باريس - أ ف ب - يثير النقاش الذي اطلقته المانيا في مستقبل اوروبا، والمواقف المؤيدة لإقامة فيديرالية اوروبية، مشكلة جدية في فرنسا، حيث انقسمت الحكومة بين مؤيد للطرح الفيديرالي ومعارض، وذلك قبل اسابيع قليلة من تولي فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي. وقال وزير الداخلية الفرنسي جان بيار شوفينمان الخبير في هذه المسألة والمعروف بمعارضته لإقامة أوروبا متكاملة "اظن ان الغالبية منقسمة". فالحكومة الفرنسية التي يرأسها الاشتراكي ليونيل جوسبان هي ائتلاف يضم المدافعين عن البيئة والشيوعيين واليسار الراديكالي وحزب شوفينمان "حركة المواطنين" اليسار الجمهوري. وكشفت المواقف العلنية المؤيدة لقيام أوروبا فيديرالية لوزيرين من الخضر، عن ملامح أزمة عبر عنها جان بيار شوفينمان. وقال الوزير الفرنسي: "هناك مؤيدون لأوروبا فيديرالية. هناك الخضر، وهناك ميول أخرى في الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وفي حركة المواطنين، متحفظة عن هذا الاقتراح الذي يعتبرها عملية هروب الى الامام". و"انحرف" الوزير المندفع في كلامه، عبر ادانته تصور المانيا "الاتني" لأوروبا، وتشديده على ان هذا البلد "لم يشف بعد من الانحراف الذي شكلته النازية في تاريخها". وتعرض شوفينمان لموجة من الانتقادات بسبب تصريحاته. فقد اعرب الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان عن "صدمته" من هذا الكلام، في حين طلب الوزراء المدافعون عن البيئة من جوسبان ان "يوبخ" وزير داخليته. ويسلط تكاثر المواقف المؤيدة او المعارضة للطرح الفيديرالي الالماني الضوء على الشرخ القائم بين مؤيديه ومؤيدي السيادة الوطنية، الامر الذي كان يخشاه وزير الخارجية هوبير فيدرين كثيرا. وستتولى فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي اعتباراً من الاول من تموز يوليو المقبل. ويعتمد رأسا السلطة التنفيذية الرئيس جاك شيراك ورئيس الوزراء ليونيل جوسبان اللذان يفترض بهما ان يتكلما بصوت واحد، الحذر الشديد. ولم يتخذ اي منهما موقفاً من الطروحات الالمانية التي فوض هوبير فيدرين التعبير عن الموقف الرسمي منها. واوضح فيدرين ان فرنسا ستكون حاضرة في النقاش "المهم جداً" الذي اطلق حول مستقبل أوروبا بعد انضمام اعضاء جدد اليها، لكن من الحيوي قبل ذلك انجاز المفاوضات التي بوشرت لإصلاح المؤسسات والسماح بتوسيع جديد. واوضح فيدرين "اذا أدرج البلد الذي سيتولى الرئاسة هذا الموضوع على جدول الاعمال سيرى فوراً انقسام الاوروبيين الى ثلاث مجموعات على الاقل: المؤيدون والمعارضون بشدة والاشخاص غير المقتنعين كثيراً". وفي اطار عملي طرح فيدرين اعتماد الاجراء المنصوص عليه في الاتفاقات الاوروبية الذي يسمح لمجموعة من الدول الاعضاء المضي قدما في مشروع سياسي ويوفر للشركاء الاخرين المتحفظين، إمكان الانضمام اليه لاحقا. لكن مؤيدي أوروبا السياسية يعتبرون ذلك غير كاف ويأسفون للنقص في الرؤية وفي اندفاع القادة الاوروبيين الذين تشكل "الواقعية الاوروبية" التي ينادون بها ستارا يخفي "تشكيكهم في أوروبا" على ما يرى رئيس المفوضية السابق جاك ديلور.