سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير السياحة عبدالقادر بن قرينة يتحدث إلى "الحياة" عن مفهوم جديد للتنمية الاقتصادية : الجزائر تعرض 376 موضعاً سياحياً أمام المستثمرين وترفع سعتها الايوائية 100 ألف سرير
قال وزير السياحة والصناعات التقليدية الجزائري عبدالقادر بن قرينة إن العوائد السياحية بالعملات الصعبة التي خسرتها بلاده بسبب الأزمة الأخيرة التي مرت بها تجاوزت 500 مليون دولار، وان السلطات الجزائرية أعادت النظر في دور السياحة باتجاه اعتبارها أساساً رئيسياً من أسس التنمية الاقتصادية. وذكر في مقابلة مع "الحياة" ان العجز في السعة الايوائية يقدر بنحو 100 ألف سرير وأنه يتطلب تجنيد استثمارات ضخمة، مشيراً إلى أن حكومة بلاده تعمل على تهيئة الإطار القانوني لاستقدام الاستثمارات وتوظيفها وتعزيز الشراكة مع المستثمرين المحليين والأجانب. واعترف بوجود تراجع في حجم التدفقات السياحية الخارجية، إلا أنه أكد ان حجم السياحة الداخلية الذي بلغ العام الماضي 120 مليون ليلة سياحية، بارتفاع قدره 21 في المئة مقارنة مع عام 1997، سمح بالمحافظة على توازن القطاع السياحي. كما اعترف بوجود نقص في الخبرات التقنية العالية وبعدم كفاية المخصصات المالية الممنوحة للترويج السياحي. وقال إن وزارته تبنت منذ عامين خطة لتوسيع نطاق عملها وعمدت لهذا الغرض إلى تنسيق جهودها مع القطاع الخاص المحلي ومع وكالات السفر الدولية لتنشيط مبادراتها الترويجية. وأضاف ان الاستراتيجية التي تبنتها وزارته للتنمية المستدامة تقوم على "تطوير المنتجات السياحية الأصيلة والمندمجة التي تعتمد في تكوينها على العوامل الثقافية والحضارية والتاريخية والطبيعية"، وانها تهدف إلى تنشيط الاقتصاد وتوليد مزيد من الوظائف. وأشار إلى أن وزارته أعدت لائحة بنحو 174 منطقة للتوسع السياحي و202 عين للمياه الساخنة لتطويرها، وقال إنها "معروضة اليوم للشراكة والاستثمار المباشر" من قبل المستثمرين المحليين والأجانب. ودعا السياح العرب والأجانب إلى القدوم مجدداً إلى الجزائر، معتبراً ان "الظروف الصعبة التي مرت بها قد اضمحلت". وفي ما يأتي نص المقابلة: وجهت الازمة الاخيرة التي عاشتها الجزائر منذ سبع سنوات ضربة قوية الى قطاع السياحة. أين اصبح هذا القطاع اليوم؟ - لا شك ان البناء الديموقراطي الذي أرادت الجزائر بناءه عرف صعوبات، وهذا طبيعي، فأعمال العنف التي عاشتها البلاد كانت سبباً في خراب الكثير من المنجزات والهياكل القاعدية، التي اعيد اصلاحها. وكما تعلمون فان ازدهار السياحة في اي بلد كان، يبقى مرهوناً بعوامل الاستقرار والامن ومستوى الخدمات السياحية المقدمة وكذا الاهتمام المعطي لهذا القطاع الحيوي. ومن الطبيعي اذن ان تشكل الازمة الاخيرة التي عاشتها الجزائر عاملاً غير مشجع على انفتاح وازدهار النشاط السياحي كما كنا نوده. وحقيقة فإن القطاع السياحي لم يتطور في الشكل المرغوب خلال هذه الفترة لكن هناك في اعتقادنا نوع من المبالغة عندما نجزم انه اصيب بضربة قوية من جراء هذه الازمة. صحيح ان هذه الازمة التي تشيرون اليها كانت لها انعكاسات سالبة في بعض