الكتاب: العولمة التجارية والإدارية والقانونية الكاتب: كامل أبو صقر الناشر: دار الوسام - بيروت ما هي "العولمة التجارية والإدارية والقانونية - رؤية إسلامية"؟ بحسب ما جاء في الكتاب الصادر حديثاً للمحامي والمستشار القانوني كامل أبو صقر؟ بحسب اجتهاد الكاتب، فإن العولمة السائدة، ما هي إلا قناع للرأسمالية، وصراع وتنافس على الأسواق، وتسويق عالمي للمنتجات والسلع والأفكار والنماذج، أو تنميط العالم بالنمط الغربي. أما النموذج الذي يدعو اليه الكاتب، فهو: "ولأننا نتعامل مع العولمة التجارية والادارية ونحاول أن ننهض ونبلور أنموذجاً خاصاً بنا، صالحاً لكل العالم، وظاهراً على كل النماذج الأخرى، فنحن نقول: نعم للعولمة التجارية والادارية، مع التحفظ على مسائل معينة. يضيف: لا للعولمة المالية ومن دون تحفظ، لأن مصائبها كبيرة وتأثيرها سريع". ما سبق وتم تثبيته لا يتجاوز العناوين والمقدمات، فما الذي يعنيه الكاتب "بالعولمة التجارية والإدارية والقانونية" خصوصاً من خلال الرؤية الاسلامية التي يتبناها ويطرحها للتسويق والمناوشة تحديداً؟ ذلك بحسب رأيه، يتم: بطرح مفاهيم جديدة كالمضاربة بالإدارة والتجديد والعمل ضمن النظم، تمهيداً للوصول الى التمكين في الأرض، وتشجيع الأعمال الصغيرة والديناميكية القادرة على التكيف مع العولمة، والتغيير المستمر. أيضاً ما زال الأمر لا يملك الوضوح الكافي! ذكر الكاتب: إن أهدافنا يقصد المسلمين : هي أن القرن الحادي والعشرين هو قرننا، وأن لا سبيل لأحد علينا، وأن الثقافة الابراهيمية - بحسب ما جاءت في القرآن الكريم - هي القادرة على ضمان الحد الأدنى من التفاهم بين الشعوب والنهي عن الفساد، وأن التكنولوجيا لا تنقل، بل تُفهم، وأن علينا أن نقفز بخطوات واثقة نحو الابتكار والابداع والتطوير والتجديد الاقتصادي والتجاري هو مقدمة العولمة من خلال الثقافة الابراهيمية، والمضاربة بالادارة". فماذا يعني في ذلك؟ أي ما هي المضاربة بالادارة؟ يجيب: "إن اسلوب المضاربة بالادارة أسلوب خاص بالعولمة، وذلك لاتساق المضاربة بمعناها اللغوي الذي محوره الرئيس الضرب في الأرض ابتغاء الرزق والتجارة والسفر الى أماكن بعيدة للغاية نفسها". وماذا تعني إدارة المضاربة، بحسب اجتهاده؟ أي أن لا يتعامل - المضارب - مع الانسان كآلة، ولا تحقيق أعلى نسبة من الربح - الفاحش -، وذلك يتأتى من خلال التخطيط والرؤية المستقبلية والرقابة والمتابعة والتنظيم والتعاون، وقد يأخذ - المضارب - من نظرية النُظم بالقدر الذي يلزمه ويتوافق مع خصوصيته، وهو لا يلتزم بنظرية على حساب نظرية - في الادارة -. ثم يذكر: لسنا فاقدين لمقدرتنا على تحديد الفرصة، ولا فاقدين لفحولتنا للتناوش مع النماذج، وينهي: يجب على مضاربنا أن يقوم بتأسيس المشاريع، وتأسيس الأسواق، وعولمة ما لم يعولم منها وفق أنموذجه. يضيف: وإدارة المضارب تقوم على أساس التقوى والموازنة بين النظم جميعها، والتوازن ما بين الأهداف، استناداً على الصدق والالتزام بالأخلاق والطريق المستقيم". هذا باختصار معنى العولمة التجارية والادارية، بحسب رؤية الكاتب