قليل من المسرح العربي لا يزال بخير، وغالبيته تجريب أقرب الى التخريب. لكن ليس هناك ما هو باهر حقاً، على الأقل في ما شاهدناه من عروض "أيام عمان المسرحية". ثمة عروض جميلة وعروض جميلة جداً، لكن أياً من العروض لم يكن باهراً أو خارقاً! وفوق ذلك، هناك العروض الهابطة والعادية جداً التي تدفع الى التساؤل عن أسباب مشاركتها؟ ونرجو أن لا يقال لنا إن السبب هو التشجيع أو زيادة العروض.. فما رأيناه يجعلنا نقترح تقليص "أيام" عمان الى أسبوع بل اسبوعين واختيار الأعمال المشاركة من خلال لجنة تضم نقاداً ومخرجين وكتاباً و... حتى تكون الأيام ممتلئة بما هو جاد وجديد، وكي لا يشعر الكثيرون بالملل والتثاؤب من طول المدة ومن عدم وجود ما يبرر هذا الطول... خصوصاً أن الفرق في التكاليف الباهظة يمكن تحويله الى جوائز لتشجيع العمل الأفضل! ولعل الدورات السابقة شهدت ما هو أهم وأرقى مما شاهدناه في هذا العام، في الأمر تراجع ما في المستوى؟ أم أن ما نشاهده ليس معياراً ثابتاً، إذ يمكن أن يرتفع المستوى في دورة، ويهبط في أخرى؟ هذا عن الأعمال العربية في "الأيام"، فماذا عن العروض "العالمية" والى أي حد هي عالمية حقاً؟ شاهد الجمهور، بانبهار وانفعال كبيرين، عدداً من العروض الأجنبية، بدءاً من "قوة الجاذبية" وهو عرض حركي ليس مسرحياً للأميركي بيل شانون، الشاب ذي الإعاقة في ساقيه والذي يستخدم بدلاً منهما عكازين، ومروراً بالعرض الراقص "معاناة" لأربع فتيات من فرقة تشيتشي من ساحل العاج، وانتهاء بالعرض الفرنسي "سيمفونية الجعل" لفرقة هانيتون، وهو عرض يبدأ بفكرة تحول الانسان الى خنفساء، لكنه ينتهي - بعد ثلثه الأول تقريباً - الى عرض من عروض ألعاب السيرك والجمباز المرعبة. ثمة - بالتأكيد - في هذه العروض، ما هو باهر لجمهور يحتاج الى الرقص و"الشو". ولكن الى أي حد يمكن القول بوجود "المسرح" فيها... ولا نقصد أي مسرح: فثمة عناصر مسرحية في الكثير من أشكال الحياة، لكننا لا نعدها هي "المسرح". وبصراحة أكثر، فإن معظم ما يأتينا من "هناك" - وإن يكن جديداً علينا - هو من مستويات متدنية في بلاده، وهو فوق ذلك لا يضيف الى مسرحنا أي جديد، بل ربما جرى التأثر به سلباً ففاقم التأثيرات التخريبية! ... وإذا استمر هذا الحال في المسرح، فلا شك في أنه سيشهد المزيد من التراجع. ولسنا هنا في معرض التشكيك بقدرات المشرفين على هذه التظاهرة وسواها من المهرجانات العربية، ولكننا نتساءل عما يجري، فهل يتم التصحيح... أم يستمر هذا الارتجال الذي يكلف كثيراً؟! ع. ش