زيارة جامعة حلب تبعث في النفس الحيوية والنشاط والشباب، وفي هذا العام تبلغ جامعة حلب عامها الأربعين، وهي تعد ثاني أكبر الجامعات في سورية. وشكلت كلية الهندسة المدنية، التي نشأت مع الاستقلال عام 1946 بموجب المرسوم 1004، نواة جامعة حلب التي استحدثت رسمياً عام 1960، واقتصرت في حينه على كليتي الهندسة والزراعة، ثم شهدت تطوراً كبيراً، كما يشير "الدليل الجامعي"، من حيث عدد الكليات والمعاهد المتنوعة، وبدأت تستوعب أعداداً متزايدة من الشباب، فتمّ استحداث كلية الحقوق عام 1961 ثم أوقف التسجيل فيها، وفي عام 1965 كلية الطب البشري، وفي عام 1966 استحدثت كلية اللغات وتضم أقسام اللغة العربية، واللغة الفرنسية، واللغة الإنكليزية، وغيّر اسم الكلية فأصبح كلية الآداب، ثم عدل عام 1982 فأصبح كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وفي عام 1983 تمّ افتتاح قسم التربية، وفي العام 1993 قسم التاريخ، ثم افتتح قسم الجغرافيا وقسم الفلسفة وعلم الاجتماع في العام التالي. أما كلية العلوم الاقتصادية فاستحدثت في عام 1967 وتضم الفروع التالية: الاقتصاد - التخطيط - الإحصاء - التجارة المالية، وغيّر اسمها عام 1977 وأصبحت كلية الاقتصاد والتجارة، ثم عدل عام 1986 وأصبح كلية الاقتصاد. وفي عام 1967 استحدثت كلية العلوم وضمت الفروع التالية: العلوم الرياضية، العلوم الرياضية والفيزيائية، العلوم الفيزيائية والكيميائية، وفي عام 1976 افتتح فرع العلوم الطبيعية ثم فرع العلوم الجيولوجية. أما في عام 1969 فقد استحدثت كلية الطب البيطري في مدينة حماه تابعة لجامعة حلب ثم ألحقت بجامعة البعث في اللاذقية وفي عام 1977 تم استحداث كلية طب الأسنان، وأعيد افتتاح كلية الحقوق في عام 1981، ثم في عام 1991 استحدثت كلية الصيدلة. وتعاقب على رئاسة جامعة حلب كل من السادة: توفيق المنجد 1960- 1967، والدكتور مصطفى عزة النصار 1968- 1969، وخلال الأعوام 1969- 1973 كان رئيس الجامعة وزير التعليم العالي، والدكتور أحمد يوسف الحسن 1973- 1979، والدكتور محمد علي حورية 1979- حتى تاريخه. وتزايد الاهتمام بجامعة حلب وغيرها من الجامعات السورية منذ بداية السبعينات، نظراً للدور الملقى على عاتقها في إعداد الأطر العلمية والفنية الضرورية لبناء المجتمع السوري وتأهيل شبابه. وكان لجامعة حلب نصيب من الاهتمام تجلى في استكمال البناء العلمي للجامعة، فقد تم افتتاح العديد من الفروع والأقسام المختلفة، إلى جانب تطوير أجهزة التدريس والإدارة والمباني الجامعية والمختبرات والمناهج، وتزايد عدد المعاهد المتوسطة، بغية إعداد الكوادر الفنية المزودة بالمعلومات والمهارات العلمية والنظرية التي تساهم في عملية التنمية في مختلف المجالات، واستحدتث المعاهد المتوسطة التالية: المعهد المتوسط الطبي، والمعهد المتوسط الهندسي، والمعهد المتوسط الزراعي، والمعهد المتوسط التجاري، والمعهد المتوسط للهندسة الميكانيكية والكهربائية، والمعهد المتوسط للسكرتاريا، والمعهد المتوسط لطب الأسنان، ومعهد الكومبيوتر. وترافق هذا التطور مع إيفاد العديد من الشباب الخريجين الى دول أجنبية من أجل التأهيل والتخصص، ففي العام الدراسي 1995 بلغ عدد المعيدين الموفدين 471 في مختلف الاختصاصات و139 معيداً قيد الإيفاد، إضافة الى 85 معيداً عائداً من الإيفاد. كما بلغ عدد أعضاء الهيئة الفنية 969 عنصراً من مهندسين مفرزين وقائمين بالأعمال وفنيين بالإضافة الى فنيين عاملين في المخابر والورشات. وبالنسبة لأعداد الطلاب فقد ازداد من 7948 طالباً وطالبة في العام الدراسي 1970/1971 الى 53465 طالباً وطالبة في العام الدراسي 1994/1995، وتبين المجموعة الإحصائية لجامعة حلب أنه في العام الدراسي 1999/2000 بلغ أعضاء الهيئة التدريسية 2444 عضواً من أساتذة وأساتذة مساعدين ومدرسين ومتعاقدين، وأعضاء الهيئة الإدارية 2302، وبلغ عدد الشباب الجامعي 42646 منهم 28401 ذكور و14245 إناث. والمؤشر المهم هو أن العدد