قال وزير السياحة الجزائري لخضر ضرباني إن بلاده تنوي تسيير رحلات مباشرة من الأسواق الأوروبية المورّدة للسياح إلى مناطق الجنوب الجزائري لاستثمار المنتجات السياحية المتميزة التي تملكها هذه المناطق التي بقيت بعيدة عن الأحداث السابقة. وذكر في مقابلة أجرتها معه "الحياة"، في مكتبه في العاصمة الجزائرية، أن الاستراتيجية التي تضعها وزارته لتنشيط السياحة ترمي إلى منحها دوراً مباشراً في التنمية الاقتصادية. وقال إن 700 ألف عامل جزائري يستفيدون، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من أنشطة السياحة. وذكر أن فتح باب الاستثمار أمام الرساميل المحلية والأجنبية يحتاج إلى تطوير الحملات الترويجية في الخارج وتطوير القطاع المصرفي في الجزائر نفسها ليقف إلى جانب المستثمرين المترددين عن توظيف أموالهم في قطاع السياحة. وقال إن الحكومة الجزائرية ترغب في تطوير الأدوات المالية والضريبية المتاحة لتأمين حفز الاستثمار من داخل الصناعة نفسها، وإن عمليات التخصيص التي ستجري تشمل عرض منشآت ريوائية وترفيهية في القطاع السياحي على القطاع الخاص المحلي والأجنبي. وفي بداية المقابلة تحدث عن الظروف التي قادت القطاع السياحي في الجزائر، منذ الاستقلال فقال: قال وزير السياحة الجزائري لخضر ضرباني إن بلاده تنوي تسيير رحلات مباشرة من الأسواق الأوروبية المورّدة للسياح إلى مناطق الجنوب الجزائري لاستثمار المنتجات السياحية المتميزة التي تملكها هذه المناطق التي بقيت بعيدة عن الأحداث السابقة. وذكر في مقابلة أجرتها معه "الحياة"، في مكتبه في العاصمة الجزائرية، أن الاستراتيجية التي تضعها وزارته لتنشيط السياحة ترمي إلى منحها دوراً مباشراً في التنمية الاقتصادية. وقال إن 700 ألف عامل جزائري يستفيدون، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من أنشطة السياحة. وذكر أن فتح باب الاستثمار أمام الرساميل المحلية والأجنبية يحتاج إلى تطوير الحملات الترويجية في الخارج وتطوير القطاع المصرفي في الجزائر نفسها ليقف إلى جانب المستثمرين المترددين عن توظيف أموالهم في قطاع السياحة. وقال إن الحكومة الجزائرية ترغب في تطوير الأدوات المالية والضريبية المتاحة لتأمين حفز الاستثمار من داخل الصناعة نفسها، وإن عمليات التخصيص التي ستجري تشمل عرض منشآت ريوائية وترفيهية في القطاع السياحي على القطاع الخاص المحلي والأجنبي. وفي بداية المقابلة تحدث عن الظروف التي قادت القطاع السياحي في الجزائر، منذ الاستقلال فقال: كانت لدى الجزائر بعد الاستقلال أولويات وخيارات عدة، تمثلت في التركيز على الصناعة الثقيلة وبناء القاعدة الاقتصادية، وعلى أساس تطوير الزراعة والنسيج الصناعي. هذه التجربة تكللت بالفشل على الصعيد الزراعي لأن الجزائري لم يكن مهيئاً. إذ أنه تحول في مدى 130 عاماً من أجير إلى إنسان مالك. وهو لم يتمكن من مواكبة هذا التحول الفجائي. السياحة لم تكن من أولويات الثورة. وعلى رغم هذا الواقع أُنشئت في السبعينات هياكل قاعدية ومرافق أساسية