سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ابراز الطابع الاسلامي والمحافظ ومدى تلاؤمه مع السياحة العربية . كرنفالات متنوعة ومفتوحة في مختلف أنحاء ماليزيا والهدف استقطاب 8.5 مليون سائح نهاية 2001
يسعى المسؤولون عن قطاع السياحة في ماليزيا الى تجاوز عتبة الثمانية ملايين زائر سنوياً. وتركز حملاتهم التسويقية في شكل خاص على الصين وعلى بلدان الشرق الأوسط والهند واليابان وكوريا الجنوبية. وتملك ماليزيا، التي تمازج في تراثها بين الحداثة والتقاليد، امكانات سياحية مختلفة وتنوعاً في التضاريس والمشاهد الطبيعية تتيح لها استقطاب فئات السياح على اختلافها من جميع الأسواق الرئيسية الموردة في أوروبا وآسيا وأميركا. الا ان العامل الرئيسي الذي يضفي على زيارة ماليزيا اغراء ملحوظاً يتمثل في رخص سعر العملة الوطنية، الرينغيت، الذي خفضت الحكومة سعر صرفه بمقدار يفوق 40 في المئة عام 1997 وحددته ب3.8 رينغيت للدولار الأميركي الواحد. وكانت الأزمة الآسيوية التي ابتدأت في حزيران يونيو 1997 امتدت من تايلاند الى ماليزيا وبقية الدول المجاورة في الشهور التالية. وحفز الأمر السلطات الماليزية على تبني سياسات تنمية اقتصادية جديدة وأكثر ديناميكية لمواجهة الأزمة وانعكاساتها. وعلى خلاف اندونيسيا، التي خضعت لشروط صندوق النقد الدولي ولم تنجح في الخروج من أزمتها حتى اليوم، رفضت ماليزيا الحصول على أي مساعدة مالية من الخارج وفضلت الاعتماد على نفسها وعلى مواردها الذاتية لاستعادة عافيتها الاقتصادية، وفي مقدمها الصناعة والخدمات بما في ذلك السياحة خصوصاً. ونشطت وزارة السياحة في الترويج لماليزيا في اطار تصور أوسع يهدف الى حفز السياحة الدولية الوافدة وزيادة حجم مساهمة هذا القطاع في اجمالي الدخل القومي. وتنظم باستمرار في مختلف انحاء البلاد مهرجانات واحتفالات موسمية وسنوية وماراثونات تهدف الى التعريف بالولايات ال13 التي تتألف منها البلاد، علاوة على منطقة كوالالمبور الفيديرالية وجزيرة لابوان الفيديرالية هي الأخرى "ولإشعار الذائر بأن ماليزيا هي كرنفال سنوي دائم". وتتضمن لائحة المهرجانات عدداً كبيراً من الأحداث منها شهر "مهرجان المياه" الذي انطلق في السادس من أيار مايو الجاري والذي يشتمل على جملة أحداث ثقافية ورياضية متنوعة، مع التركيز في شكل خاص على توزيع الفاعليات على طول مناطق الشواطئ السياحية والأنهار والبحيرات والقنوات والمسطحات المائية. وتنطلق الأحد المقبل أيضاً، ولمدة شهر، احتفالات مهرجان "ألوان ماليزيا" وهو مهرجان يتضمن احداثاً واحتفالات متنوعة في مختلف أنحاء البلاد للتعريف بالتراث الغني لماليزيا بما يتضمنه من موسيقى ورقص واستعراضات فنية. وستجرى خلاله أيضاً مسيرة كبيرة صاخبة تعبر شوارع العاصمة كوالالمبور. ويركز المسؤولون في صورة خاصة على تأكيد مكانة ماليزيا كسوق تطرح منتجات متقدمة بأسعار منافسة ومتهاودة. ومن المنتظر ان يبدأ في السابع من آب اغسطس المقبل "مهرجان مرديكا للتسوق" الذي يستمر شهراً. ويقول المنظمون انه سيكون الأكبر من نوعه منذ بدء المهرجان قبل