ينتظر ان يدعو الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الوزاري المشترك يوم الاثنين المقبل في بروكسيل الى استعجال وتيرة مفاوضات التجارة الحرة والتوصل الى اتفاق في "أمد مقبول" يكون أداة لتشجيع الاستثمارات المشتركة ويساعد على تقييد العجز التجاري المتراكم عبر الأعوام على حساب المجموعة الخليجية. وتتوقع الأوساط الديبلوماسية أن ينتقد الجانب الخليجي تزايد العجز التجاري وارتفاع الرسوم الجمركية الأوروبية على الصادرات الصناعية الخليجية اضافة الى ما يمكن وصفه ب"الشروط التعجيزية" التي تضعها المفوضية وتعيق، في نظر الخليجيين، الجهود المبذولة في اتجاه ابرام اتفاق التبادل التجاري الحر. وتحدث سفير مجلس التعاون الخليجي نجيب الرواس عن "وجود رغبة لدى الجانبين للوصول الى اتفاق يقوم على أسس صلبة". وتمنى أن يأخذ الأوروبيون في الاعتبار الخطوات التي قطعتها دول الخليج العربية في طريق الاندماج الاقليمي والجهود "المؤلمة بالنظر لموارد الموازنات" التي تبذلها دول المجلس من أجل بلوغ أهداف الوحدة الجمركية. وكانت مصادر المفوضية الأوروبية "قابلت ببرودة" قرار القمة الخليجية الأخيرة بتحقيق الوحدة الجمركية في السنة 2005. وأوضح السفير الخليجي ان تقدم بلدان مجلس التعاون نحو الوحدة الجمركية "يستجيب بشكل أولي لاستراتيجية خليجية" قبل أن يكون استجابة لشرط أوروبي. ويبدي مسؤولون خليجيون تفاؤلهم بتقدم المسار الاندماجي الاقليمي ويرون ان الوحدة الجمركية ستمثل خطوة حاسمة في طريق الاتحاد الاقتصادي الخليجي الذي قد يصل في المستقبل البعيد الى هدف الاتحاد النقدي واصدار عملة خليجية موحدة. كما تنسق البنوك المركزية الخليجية سياساتها النقدية وكانت اتفقت على تثبيت أسعار صرف العملات الخليجية ازاء العملات الخارجية. إلا أن الأوروبيين لا يوافقون على التقويم الخليجي لسير المفاوضات التجارية. وذكر مصدر مطلع ان القضايا كافة مطروحة على طاولة المفاوضات "وهناك مصالح يعتبرها الخليجيون حيوية بالنسبة لاقتصاداتهم مثل البتروكيمياء وأخرى يراها الأوروبيون حساسة بالنسبة لصادراتهم. والأمر قيد التفاوض". وتستبعد المفوضية الأوروبية التوصل الى اتفاق التبادل التجاري الحر قبل انجاز البلدان الخليجية وحدتها الجمركية وأقصى ما يمكن تحقيقه، قبل سنة 2005، هو التوقيع على الاتفاق التجاري وتأجيل تنفيذه الى ما بعد تحقيق الوحدة الجمركية الخليجية. ويتوقع ان تعود المفوضية الى المجلس الوزاري الأوروبي لطلب تفويض جديد يتناسب مع التقدم الذي احرزته المفاوضات على الصعيد الفني، قبل أن تخاطر بتقديم تنازلات تجارية لفائدة مجلس التعاون. وتتخوف مصادر خليجية من أن يؤدي طلب المفوضية تفويضاً جديداً الى إرجاء حسم المفاوضات حقبة أخرى قد تتجاوز مواعيد انتهاء المفاوضات المتعددة الأطراف الجارية داخل اطار منظمة التجارة الدولية في جنيف. ويلاحظ مراقبون أن العلاقات بين الجانبين الخليجي والأوروبي "تفتقد للحماسة السياسية الكافية". فالمفوضية الأوروبية لم تنجح في نيل تصويت البرلمان الأوروبي على بنود موازنة التعاون الفني مع دول الخليج العربية. وكانت المفوضية طلبت تأجيل بعض الاجتماعات مع الجانب الخليجي، الأمر الذي فسرته جهات مطلعة بلامبالاة بعض المسؤولين الأوروبيين بالعلاقات الخليجية - الأوروبية. إلا أن اهتمام المفوضية ومحدودية توجهاتها ونقص حماسة خبرائها يتجاوز العلاقات الخليجية الأوروبية ليطال العلاقات مع دول الجنوب ومنها دول الجوار المتوسطي. فأكثر من دولة عربية تفاوض الاتحاد منذ أعوام من دون أن تتوصل الى ابرام اتفاقات الشراكة. وقد يعود أمر التأخر بشكل أساسي للتخبط البيروقراطي الذي تعيشه المفوضية الأوروبية، منذ استقالة الفريق السابق في ربيع العام الماضي، والشلل الذي أصاب بعض الدوائر الفنية المتخصصة وافتقار بعض مسيريها بشكل مخيف لكل خيال سياسي.