سياحية مهمّة للغاية. وكل البنى والمرافق الحالية التي يعرفها القطاع السياحي في الجزائر، ما عدا بعض الاستثناءات مثل فندق "انترناسيونال" و"شيراتون" وفندق "آكور" الواقع عند المطار، يعود إلى مرحلة السبعينات. ومن المفارقة أننا كنا قبل عقدين، وعلى رغم عدم اهتمامنا بهذا القطاع، إلا أننا كنا نفوق، من حيث السعة الفندقية جيراننا، وبينهم مصر. وكان عدد السياح كبيراً وحركة التوافد السياحي كبيرة. في الثمانينات تحولنا من الاقتصاد الموجه والمخطط إلى شبه انفتاح. إلا أن هذا الانفتاح غير المنظم أدى إلى إهمال للقطاع السياحي استمر عشر سنوات. وتبع ذلك في التسعينات إصابة قطاع السياحة بنكبة، نظراً إلى تغير صورة الجزائر على رغم أن المنتج السياحي الجزائري لم يتغير في شيء وبقى فريداً من نوعه. وماذا عن الواقع الحالي لقطاع السياحة. هل من تغيير؟ - الآن الأمور تغيرت لا سيما مع التركيز المتزايد على التعامل مع السياحة كصناعة أساسية، واعتبارها ظاهرة اقتصادية تنموية يُعوّل عليها كثيراً في وضع البرامج الاقتصادية في دول مجاورة مثل تونس والمغرب ومصر، وفرنسا التي يصل حجم الدخل السياحي فيها، على سبيل المثال، إلى 27 بليون دولار. كل هذا جعلنا نغير نظرتنا إلى قطاع السياحة الذي بات اليوم، مع قدوم العهد الرئاسي الجديد، قطاعاً استراتيجياً في خطط التنمية. الرئيس عبدالعزيز بوتفليقه أكد أن قطاعات الزراعة والصيد البحري والنقل والسياحة والصناعة مدعوة جميعاً إلى لعب دور متكامل في التنمية الاقتصادية وإلى أن تكون منتجة وفاعلة. ولم يعد بوسعنا، بالتالي، أن نستمر في تجاهل دور السياحة بل صار يتعين علينا أن نستفيد من كونها مصدراً لتوليد الثروة وحافزاً للصناعات التقليدية وعملية توليد الوظائف فيها. لا بد من الاهتمام بتطوير السياحة. واهتمامنا منصب الآن على الدول المصدّرة للسياح لنتمكن من تغيير صورة الجزائر التي شُوّهت كثيراً والتي لعب الاعلام الغربي "وبعض وسائل الاعلام العربية" دوراً سالباً في تشويهها. الدول التي تواجه حروباً واضطرابات أمنية تصطدم بصعوبات من أجل تكييف المجتمع المدني مع متطلبات السياحة. كيف تتعاملون مع المسألة في الجزائر؟ - النظرة تغيرت، ونحن نحاول جعل قطاع السياحة يحتل مكانه كقطاع استراتيجي ندرجه ضمن الأولويات والبرامج لدينا ليكون مصدراً للثروة. وليتحقق ذلك لا بد من تحقيق أمور كثيرة، إذ لا بد من نشر ثقافة سياحية وتعميمها، لا سيما على صعيد معاملة السائح، علاوة على فتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي والشراكة. ما هي قيمة مشاريع الاستثمار التي ستفتحونها أمام المستثمرين الأجانب؟ - من الصعب تقويم حجم المشاريع التي ستشملها الخطط الجديدة. مثلاً في الجنوب لدينا 14 فندقاً معروضة للتخصيص. ولدينا أيضاً استثمارات على الساحل، ونحن نهيء أراضي كبيرة لتخصيصها للاستثمار الأجنبي وبأسعار معقولة جداً تحفز المستثمرين على القدوم على الساحل. هناك فنادق حكومية معروضة للتخصيص أو الشراكة. وليس بوسعي في الساعة الراهنة إعطاء أي رقم محدد. سنكثّف حملاتنا الاعلامية لاستقطاب المهتمين بالاستثمار. ونحن في طور ترتيب شؤون البيت الداخلي، لأن جلب المستثمرين لا يتم فقط من خلال عرض صور ومشاريع على الورق. نريدهم أن يروا ويطّلعوا بأنفسهم على الواقع ليقتنعوا بأن الجزائر هي فعلاً سوق صالحة للاستثمار السياحي. الأربعة عشر فندقاً التي ذكرتها آنفاً، سبق أن طلبنا من منظمة السياحة العالمية تقويمها ومعاينتها: إما لعرضها للتخصيص أو الشراكة. وهذا العرض يجب أن يتم عن طريق وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية الجزائرية في الخارج لشرح ما نقوم به والفرص المتاحة. وهل يعني ذلك أنه ليس لديكم برنامج ترويجي مستقل؟ - بالعكس،لدينا برنامج ترويجي لدعوة أرباب الصناعة الدولية والمهتمين بالسياحة ليقضوا في البلاد فترة تمتد 15 يوماً في كل جولة، لأن الهدف ليس أن نأتي بمجموعة، مثلاً، إلى تاغيت وليزي في جولة عابرة. وإنما الهدف أن يزوروا ويطلعوا على أحوال البلاد ويتمكنوا من الاتصال الشخصي بالعاملين في هذا القطاع. الحديث عن دور السياحة التنموي يعني الحديث عن مساهمتها في الاقتصاد الوطني. هل من تقديرات؟ - نتوقع أن تكون هناك مساهمة حقيقية وملموسة للسياحة في الدخل القومي، وفي مدى ثلاث سنوات أي في المدى القصير. هناك دول كثيرة اهتمت بتطوير النسيج السياحي لديها، من خلال تقديم حوافز واستقطاب المستثمرين وتبني سياسة تطوير متكاملة بصناعتها السياحية والفندقية. وهذه الدول تمكنت من بلوغ نتائج ملفتة يمكن أن نحتذي حذوها. مثلاً فرنسا حددت عام 1989 مهلة خمس سنوات من أجل تجديد كل الفنادق لديها، لتبدأ من بعد ذلك بتحقيق مردود فعلي. ثانياً نحن خارجون من حرب عصابات أثّرت على كل الذهنيات والسلوكيات وعلى كل شيء. هناك إفرازات سالبة ولا بد أولاً أن تتغير الأمور ليصبح الجزائري مهيأ لمعايشة واقع السياحة الوافدة. لو تحدثنا بلغة الأرقام. ما هو الوزن الاقتصادي للسياحة في الجزائر؟ - عدد العاملين في قطاع السياحة في الجزائر يبلغ 150 ألفاً. في قطاع الصناعات التقليدية يعمل 50 ألفاً يضاف اليهم 500 ألف يعملون في الصناعات التقليدية العاملين في القطاع غير الرسمي. مثلاً، في غرداية صناعة سجاد وفي تيزي وزو صناعة للحلي وفي خنشله صناعات مماثلة، وهم معفون من الضرائب لمدة عشر سنوات ولا يصرحون عن حجم نشاطهم. بعبارة أخرى هناك 700 ألف عامل يستفيدون من السياحة في شكل مباشر. أما عن نسبة المساهمة في إجمالي الناتج القومي فهناك بداية مسألة كيفية تمويل التنمية التي ستجري داخل القطاع السياحي. أولاً: الظروف التي نمر بها ظروف صعبة. برنامج الحكومة لا يفضّل اعتماد الوزارات على خزينة الدولة لتمويل مشاريع التنمية ويحث على البحث عن موارد تمويل مختلفة. الإشكالية المطروحة علينا اليوم هي: كيف نجدد هذه الهياكل السياحية والإيوائية في وقت تعادل طاقة الاستيعاب الحالية 65 ألف سرير. السؤال إذاً: هل نلجأ إلى خزينة الدولة وهذا خيار له عيوبه؟. أم نتبنى خيارات أخرى مثل أن نعفي القطاع الفندقي والسياحي من الضرائب ثلاث سنوات مقابل تجديد المنشآت وتحديثها؟. أم هل نقتطع نسبة 1،0 من عوائد "سوناطراك" أي 30- 40 بليون دينار مثلاً ونجدد بها أنفسنا؟. هذه أمور لم نحددها بعد. نتساءل أيضاً عمّا إذا كان علينا أن نلجأ إلى صندوق الجنوب الذي يحوي في خزائنه 7،1 تريليون دينار؟ علماً أنه مخصص للمشاريع القاعدية والطرق وغيرها؟. هذه أمور لم تحسم بعد. والمسألة التي لا تزال تواجهنا هي: كيف نجدد هذا القطاع؟. متى نتوصل إلى حل؟ هذا أمر يحتاج إلى مبادرة سريعة وإلى وقت. رئيس الجمهورية يحثّنا على ابتكار وسائل مناسبة وأن نرسم الاستراتيجية المناسبة ليشارك القطاع السياحي بنسبة ملائمة في إجمالي الناتج القومي. يجب أن نحدد الأدوات لنرسم استراتيجية واضحة وأن نصل في المرحلة الأولى وخلال خمس سنوات إلى تحقيق خمسة في المئة من إجمالي الناتج القومي. لأن الصعوبة هي في المرحلة الانتقالية لأن عادة ما يكون الاستثمار يتم بعد مدة، ولا تكون المردودية مباشرة بل تتحقق على المدى الطويل. في فرنسا، التي تشكل السياحة نسبة عشرة في المئة من إجمالي الناتج القومي فيها، يحقق الاستثمار بمبلغ يعادل دولاراً واحداً عائداً يبلغ 7،3 في المئة. في تونس الدولار يعطي 50 دولاراً. في اسبانيا يعطي 80 دولاراً. في الجزائر المنتج السياحي متنوع ويؤمن إمكانات نمو كبيرة للاستثمار. ونحن نتوقع أن يعطي الدينار الواحد عائداً قدره 150 ديناراً. والاستثمار في قطاع السياحة يتقدم على جدوى الاستثمار في أي قطاع آخر في البلاد. ما سبب إحجام المستثمرين المحليين عن الاستثمار إذا كانت الجدوى واضحة بهذا المقدار؟ - المشكلة لدينا في المصارف. لا بد من أن تترافق الاصلاحات الجارية بسرعة مع إصلاحات في المصارف لأنها مصارف تجارية وليست مصارف استثمارية أو مصارف ضمانات. الاستثمار الوطني لا يزال متردداً لأن المصارف تطلب دفع صاحب الاستثمار 50 في المئة من قيمة المشروع. فمثلاً إذا كان هناك مستثمر يرغب في بناء فندق بقيمة 100 بليون دينار فإن عليه أن يسدد من حسابه 50 بليوناً منها، ليستطيع المصرف أن يقدم له قرضاً بالمبلغ المتبقي، على أن تحتسب فائدة في الوقت ذاته على القرض قدرها 12 في المئة. هذه الأكلاف العالية والقيود أثّرت على نمو القطاع السياحي، إذ من ذا الذي يملك، على سبيل المثال، 50 بليون دينار ليجمدها على مدى ثلاث سنوات قبل أن يبدأ مشروعه بتحقيق عائد؟. لهذا السبب يبقى صاحب الرأس مال متردداً. كل هذه الأمورلا بد أن تتغير، والرئيس أعطى تعليمات مشددة لاصلاح المنظومة المصرفية. وهل من خطوات عملية لتسهيل العلاقة مع البلدان الرئيسية الموردة للسياح في أوروبا؟ - لم نأخذ في الماضي ضرورة تسهيل عملية نقل الزوار مباشرة من الدول المصدرة للسياح إلى مناطق الاستقطاب السياحية الرئيسية في الجزائر في الاعتبار. ونحن ننوي فتح خطوط جوية للرحلات التي تنطلق مباشرة من الأسواق المورّدة من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا إلى الجنوب الجزائري من دون توقف.