ثلاثة أعوام. ويرمي هذا المهرجان السنوي الى الترويج لقطاع البيع بالتجزئة في ماليزيا وربط نشاط الترفيه والسياحة بنشاط التسوق، لتتاح للسياح الاستفادة من نقاط البيع التي تنافس بعروضها الترويجية سنغافورة وبقية الوجهات السياحية في جنوب شرقي آسيا. وتستند الحملات الترويجية السياحية في ماليزيا الى رؤية تخص المكانة التي تحتلها ماليزيا كنقطة وسط في محيط ثقافي وعرقي متنوع "قادرة على تقديم أفضل ما لدى الدول المجاورة لها". ويقول وزير الثقافة والفنون والسياحة عبدالقادر شيخ الغجر: "في ماليزيا كل شيء مختلف. لدينا كل شيء هنا: الصين والهند واندونيسياوتايلاند وبعضاً من البرتغال ايضاً. وهناك مساجد، وهناك معابد هندية وصينية وكنائس تنهض جميعاً الى جانب بعضها البعض". وكانت البرامج التسويقية التي وضعتها الحكومة في اطار الخطة الخماسية الثامنة 2000 - 2004 نصت على وصول عدد السياح الدوليين القادمين الى ماليزيا خلال السنة الجارية الى 6.5 مليون سائح. إلا ان المسؤولين عن القطاع السياحي يرغبون في تجاوز هذه النسبة للوصول بعدد الزوار القادمين لأغراض الترفيه والسياحة الى 8.5 مليون زائر بنهاية السنة المقبلة، محاولين استهداف أكبر قدر ممكن من الدول التي يمكن أن يهتم سكانها بزيارة ماليزيا. وبين الأسواق المهمة، بخلاف الصين، هناك منطقة هونغ كونغ للحكم الذاتي التي يقبل سكانها على زيارة ماليزيا لأن أسعار الاقامة والسياحة فيها تقل بنسبة 70 في المئة عن الأسعار المعتمدة في هونغ كونغ. وكان عدد الزوار القادمين من هونغ كونغ العام الماضي بلغ 68 ألف زائر. إلا أن وزارة السياحة ترغب في رفع هذا العدد الى نصف مليون السنة المقبلة وتعتبر ان الشرط الأساسي لاجتذابهم هو تعريفهم بما تستطيع ماليزيا ان تقدمه لهم، سيما وأن شروط دخولهم الى البلاد مبسطة بخلاف الأمر مع بقية سكان الصين الآخرين. وزار الوزير شيخ الغجر اخيراً هونغ كونغ لحضور المؤتمر السنوي لوكالات السفر في منطقة المحيط الهادئ الآسيوية بالاضافة الى كبار المسؤولين في شركتي "دراغون اير" الجوية وشركة خطوط "كاثي باسيفيك" ومسؤولي وكالات السفر المحلية. وتحاول الوزارة اقناع منتجي الأفلام السينمائية بالقدوم الى ماليزيا لتصوير أفلامهم فيها وتعدهم بكل مساعدة يحتاجون اليها، على اعتبار ان السينما تشكل أفضل وسيلة ترويج سياحية واسعة الانتشار. وتتعاون وزارة السياحة كذلك عبر لجنة عمل شكلت بين القطاعين الحكومي والأهلي مع ممثلي قطاع الفنادق ووكلاء السفر والمرشدين السياحيين وشركات الطيران لرسم سياسات ترويجية أكثر نشاطاً. ودعت "لجنة العمل" الاسبوع الماضي الهيئات الشبابية الى المساهمة في حفز السياحة الوافدة ووضع برامج تحقق تكاملا مع البرامج الترويجية التي تضعها الحكومة لجذب السياح. كما تسعى الحكومة أيضاً الى تشجيع السياحة الداخلية مع ارتفاع حجم الادخار المتاح للسكان وتزايد الشعور بالثقة لدى الأفراد. وساهمت العروض التشجيعية التي قدمتها فنادق الأربع والخمس نجوم في الربع الأول من السنة الجارية في رفع حجم الاقبال السياحي، إذ طرحت هذه الفنادق