- كيف لم تخرجْ الى السطرِ، ومن خمس نَواحٍ جاءت الوردةُ؟ - لا أدري، فمثلي كان يصغي لدبيب النمل في الرملِ، ويُعْلي شأنَ يومٍ غامضٍ، - هل جاءَ؟ - تعرو جسدي الرعدةُ، والنمل يغاويني، فيُنسيني ذيوعَ العطر في البرهةِ، كانت نزهتي أطْوَلَ مِنْ أن يشهدَ القوسُ رجوعَ السهمِ، طاشَ السهم في مرمى خيالٍ - وظَّفَتْني عنده نارُ المسافاتِ، وأَجْري كان عمري والذي أدركه يفلتُ من بين يديّ كان لي كنز من السرِّ، وباءَ الكنز بالدمعةِ، مَنْ أملى على الدمعة أن تكشفَ سِرّي؟ ها أنا في عُرْي عود البوصِ، كنزي يتفاداني، وصندوق ادخاراتي دمي المسروقُ، سرّي أنني المسبوقُ، للمرآةِ أن تُضْرِبَ عن وجهي، وللشارعِ أن يستبدلَ الماشينَ والأضواءَ، هل من موقع لي في شارع الألفيْنِ؟ أم عيني على ما ليس لي؟ هذا أنا، خمسُ نواحٍ أعلنتْ عن وردةٍ، كم مدّةٍ ضيَّعْتُ؟ فيما كنتُ أصغي لدبيب النمل في الرملِ، وأستفسرُ يوماً غامضاً، عن عشبةٍ خضراءَ، حتى رَفَستْني بغلةٌ، لم تَقبل الوردةُ أوهام كراماتي، ولم يهتزَّ للميّتِ حَيّ كيف لم أخرجْ الى العطرِ، وقد أقْبلَتِ الدنيا عليّ؟ يا بنيّ لم تكن لي حيلةٌ، واختبأ الثعلب في الوقتِ، فما أُدركُ إلا والينابيع سُدودٌ، ومدى عيني حدودٌ، وعلى الأفْق رتاجْ "أين أنتم؟"... صاح ديكُ الفجر في صوتي، وما في الحيِّ إلا مطر يصفع شبّاكاً، وضوء ينزوي، في ضعةٍ، خلف الزجاجْ ما الذي يجدي اعترافي عن زمانٍ ضاعَ - فيما كنت أصغي لدبيب النمل في الرملِ، وعمّا لم يكن مني؟ لماذا لم أكنْ، والأرضُ "خُذْ"...؟ والفرصةُ الوردةُ من خمس نَواحِ؟ كيف بدَّدْتُ سلاحي؟ بين كفيَّ غيومٌ، وعلى السقف نجومٌ - باعها يأسي ولم تلقَ الرواجْ لو رفعتُ الصوتَ هل يجدي صياحي؟ -ربما، أو ربما... لكنَّ لي أني أرى والليلُ داجْ طار سقفُ البيتِ، والبيتُ، وظلَّتْ لي رياحي هل هو الإعصارُ أم أنّ مزاجي في هياجْ؟ أم ترى استسلمتُ لما هجم الثعلبُ... والعمر دجاجْ؟ يا بنيّ ليس لي من خفّة الظلّ أو العقل مكانٌ - لسيوفٍ ورماحِ ليس لي أن أدّعي وردةً حتى ولو زيَّنْتُ ظلي بجراحي ليس حقاً أنّ من خلَّفَ ما ماتَ، فمثلي ماتَ، ألفاً بعد ألفٍ ماتَ، والوردةُ ما كانت معي ها أنا الآن أعي أن كنزاً ضاع لي ما بين صيفٍ وربيعْ لن أراه أبداً، والظلُّ يمضي بدداً، لكنّ قمصان الصبا ضاقت عليّ فجأةً... ما كنتُ يوماً ولداً، أو رجلاً، أو حكمةً يزعمها العمرُ، ترى هل كنتُ يوماً أحداً؟ أم أنني كنتُ الجميعْ ان أكن ذلك أو هذا فأخبرني لماذا كلما لاقيْتُ عينيّ أضيعْ؟ والذي أدركه يفلتُ من بين يديّ هل عزائي أنَّ مثلي هالك فيمن هَلَكْ؟ يا بنيّ لا تكن لي، لا تَنُبْ عني، وخُذْ كُلَّكَ لكْ غير أني أنحني. لا ألماً أو ندماً أو تحت وطء الظلِّ أو مستسلماً للكهلِ، أو طالبَ حاجهْ بل أواري تعبي في طلبي، ما زلتُ أصغي لدبيب النمل في الرملِ، وشيخي لم يزل يُشعل في الكهف سراجَهْ ربما يظهر كنزي، ربما تبرزُ حيفا ما، ومن يدري، لعلي أنهرُ الثعلبَ عما ظلَّ لي... إن ظَلَّ في الحقل دجاجهْ غزة الأربعاء 19/1/2000