المواقع من البلاد، لكن الجزائر هي بلد وقارة في الوقت نفسه، تفوق مساحتها 2.376 مليون كيلومتر مربع وبها مناطق شاسعة يسودها الاطمئنان والانسجام التام ولا يزال التدفق السياحي عليها قائماً، ولو ان حجم الافواج السياحية سجل بعض التراجع النسبي وهذا يعود اساساً الى تشويه صورة الجزائر في الخارج لا سيما على مستوى البلدان المورّدة للسياح. في المقابل فان السياحة الداخلية تشهد حركة قوية ويزداد الطلب من سنة الى اخرى. فعلى سبيل المثال، بلغ عدد المصطافين خلال موسم الاصطياف المنصرم 112 مليون مصطاف اي زيادة قدرت نسبتها 21 في المئة قياساً بسنة 1997، وهذا ما جعل القطاع يحافظ على توازنه. وضعية القطاع اذن لا تبعث على القلق والدليل على ذلك الاستثمارات الجديدة المسجلة والتي تخص اكثر من 230 مشروعاً سياحياً تنجز حالياً من طرف مستثمرين محليين، اضافة الى مشاريع اخرى مسجلة في اطار الشراكة مع شبكات فندقية دولية مثل "شيراتون" ومجموعة "اكور" ومستثمرين عرب من البلدان الشقيقة. اتصالات مستمرة الجانب الثاني من الازمة الاخيرة يتمثل في نقص الاستثمارات وتخلّف اصحاب التوظيفات الدولية والمحلية عن ضخ اموالهم في السياحة الجزائرية. الى اي مدى انعكس هذا الامر على مشاريع تطوير القطاع السياحي؟ - الازمة التي مرّت بها الجزائر شكلت عائقاً للحصول على التمويلات الخارجية اللازمة لدفع وتحريك الاستثمار في الجزائر في صفة عامة. ولاحظنا ترقبا لدى الكثير من الشركاء الاجانب الذين تقدموا ببرامج استثمارية هامة ما زالت تنتظر الانطلاق. وهناك ايضاً الاستثمار الخاص الوطني الذي ظل نشيطاً الا ان الاحتياطات المالية بالعملة الصعبة التي توصلت الحكومة الى تشكيلها والتحسن الكبير للوضعية الامنية مكّن بعض الشركاء من الاقدام على الاستثمار. نشير في هذا الاطار الى علاقات الشراكة والاستثمار المنجزة حالياً مع كل من "دايوو" و"شيراتون" و"سوفيتيل" ورجال اعمال من بلدان عربية. والاتصالات ما زالت جارية مع الكثير من الشركاء ولدينا تفاؤل كبير باستقطاب استثمارات اجنبية هامة خلال السنة الجارية. لو تحدثنا بلغة الارقام، كم خسرت الجزائر من وارداتها السياحية منذ انحسار الاقبال الدولي عليها؟ وكم هي قيمة الاستثمارات التي تحتاجها لتتمكن من تطوير قطاعها السياحي كوجهة سياحية دولية؟ ومن اين تتوقعون الحصول على رؤوس الاموال اللازمة؟ - على رغم المتاحات والمؤهلات السياحية الهائلة التي تتمتع بها الجزائر فان قطاع السياحية لم يعرف الى حد الآن تطوراً كبيراً، ويرجع ذلك الى الخيارات الاقتصادية للبلاد التي أعطت اهتماماً اكبر لقطاع المحروقات والطاقة والصناعة في العقود الاولى بعد الاستقلال. وعليه فان ايرادات قطاع السياحة لم تشكل بنداً اساسياً في الميزان التجاري للجزائر ولم تحدث بالتالي خسارة كبيرة نتيجة تراجع الاقبال السياحي الدولي عليها. والايرادات المالية بالعملة الصعبة الناجمة عن السياحة في بداية التسعينات والمقدرة آنذاك بنحو 110 ملايين دولار انخفضت لتبلغ متوسطاً سنوياً قدره 30 مليون دولار خلال الاعوام الاخيرة. اما في ما يخص قيمة الاستثمارات التي تحتاجها