبالروح الوطنية العالية والمسؤولية التي يتحلى بها. ولا يزال صفير في السنغال حيث يقوم بجولة افريقية. وتلقى نصرالله اتصالاً من قائد الجيش العماد ميشال سليمان هنأه خلاله بالانتصار. وقام عميد حزب "الكتلة الوطنية" الجديد كارلوس إده، على رأس وفد حزبي بزيارة المناطق المحررة، وخصوصاً علما الشعب ويارون وراميا ورميش. وقال خلال جولته "جئنا نشارك أهلنا في الجنوب العرس التاريخي ولنتذكر وإياهم حلم العميد الراحل ريمون إده بالتحرير". وفي المواقف، قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة "إن الانسحاب الإسرائيلي ليس سلاماً لأن السلام مرتبط باتفاق بين لبنان وإسرائيل وسورية وإسرائيل في الوقت نفسه". وأضاف "هناك مرحلة من الاحتلال طويت ولبنان على أبواب مرحلة، لكن الموضوع الأساس هو الاستقرار الدائم والأمن المستمر، وهذا لن يتم إلا في اتفاق سلام وفي انسحاب إسرائيل من كل الأراضي السورية المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين". وهنأ رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري اللبنانيين بالتحرير، خلال احتفال في دارته التي زينها بأعلام لبنانية ل"تيار المستقبل" الذي يترأسه. وقال "إن التحرير ملك جميع اللبنانيين، وأن كل لبنان انتصر على إسرائيل" وأكد التزام لبنان الشرعية الدولية، وانتهاك إسرائيل الدائم لها. ورأى أن الانسحاب "أنهى مرحلة لتبدأ مرحلة جديدة نحتاج فيها الى وحدة وطنية حقيقية تتجلى بالتفافنا جميعاً بعضنا حول بعض ونبذ خلافاتنا الداخلية". وإذ نوه بدور المقاومة الأساسي في التحرير، رأى "أنها لولا سورية لما استطاعت الوقوف مثلما وقفت". وقال "إنه يوم انتصار للبنان وسورية ولروح المقاومة الموجودة داخل كل شاب وفتاة في لبنان". واعتبر أن "لا شباب منفتحاً ومقاوماً في غياب الديموقراطية والحرية". وركز على مساهمة الشباب في الانتخابات النيابية المقبلة "لإحداث التغيير المطلوب". وقال العماد ميشال عون، في حديث الى إذاعة "فرانس- انفو" أمس "إذا كان حزب الله يكن ولاء لسورية أو إيران، لا يمكنه أن يقول إنه حرر لبنان، لأن ما الفارق بين الولاء لإسرائيل أو بلد آخر". ورأى "أن مشكلة السيطرة على لبنان لا تزال كاملة ولن يتمتع بسيادته واستقلاله إلا بعد تطبيق القرار الرقم 520 الذي ينص على جلاء كل القوات الأجنبية". وأضاف "هناك ميليشيات تحتل جنوبلبنان ولم ينشر الجيش اللبناني قواته ولا يزال التهديد الإسرائيلي قائماً ولم تفرض الحكومة سيادتها على الأراضي بعد". وأضاف أن "عودتي الى لبنان ستتزامن مع رحيل السوريين". واتهم التيار العوني في بيروت الحكومة اللبنانية بأنها تعمدت إعطاء الضوء الأخضر للانتشار الحزبي والميليشيوي المسلح في الجنوب، تحت شعار "رفض القيام بمهمة حماية الحدود الإسرائيلية والربط الغريب بين انتشار الجيش اللبناني واستعادة سورية الجولان". وإذ أشار الى "حال ذعر وهلع" يعيشها المدنيون العزل في الجنوب، دعا السلطة الى نشر الجيش فوراً في المنطقة الحدودية، وتسريع نشر قوات الأممالمتحدة. واعتبرت الرابطة المارونية أن "أهلنا في الجنوب اليوم، في موقع محاسبة الدولة والحكومة والمؤسسات الشرعية عن تركها الجنوب وأهله سنوات طويلة وإدارة ظهرها لهم". وإذ أشادت بزيارة المسؤولين للجنوب، أبدت أسفها للتجاوزات التي حصلت ضد الأهالي الآمنين. "ما زاد في قلقهم". وأضافت "كان على الدولة التنبه الى مخاطر حصول مثل هذه التجاوزات في ظل الانسحابات واتخاذ الإجراءات الضرورية لتداركها". وأعلنت جامعة البلمند تقديمها خمس منح جامعية كاملة لخريجي المدارس في المناطق المحررة على أن تستمر حتى تخرج المستفيدين منها.