الاسلامية. وقد حشد لهذه الرؤية ولاجتهاداته الخاصة معلومات مهمة عن التجارة والأسواق ومنظمتي الغات والتجارة العالمية، والثقافة، والقوانين المنظمة للأعمال التجارية والشركات خصوصاً في أقطار الخليج العربي. إلا أن اجتهاداته في مجال العولمة والمناوشة والمضاربة الادارية، و"النموذج الاسلامي الذي يخيف الجميع"، وأن "القرن الحادي والعشرين هو قرننا" وغيرها، فيها الكثير من الأمنيات، أكثر مما فيها من وجود نماذج مجسدة ومطبقة عملياً وعلى أرض الواقع. فمن "نحن" الذين يتكلم عنا الكاتب؟ الأفراد، الدول، الشركات، العرب، المسلمون، خصوصاً أن لكل توجهه ونمط عيشه وتوجهاته السياسية والاقتصادية المختلفة. إضافة الى أن مواردنا واقتصادياتنا تشكو من تراجع وتدهور مستمر - ما عدا الثروة النفطية - وهذا الأمر لم يغفله الكاتب وأشار اليه بوضوح. والسؤال هنا: هل تقوم المضاربة التجارية والادارية مقام الاقتصاد ومقوماته، ومقام القوة العسكرية وتنوعاتها؟ وكيف يمكن حماية "نموذجنا" وجعله ينمو وينتشر، ليناوش وينافس ويدافع "ويغزو" الأسواق الأخرى؟ الغريب أن الكاتب يذكر ويُذكّر في العديد من الصفحات ما حصل لتجربة النمور الآسيوية: كاليابان وكوريا الجنوبية وأندونيسيا وماليزيا وتايلند وغيرها، وما آلت اليه من تراجع وتدهور بعد ازدهار - غير عادي ! وإلى "مناوشاتي" الاجتهادية، فأذكر: يقلل الكاتب من أهمية الزراعة والصناعة في حياتنا ويُعلي من قيمة التجارة، خصوصاً تجارة الخدمات، حيث يذكر "ان ما يجب عمله الآن هو التركيز على الخدمات، وعلى ما يسمى بالتنشئة، ونحن ميالون الى الخدمات أكثر من الصناعة، فالخدمات والتجارة هما الخصيصتان الملازمتان للعرب". ويمضي في اجتهاداته، فيقلل حتى من أهمية التعليم العالي المتخصص، فيذكر: "كثير من الناس يعتقدون بأن تجارة الخدمات والمضاربة والشركات الديناميكية تحتاج الى الناس المتعلمين تعليماً جامعياً متخصصاً ولديهم خبرة معينة، وهذا كلام غير صحيح". وملحوظاتي هي: - أفهم وأُدرك - وعلمت من خلال الكتاب - أن تجارة الخدمات تشكل 20 في المئة في العالم - لكنني لا أفهم لماذا علينا أن لا نهتم لا بالزراعة ولا بالصناعة ولا حتى بالتعليم العالي المتخصص! علماً بأن صفحات كثيرة أخرى من الكتاب تحض على العلم والتخصص ومتابعة التطورات التقنية وهضمها...، فعلى أي نهج نسير؟ وكيف يمكن حماية "نموذجنا المضارب بالخدمات والإدارة" وعلى أية قوة يستند، إن كنا على رأس قائمة المستوردين والمستهلكين في شتى مجالات الحياة. أما من ناحية النماذج التي ساقها الكاتب ونجاحها في أعمالها - من دون الحاجة الى تعليم عال متخصص -، فإن هذه النماذج - القادة - تمثل الإستثناء، وليس القاعدة، إضافة الى أن غالبية من قام ويقوم بتنفيذ أعمالها من المتخصصين، وبأعلى معدلات التخصص! أخيراً، أتساءل: هل قوى السوق المهيمنة ستغير من طبيعتها - مصالحها وحياتها - في هذا القرن - قرننا -، ولماذا تخاف - نموذجنا الاسلامي - ما دامت تستند على مقومات زراعية وصناعية وتجارية وإعلامية وخصوصاً عسكرية فائقة القوة والانتشار والعدد.