شهدت جلسة مجلس الأمة البرلمان الكويتي أمس مناقشات ساخنة بشأن قانون مقترح من الحكومة بمنح ألفي رب أسرة من "البدون" الجنسية الكويتية على أساس وجودهم في الكويت قبل عام 1965. وفي حين دعا نواب القبائل والشيعة لمنح "البدون" الجنسية ومراعاة ظروفهم الصعبة، عارض نواب المناطق الداخلية الحضرية - خصوصاً الليبراليين - القانون معتبرين القانون "خطراً على النسيج الاجتماعي للكويت". ومن جانب آخر أعلن نواب شيعة أنهم تلقوا وعداً من الحكومة بالموافقة على بناء مسجد للشيعة في منطقة قال المجلس البلدي ان سكانها غير موافقين على بنائه عندهم. وبدأ مجلس الأمة أمس مناقشاته بشأن قانون تجنيس "البدون" وسط خلافات حادة في وجهات النظر بين النواب. وكانت الحكومة اعلنت في مناسبات عدة انها ملتزمة فقط النظر في حق المقيمين من "البدون" في الكويت قبل الاحصاء الرسمي للسكان لعام 1965 في الجنسية. ويبلغ عدد أفراد هذه الفئة 36 ألفاً. اما باقي البدون وعددهم يناهز السبعين ألفاً فترى الحكومة ان لا حق لهم في الجنسية وعليهم تحديد وضعهم المخالف للقانون وابراز الوثائق الأصلية التي تبين الدولة التي قدموا منها. وقال النائب أحمد الشريعان من قبيلة الظفير ان الحكومة والمجلس تقاعسا عن توفير حل لمشكلة البدون خصوصاً أولئك الذين خدموا في الجيش الكويتي وأصبحوا بعد التقاعد منه محرومين من أي دخل أو حقوق "وعائلاتهم وابناؤهم كما لو كانوا محكومين بالسجن المؤبد في الكويت، فهم بلا جوازات سفر ولا خدمات سكن وصحة. وبعضهم يتسكع في الشوارع أو يتسول أمام المساجد". ولاحظ النائب عبدالمحسن جمال من الاسلاميين الشيعة ان البدون "ممنوعون من ركوب الطائرات حسب توجيهات "أياتا" منظمة الطيران المدني العالمية وممنوعون من التعليم المجاني مما يتعارض مع قرارات "يونسكو"، وممنوعون من العلاج المجاني مما يتعارض مع توجيهات منظمة الصحة العالمية، ولا نريد أن نصل الى وضع يجعل العالم يتدخل لعلاج البدون"، وأشار الى المشكلة التي تواجهها نساء كويتيات متزوجات من "بدون" ما يجعل ابناءهن محرومين مع هذه الفئة. أما النائب عبدالله الرومي مستقل من منطقة حضرية فأبدى تحفظه على القانون وسأل "من المسؤول عن وجود هذه الفئة أساساً في الكويت؟"، وقال ان البدون لديهم معاناة حقيقية "ولكن هل الحل لهذه المعاناة يكون بالتجنيس فقط". ورأى ان كثيراً من الوافدين للكويت أصبحوا "بدون" وتخلصوا من وثائق تثبت انتماءهم لجنسيات أخرى "فهل نجعل الجنسية الكويتية مكافأة لمن خالف القوانين؟". وسأل: "هل الكويت قادرة مالياً على تحمل كلفة تجنيس هؤلاء من الناحية الاقتصادية والاجتماعية؟"، وتابع "حتى هوية المجتمع الكويتي ستتغير عند تجنيس هؤلاء. وفي غياب أرقام نهائية عمن تريد الحكومة تجنيسهم يصعب اتخاذ القرار". وتحدث في الاتجاه نفسه النائب عبدالوهاب الهارون ليبرالي من منطقة حضرية وقال: "هناك حالات أعطيت فيها الجنسية لمن لا يستحقها، وهناك حالات تزوير ... وسحبت الجنسية في بعض الحالات، وهناك من لا زالت اسماؤهم مزورة ويحملون الجنسية". وتابع "هذه قضية وطنية فمن هو المسؤول عن تخريب النسيج الاجتماعي للبلد؟ لماذا كلما حاولت هذه الدولة استيعاب الكل في بوتقة انصهار واحدة نجد من يحاول ادخال عنصر جديد وثقافة جديدة عالة على مجتمعنا؟ وهل درست التكاليف المالية لتجنيس 36 ألف بدون". وسيستكمل المجلس اليوم البحث في هذه القضية مع مؤشرات على أن الكتلة الاسلامية ستغلب كفة المؤيدين لقانون تجنيس البدون لدى التصويت عليه.