تنزيلات بقيمة 50 في المئة على أسعارها المعلنة في بادرة هدفها حفز السياح ومنظمي الرحلات الجماعية على القدوم. ويبلغ عدد الفنادق في ماليزيا 1578 فندقاً تحوي 117.2 الف غرفة ينتمي 30 في المئة منها الى فئة الخمس نجوم، كما ان 91 فندقاً فقط تحوي غرفاً يفوق عددها 300 غرفة وهو ما يشكل 34 في المئة من اجمالي حجم السعة الفندقية في البلاد. وتملك ماليزيا شبكة طرقات متطورة وواسعة منها الخط السريع الذي يبلغ طوله 950 كلم والذي ينحدر من تايلاند حتى ولاية جوهور ويكمل حتى سنغافورة عبر الجسر الدولي، وهي تضم مجموعة كبيرة من المرافق الأساسية والمنشآت الخدمية ذات المعايير الدولية. ويحاول المسؤولون عن السياحة اجتذاب السياح العرب على اعتبار ان السائح العربي، لا سيما الخليجي، يتميز بمعدل انفاق عال وبعدد ليال مرتفع ويصطحب معه عدداً كبيراً من أفراد أسرته. وتتيح ماليزيا للأجانب تملك الشقق والعقارات في أي موضع يختارونه وتعرض في منطقة المرتفعات التي تبعد نحو 80 كلم من العاصمة كوالالمبور مباني سكنية للبيع. ويبلغ سعر الشقة الواحدة المؤلفة من خمس غرف 30 ألف دولار الى 50 ألف دولار. وتتميز هذه المنطقة بجو بارد منعش يشبه المناخ الجبلي في مصايف لبنان، وهي لا تبدو معنية بالجو الدافئ أو الحار كماليزيا التي تحيطها آلاف الكيلومترات من الشواطئ والخلجان، والتي تقع على مقربة من خط الاستواء. وتقع ماليزيا على بعد نحو سبع ساعات جواً من العواصم الخليجية، وتربطها بالعالم الخارجي شبكة خطوط دولية تتيح إكمال السفر الى بقية أنحاء جنوب شرقي آسيا أو المتابعة الى استراليا أو جنوب القارة الافريقية. وبدأت المستشفيات الماليزية في الآونة الأخيرة تسويق خدماتها الطبية للزوار العرب والآسيويين والأميركيين الذين يرغبون في زيارتها للعلاج، ومنها مستشفى الطب المتقدم في جزيرة بينانغ الذي يضم 212 سريراً والذي حصل أخيراً على شهادة الجودة "ايزو 9000" على عمليات القلب المفتوح التي يجرونها. وقال مسؤولو المستشفى انهم قادرون على تأمين عمليات قلب مفتوح بمبلغ يدور في محيط خمسة آلاف دولار، حسب نوع العملية، مقابل 15 ألف دولار الى 20 ألف دولار هي كلفة العمليات المماثلة في المستشفيات الأميركية التي تحمل شهادات الجودة نفسها. وتراهن ماليزيا أيضاً في محاولتها استقطاب السياح العرب على طابعها المحافظ الذي يستمد جذوره من الدين الاسلامي الذي هو الديانة الرسمية للبلاد. وتتعايش أديان عدة في ماليزيا، الا ان الطابع الاسلامي الهادئ والمحافظ يسود الثقافة والسينما والحياة اليومية. وتمنع السلطات بث أفلام أو مشاهد خلاعية أو تداول مواد تخدش الحياء العام. وتنزل المرأة الماليزية الى ميدان العمل مرتدية غطاء الرأس والثياب المحتشمة من دون أن يعيقها ذلك عن مشاركة الرجل في مختلف ميادين الحياة اليومية. ويقول المسؤولون الماليزيون ان السياحة العائلية العربية قادرة اكثر على التفاعل مع البيئة المحلية التي يمكن أن تؤمن لجميع أفراد الأسرة أنواع الترفيه التي يرغبونها. ويشيرون الى أن الجو المحافظ يراعي التقاليد الاسلامية والشرقية.