التراكمي للمتخرجين من الجامعة منذ تأسيسها بلغ 107284خريجاً وخريجة بينهم 20740 خريجاً وخريجة من المعاهد المتوسطة، كما بلغ العدد التراكمي للمتخرجين من الدراسات العليا 9112. إن هذه الأرقام تعبر عن تطور كمي ونوعي شمل جميع فروع ومناحي الأنشطة الجامعية. وتحتل المباني الجامعية في الوقت الراهن موقعاً مميزاً في الجانب الغربي المرتفع من مدينة حلب العريقة تاريخياً، وتبلغ مساحة الحرم الجامعي حوالى 120 هكتاراً، وتحتل الحدائق مساحة واسعة منه وتكسبه جمال المنظر والمتعة والراحة والهدوء. وتضم جامعة حلب حالياً 14 كلية، إضافة الى وحدة أكاديمية هي معهد التراث العلمي العربي، ومدرسة التمريض، ومركز الحاسب الآلي، ومركز تقنيات التعليم، ومركز المعلوماتية، والمركز الياباني للتعاون الأكاديمي، والمراكز الاستشارية للغات: الإنكليزية، والفرنسية، والروسية، والألمانية، والإسبانية، والإيطالية، والمكتبة المركزية، وهنالك عدد من المعاهد والمستشفيات التابعة للجامعة ومديرية الكتب والمطبوعات. وتحتل المكتبات مكانة مميزة في جامعة حلب، فقد أنشأت مكتبة متخصصة في كل كلية، إضافة الى المكتبة المركزية. وتتولى مديرية المكتبات الإشراف عليها وتزويدها بالمراجع والكتب والدوريات. وتشغل المكتبة المركزية موقعاً مميزاً وبناء خطط له أن يستوعب حوالى مليون ونصف كتاب، ويحتوي هذا البناء الضخم ثلاثة صالات للمطالعة الداخلية ومخازن خاصة بالمخطوطات والكتب النادرة وقاعة للمحاضرات العامة وصالة للمعارض التي تقام في الجامعة. وتهدف الجامعة، وفق ما تنص عليه المادة 12 من القانون الرقم 1 لعام 1975، إلى "تحقيق التقدم في مجالات العلم والتقنية والفكر والفن وفي مجال العمل لتحقيق الأهداف العربية القومية ونشر الحضارة العربية وتطويرها وإغناء الحضارة الإنسانية وتوسيع آفاق المعرفة البشرية والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية" في سورية، وذلك من خلال إعداد المتخصصين في مختلف العلوم والنهوض والمشاركة بالبحث العلمي، وتطوير وسائل البحث والتعليم، وإعداد شخصية الشباب الجامعي و"توجيهه نحو الاختيار الأمثل للفاعليات التي سيمارسونها". وتقبل الجامعة الطلاب السوريين والفلسطينيين المقيمين في سورية الحاصلين على شهادة البكالوريا العامة أو الشهادات المعادلة لها لنفس عام القبول وفق شروط القبول والتسجيل التي تتضمن الحد الأدنى لمجموع الدرجات والدرجات المطلوبة في بعض مواد الاختصاص، والتي يحددها إعلان وزير التعليم العالي، ويتم قبول الطلاب العرب والأجانب من طريق المفاضلة استناداً الى الإعلان الوزاري. وتقبل جامعة حلب كل عام حوالى 3200 طالب عربي. أما الطلاب السوريون فيأتون الى جامعة حلب من مختلف المحافظات، خصوصاً الشرقية والشمالية والوسطى والغربية، والقسم الأعظم منهم يأتى من مدينة حلب وريفها، ومحافظات إدلب وحماة وحمص والرقة ودير الزور والحسكة والقامشلي واللاذقية وطرطوس، وقسم صغير منهم يأتي من محافظاتدمشق والسويداء ودرعا والقنيطرة. ولذلك تم بناء المدينة الجامعية التي تضم 18 وحدة سكنية من أجل تأمين السكن لطلاب ريف حلب والمحافظات، وتستوعب هذه الوحدات السكنية حوالى 11243 طالباً وطالبة. وتضم المدينة الجامعية عدداً من المطاعم الجامعية وأجنحة خاصة مجهزة وقاعات للاستقبال وكافة المتطلبات الأساسية لسكن الأساتذة والضيوف والزائرين لجامعة حلب. وتتمحور هموم الشباب الجامعي حول العمل والدراسة والمناهج في ظل الظروف والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، فعالم اليوم، بما يرافقه من تغيرات واسعة النطاق شملت كل مظاهر الحياة الاجتماعية، جعل الشباب يتساءل حول دوره المأمول في المجتمع الذي بدأت تغلب على علاقاته سمات مادية فجة، وهذا يتطلب من الجامعة العمل على مساعدة الشباب في اكتشاف دوره في بنية هذه المتغيرات التي تحيط به من كل الجهات وعلى كيفية أداء هذا الدور بصورة أمثل وبما يتفق مع القيم الإنسانية وتحققها الواقعي.