باريس - أ ف ب - افاد تقرير للمرصد الجيو - سياسي للمخدرات نشر امس في باريس ان عولمة الاموال الناجمة عن الاتجار بالمخدرات تسارعت بشكل كبير خلال 1998-1999، فيما تتغاضى الولاياتالمتحدة، لأسباب سياسية عن الدول المنتجة. ويعد فريق يضم حوالي 200 مراسل صحافيون وباحثون واعضاء في منظمات غير حكومية موزعين في مئة بلد التقرير السنوي للمرصد الذي يعتبر "التقرير الوحيد المستقل فعلياً في هذا المجال". وتفيد تقارير المرصد ان عولمة تدفق الاموال وخصخصة الاقتصادات سهلت ممارسات تبييض اموال المخدرات لا سيما في دول الجنوب حيث تتم صفقات ومبادلات غير رسمية. ووجه التقرير ايضاً اصابع الاتهام الى مصارف "أوفشور" التي تشكل موطىء قدم دول "الشمال في الجنوب". واضاف ان "آخر جنات تبييض الاموال التي تستخدمها المنظمات الاجرامية وخصوصاً المافيا الروسية كانت في عدد من جزر المحيط الهادي مثل مارشال ونيو وساموا وخصوصاً فانواتو". وافاد التقرير ان اموال تهريب المخدرات اصبحت تتداخل بشكل متزايد في الاقتصادات "التقليدية" حيث ان شبكات التهريب لم تعد محصورة في ارض او سلعة وباتت المافيا تستثمر في مختلف القطاعات المزدهرة. وذلك يشير بالتالي الى تطور الفساد المرتبط بالمخدرات. وعدد المرصد من جهة اخرى "30 نزاعاً محلياً في العالم تساعد في انتشار المخدرات على مستويات مختلفة"، مثل افغانستان وكولومبيا وانغولا، لكن ايضاً في اسبانيا حيث "وجدت حركة ايتا نفسها متورطة في تجارة المخدرات وكذلك قوات الامن التي تقاتلها". وفي الختام افاد المرصد ان الخلل في التوازن الاقتصادي بين الشمال والجنوب ساهم في تنمية "ظاهرة المخدرات" في دول الجنوب حيث تمثل هذه التجارة "بديلاً اقتصادياً" للتجار لكن ايضاً للدول نفسها والنخب فيها على حساب السكان. وقدر المرصد "اموال الاتجار بالمخدرات التي يعاد توظيفها سنويا في الاقتصاد العالمي بما بين 350 و400 بليون دولار". واوضح على سبيل المثال ان "الامتياز الاخير الذي حصل عليه الاتحاد الاوروبي في صناعة الشوكولا بوضع 30 في المئة من المواد الدهنية النباتية غير الكاكاو في هذه الصناعة سيوجه على الارجح ضربة قوية الى الدول المنتجة لهذه المواد وسيؤدي الى تطور زراعة القنب الهندي في ساحل العاج وكذلك في غانا ونيجيريا المجاورتين". وفي المقابل فإن الاتجار بالمخدرات سيزيد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول المكسيك وفي آسيا او قد يؤدي حتى الى تشجيع الجريمة في بعض الدول روسيا والبرازيل والمكسيك او جنوب افريقيا. واكبر الدول المنتجة للمخدرات لا تزال افغانستان الخشخاش وكولومبيا نبتة الكوكا التي يستخرج منها الكوكايين والمغرب القنب الهندي وهولندا وبورما مخدرات مركبة. واستمرت هذه الدول في زيادة المساحات المخصصة لزراعة المخدرات او ابقائها على حالها في افضل الاحوال. لكن التقرير اشار الى تضاعف وجود مناطق جديدة للانتاج لا سيما في القارة الافريقية مخدرات مركبة في افريقيا الجنوبية ونبتات الكوكا في الكونغو والخشخاش في كينيا. من جهة اخرى ندد المرصد بالرد العالمي غير الملائم على هذه المشاكل من الحكومات او المنظمات الدولية المتخصصة في مجال مكافحة المخدرات بفعل "تزايد عدد المتدخلين والنزاعات على السيادة والمصالح البيروقراطية التي لا يفترض التقليل من اهميتها ويبدو ان البرامج المطروحة تطرح باستمرار مشاكل في التقويم والتنسيق". واشار التقرير ايضاً الى "تناقضات فاضحة" بين التصريحات التي تؤيدها الدول او المؤسسات في ما يتعلق بعزمها على مكافحة "آفة المخدرات" و"التنازلات الى الدول المنتجة للمخدرات لأنها من الزبائن او لأنها من الحلفاء الجيو - سياسيين" وهو ما ينطبق بشكل خاص على الولاياتالمتحدة. وبين الامثلة التي اشار اليها التقرير بورما وتركيا او المغرب التي تستفيد من تغاضي الاتحاد الاوروبي لأن "المصالح الجيو-استراتيجية في هذه الدول كما في غيرها تأتي قبل الاحتياجات الاساسية لمكافحة تهريب المخدرات".