البلاد فيمكن استنتاجها من خلال طاقات الايواء السياحي الحالية التي تقدر بنحو 65 الف سرير منها 35 الفاً تخص قطاع الفندقة المصنّفة. مقارنة بالموارد السياحية المتاحة وقياساً بشساعة القطر وموقعه الجغرافي المميز على بعد ساعتين بالطائرة من اهم البلدان الموفدة للسياح، فان العجز في بنى الايواء يبقى كبيراً ويتطلّب استثمارات ضخمة. هذا العجز يقدر بنحو 100 الف سرير ويتطلب تجنيد رؤوس اموال كبيرة وهذا ما نعمل على تحقيقه عن طريق تهيئة الشروط الملائمة للاستثمار الخاص وترقية الشراكة والبحث عن التمويلات الخارجية. هناك جهات عدة خسرت مكانتها كمقصد سياحي دولي، ومنها لبنان وكرواتيا وفيتنام وغيرها، ثم عادت لتستقطب منظّمي الرحلات الجماعية في المتوسط وعبر الاطلسي، متى تتوقع عودة الجزائر الى السوق السياحية الدولية؟ - الظروف الصعبة التي عرفتها الجزائر لم تمنع استمرار بلادنا في التواجد في اهم الاسواق العالمية للسياحة، كما انها لم تتسبب في انقطاع قدوم الافواج السياحية، لا سيما الى منطقة جنوب البلاد، اضافة الى سياحة الاعمال التي ظلت هي الاخرى مستمرة. لكن لا يجب ان نخفي التراجع الذي حصل في التدفقات السياحية الخارجية التي اصحبت لا تصل كما كان ذلك معهوداً في السابق على رغم استقرار وتوافر الامن في مناطق شمال البلاد او الجنوبالجزائري الكبير الذي تفوق مساحته مليوني كيلومتر مربع. ويعود هذا، اساساً، الى تشويه صورة الجزائر في الخارج من طرف بعض اجهزة الاعلام، ومحدودية الاستثمار في الاعمال التطويرية والدعائية لترويج الجزائر كمقصد سياحي. هذه الوضعية قادتنا خلال السنتين الاخيرتين الى تكثيف الجهود وتعزيز الامكانات من اجل اعطاء دفعة جديدة للتطوير السياحي عن طريق مشاركة الجزائر في اهم التظاهرات السياحية المنظّمة في اوروبا والبلدان العربية، وتنظيم رحلات استكشافية واعلامية لصالح الصحافة المتخصصة ومنظّمي السفر والشركاء التقليديين لبلادنا. وعلى المستوى الداخلي نعمل على تحسين المحيط وهياكل الاستقبال وعلى وضع التسهيلات السياحية اللازمة لتنقّل واقامة السياح في بلادنا. كما نقوم بإحياء وتنشيط الاعياد والمواسم الثقافية التقيلدية وتطوير منتجات سياحية اصيلة ونوعية تجلب الكثير من السياح. ان تغيير الصورة المشوهة عن الجزائر وترقية منتوجاتها السياحية في الخارج يتطلب جهوداً وامكانيات كبيرة. غير ان هذا العمل الشاق الذي نقوم به بدأ يعطي ثماره اذ ادركت وكالات السياحة الاجنبية التي تمت استضافتها السنة الماضية الوضع الحقيقي للبلاد وقرر الكثير منها، بناء على ذلك، اعادة تنظيم الرحلات السياحية خلال السنة الجارية، وهذا مؤشر هام على عودة الجزائر الى الاسواق السياحية الدولية، وهذا امر سيتم بطبيعة الحال تدريجاً. الطابع المحافظ هل ستكون السوق الجزائرية اكثر محافظة في المستقبل، بمعنى: هل سيكون هناك حرص اكبر على مراعاة الواقع الاسلامي من ناحية حظر الخمور او السباحة المختلطة او على الشواطئ؟ وهل ستعتمدون فصلاً اكبر بين المواقع السكانية والمواقع السياحية كما يفكر بعض الدول الاسلامية الاخرى؟ - الشعب الجزائري شعب مضياف، له خصوصيات، وتقاليد كمختلف الشعوب في العالم، فهو يحترم غيره ويعشق الحرية والامان وميله الى المعرفة والسياحة كبير. الجزائر بلد مسلم ينتمي الى المجتمع الدولي يؤثر فيه ويتأثر به ويتعامل معه حسب الاعراف والقوانين الدولية. صحيح اننا نريد ان نعطي لسياحتنا طابعاً جزائرياً مميزاً مبنياً على ثقافتنا الغنية وتراثنا العريق وهذا امر طبيعي معمول به في كل الدول، لان السائح يسعى دائماً لاكتشاف مميزات البلدان التي يزورها والتعرف عليها ولولا هذه الاختلافات والمميزات الحضارية والثقافية والطبيعية لما كانت هناك الحاجة الى سياحة دولية. اما في ما يخص العنصر الديني الذي اشرتم اليه فالاسلام دين رحمة تسامح وتآخٍ والسياحة تهدف الى تقريب الافراد والشعوب الى التعارف والتفاهم وليس الى الفصل والتفريق وتقليص الحريات وفرض سلوكيات معينة. فالسياحة في الجزائر تتطور ضمن المعطيات الدولية بطريقة عصرية وتنافسية بعيدة عن كل المظاهر السلبية التي تحدّ من ترقيتها وازدهارها. اود اخيراً ان اشير الى ان للجزائر نظاماً جمهورياً يعتمد على اسلوب وممارسات ديموقراطية ترتكز على قوانين ومفاهيم عالمية. خلال السنوات الاخيرة، طوّرت البلدان المجاورة والجهات المنافسة مرافق المواصلات والمطارات والموانئ. كيف ستزيدون السعة المقعدية المتاحة للسياح القادمين: هل عبر اعتماد سياسة اجواء مفتوحة او عبر التركيز على قطاع النقل البحري؟ - الهياكل القاعدية تلعب دوراً اساسياً في تطوير السياحة سواء في جانبها الاستثماري او التسويقي. في هذا الاطار، نستطيع ان نقول ان الجزائر حققت انجازات ضخمة في هذا الشأن فعدد المطارات يصل الى ما يقارب 40 مطاراً موزعة على كافة التراب الوطني منها 13 مطاراً دولياً. اما النشاط البحري فيرتكز على 12 ميناء من السعة الكبيرة اضافة الى عدد كبير من الموانئ الصغيرة المخصصة للصيد البحري والترفيه السياحي. تتمتع الجزائر ايضاً بشبكة مكثفة للطرقات المعبّدة يبلغ طولها 90 الف كيلومتر وتأتي في الدرجة الثانية على المستوى الافريقي. من جهتها، تغطي شبكة السكك الحديدية كل شمال البلاد والهضاب العليا وحتى ابواب الصحراء الكبرى على طول قدره 4200 كلم مزودة بنحو 200 محطة. كما ان المواصلات السلكية واللاسلكية موزعة على جل التراب الوطني. ويشهد هذا القطاع حالياً عملية تطوير وتحديث عن طريق تعميم الترقيم العددي والهاتف الخليوي. ومن اجل تحسين استغلال هذه المنشآت لاغراض سياحية، نصبت على مستوى وزارة السياحة لجنة وطنية لتسهيل الانشطة السياحية مهمتها اقتراح التدابير والاجراءات اللازمة لتشجيع وتسهيل التدفقات السياحية ومن بين الاجراءات المهمة التي تم اعتمادها اخيراً تنشيط الرحلات عن طريق البحر واستغلال هذا القطاع في تطوير النشاط السياحي. اضافة الى ذلك وفي اطار فك الاحتكار وفتح الاستثمار في قطاع النقل الجوي، تم اعتماد اربع مؤسسات جديدة للطيران دخلت النشاط في السوق الوطنية. يسمح ايضاً التشريع الجزائري المتعلق بقطاع النقل الجوي للطائرات الاجنبية المؤجرة بالنزول في المطارات الجزائرية وهذا سيشجع بكل تأكيد منظّمي الرحلات على اللجوء الى هذه الصيغة المستعملة دولياً، وبالفعل سجلنا خلال السنة الجارية طلبات عدة من هذا النوع تمت الموافقة عليها. نريد ان نذكر في الاخير ان "الخطوط الجوية الجزائرية" ادرجت في برامجها خطوطاً تربط عواصم اهم البلدان الموفدة للسياح بالاقطاب السياحية الجزائرية. خطة لاعادة الاعتبار ما هي الخطة العامة المعتمدة لتطوير واعادة تأهيل القطاع السياحي في الجزائر؟ هل الامر مجرد طرح شعارات او اعلان نوايا ام انكم وصلتم فعلاً الى تصور علمي يراعي حاجات التنمية المستقبلية؟ - تطوير واعادة تأهيل القطاع السياحي في الجزائر امران تضمنهما السياسة التنموية والتطويرية الشاملة المتكاملة التي يشارك في تجسيدها كل القطاعات والهيئات المعنية وكذا المهنيون والحركة الجمعية المتخصصة. ان الاهداف الكبرى التي نسعى الى تحقيقها تتمثل اساساً في رفع وتنويع سعة الايواء السياحي وملاءمتها مع المعايير الدولية، تحسين نوعية وجودة الخدمات وترقية صورة الجزائر السياحية في الخارج. قصد تحقيق ذلك اتخذت الاجراءات والتدابير الآتية: * اعطاء الاهمية لقطاع السياحة واعتباره قطاعاً استراتيجياً في التنمية الوطنية من طرف السلطات العمومية. * تدعيم الأطر المؤسساتية على المستوى المركزي والمحلي اذ تم في هذا الشأن اخيراً تنصيب مصالح ادارية للسياحة في كل ولايات القطر. * تحديد وتخصيص 174 منطقة للتوسع السياحي ونحو 202 منبع حموي للمياه الساخنة للتنمية السياحية بعدما اجريت لها الدراسات التقنية والتهيئة السياحية اللازمة وهي معروضة اليوم للشراكة والاستثمار المباشر على المتعاملين المحليين والاجانب. * منح تسهيلات وامتيازات جبائية وجمركية وضمانات للمستثمرين اضافة الى تخفيض سعر الفائدة على القروض بالنسبة الى المشاريع المنجزة في الجنوب. * استحداث وتنصيب "الوكالة الوطنية للتنمية السياحية" و"المؤسسة الوطنية للدراسات السياحية" من اجل التكفل بالعقار السياحي والدراسات الفنية والتهيئة السياحية وتوجيه المستثمرين ومساعدتهم في انجاز مشاريعهم. * تكييف التأهيل السياحي والفندقي مع متطلبات السياحة العصرية واحتياجات القطاع وتوجهات اقتصاد السوق. عملياً، قمنا بمراجعة القانون الاساسي لمعاهد ومراكز التأهيل، واعادة النظر في برامجها، وفتح تخصصات جديدة، وانشاء سلك لمراقبة النوعية وتحسينها. * مراجعة الاطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكم الانشطة السياحية والفندقية اذ تم صدور قانونين الاول يتعلق بالفندقة والثاني بوكالات السياحة والسفر من اجل دعم اكثر للاحترافية وتحديث معايير بناء واستغلال وتصنيف المؤسسات السياحية الفندقية. * الاستثمار في الاعمال التطويرية داخل البلاد وخارجها وترقية الاعلام والاشهار السياحي. * تطوير وترقية عملية الشراكة والتعاون مع الاجانب. * تنصيب لجنة وطنية للتسهيلات الوطنية مهمتها تشخيص المشاكل والصعوبات التي يعشها القطاع واقتراح الحلول المناسبة. تلكم هي اهم محاور العمل التي باشرنا في تنفيذها في هذا المجال والتي نعتقد انها ستمكن من اعادة الاعتبار الى قطاع السياحي في الجزائر وتطويره وتنيمته. في حال كانت هذه الخطة العامة قابلة للانجاز، ما هي أبرز وجود القصور المحتملة، وما هي أهم المشاكل التي تتوقعون حدوثها؟ - لا شك ان التنمية السياحية تتطلب استثمارات كبيرة تستلزم توفير رؤوس أموال ضخمة، وهذا ما يجعلنا نعمل زيادة على الموارد المالية التي توفرها الدولة، نبحث عن مصادر أخرى للتمويل. في هذا الإطار نسعى إلى حث وتشجيع القطاع الخاص ورجال الأعمال الجزائريين المقيمين في الخارج على الاستثمار السياحي في الجزائر، ونعتمد أيضاً على تمويلات خارجية نحصل عليها عن طريق الشراكة، إضافة إلى الايرادات المالية التي تنجم عن برنامج تخصيص المؤسسات السياحية والفندقية العمومية وبيعها. هناك قصور آخر يتمثل في نقص الخبرة التقنية العالية وقد اتخذت، في هذا الشأن، اجراءات عدة من بينها تحسين التأهيل وملاءمته مع سوق العمل، وإعادة تدوير العمال والتقنيين، والتأهيل في الخارج في إطار اتفاقات تعاون عدة مبرمة مع بعض الدول الصديقة، وأخيراً الاستفادة من المنظمات الدولية والاقليمية المتخصصة ومكاتب الدراسات ذات الشهرة العالمية. الخبرات والتنمية الاستعانة بالخبرات الدولية أمر ضروري، ما مصدر خبراتكم التي تستعينون بها، أو قد تستعينون بها؟ وهل من خبرات عربية ممكنة من تونس أو مصر مثلاً؟ - السياحة أصبحت اليوم تعتمد على أساليب فنية وتقنيات متطورة ومعايير في الجودة والنوعية وقواعد لبناء وتصنيف المؤسسة الفندقية والسياحية ولتهيئة مناطق التوسع السياحي... الخ. كل هذه العوامل يتطور باستمرار وينبغي مراجعته من حين إلى آخر، من أجل تحديثها وجعلها في مستوى المقاييس الدولية، وهذا يستلزم الاطلاع على تجارب وخبرات وتشريعات البلدان الأخرى لا سيما تلك التي لها تقاليد عريقة في هذا المجال. ووعياً منها بضرورة نقل الخبرات، طورت الجزائر علاقات تعاون مع بلدان عربية عدة، وكذا بعض البلدان الأوروبية والافريقية، وهي تتبادل معها المعلومات والاحصاءات والدراسات والتشريعات والمخططات التنموية. من جهة أخرى، فإن الجزائر عضوة في منظمات وهيئات واتحادات مهنية دولية وجهوية متخصصة وتستفيد أيضاً من خبرائها. القطاع السياحي قطاع مؤثر في بقية قطاع الخدمات. كيف بإمكانه ان يلعب دور الحافز في تنشيط وتنمية الاقتصاد الجزائري مستقبلاً؟ - السياحة في العصر الحديث أصبح لها مفهوم صناعي لأن تطورها يجر وراءه تطوير قطاعات عدة مثل النقل والتجارة والصناعة التقليدية والفلاحة والثقافة وخدمات المصاريف وشق الطرقات وفك العزلة عن بعض المناطق. كما ان انجاز المشاريع السياحية يساهم في تحريك قطاع البناء ومصانع مواد البناء ومكاتب الدراسة والإشهار إلى غير ذلك. وتشير المعطيات الاحصائية إلى ان واحدة من كل اثنتي عشرة وظيفة مستحدثة على المستوى العالمي تعود واحدة منها إلى قطاع السياحة، وكل منصب عمل واحد ينشأ في هذا القطاع يقابله إحداث ثلاثة مناصب شغل في القطاعات الأخرى المرتبطة به. الاستراتيجية التنموية التي نريد تنفيذها تهدف إلى تطوير المنتوجات السياحية الأصيلة والمندمجة التي تعتمد في تكوينها على العوامل الثقافية والحضارية والتاريخية والطبيعية لأنه كلما كانت درجة الاندماج عالية، كلما كانت السياحة حافزاً على تنشيط الاقتصاد وتفعيل التشغيل. موازنة صغيرة الحملات الترويجية مهمة. متى يحين الوقت الذي سيكون بإمكانكم المطالبة بزيادة موازنة السياحة للانفاق على الترويج السياحي؟ وكيف تنظرون إلى دور القطاع الخاص في دعم جهودكم الترويجية؟ - يلعب الترويج دوراً أساسياً في تسويق المنتج السياحي وبالتالي فهو يحظى باهتمام كبير في كل البلدان السياحية وتخصص له موازنات معتبرة. خلال السنوات الأخيرة اقتحمت الجزائر هذا المجال ووضعت برنامجاً يرتكز أساساً على: - تجديد وتطوير الدعائم السياحية والترويجية. - إعادة الاعتبار للأعياد والمواسم المحلية والتقليدية. - تنظيم رحلات استكشافية وإعلامية لأفراد الصحافة المتخصصة ولمنظمي الرحلات ورجال الأعمال الأجانب والسلك الديبلوماسي المعتمد في الجزائر. - المشاركة في الكثير من المعارض السياحية الدولية. لكن، كما تفضلتم بالإشارة إليه، فإن موازنة الوزارة في هذا الشأن تبقى غير كبيرة. إن القطاع السياحي يدرك تماماً أهمية الترويج ويعمل حالياً على تنويع مصادر تمويل هذه العملية. فإضافة إلى المخصص المالي الذي تقدمه الدولة، انشئ صندوق للتطوير السياحي يمول عن طريق اقتطاع نسبة من الضرائب المفروضة على المؤسسات السياحية والفندقية بما في ذلك القطاع الخاص. وتتجه الوزارة حالياً إلى إقامة علاقات شراكة في ميدان الترويج السياحي مع بعض الوكالات السياحية الأجنبية المهمة، وتهدف هذه العمليات إلى ترويج تسويق المنتج السياحي لهذه الوكالات. السياح العرب يشكلون فئة من الزوار عالية الانفاق، ما هي المنتجات السياحية التي قد تهمهم؟ وهل تعتقدون ان التعريب في الجزائر سيترك آثاره على قدوم السياح العرب مستقبلاً؟ - صحيح ان السياح العرب ينفقون أكثر في رحلاتهم، وهذا معروف حتى عند الجزائريين الذين يتجهون إلى الخارج. أما عن المنتجات السياحية التي يمكن أن تقدمها الجزائر إلى السياح العرب فتنبغي الإشارة أولاً إلى ان بلدنا غني بعاداته وتقاليده وتراثه وآثاره وتاريخه المجيد، وهذه عوامل تشجع السائح العربي على التعرف والاطلاع على جزء من وطنه العربي الكبير ومن ثقافته الغنية والمتنوعة. كما ان شساعة الجزائر ومناخها المعتدل يسمحان بممارسة سياحة الأماكن الرحبة الكبرى والجبلية. وبلدنا مشهور أيضاً بسياحة القنص والسياحة العلاجية الخاصة، الحمامات المعدنية، وكذا السياحة الساحلية التي تتمتع بمرافق رائعة. أما في ما يتعلق بالتعريب وآثاره على قدوم السياح العرب إلى الجزائرر، فاللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، كما أن قانون استعمال اللغة العربية دخل حيز التطبيق وأصبحت الوثائق والمعاملات الإدارية تتم باللغة العربية، وبتالي فالسائح العربي لا يشعر بالغربة، لأن الجزائر، امتداد لوطنه والشعب الجزائري يتكلم اللغة العربية مثل البلدان العربية كافة. هذا الشق السياسي في الإجابة. أما الجانب الواقعي في الجواب فهو: هل روما أو فرنسا أو لندن أو غيرها تنطق اللغة العربية؟ قضية تأشيرة الدخول عامل محفز للسياح القادمين. اهتمام الدول المغاربية منصب دائماً على تسهيل دخول السياحة الأوروبية الجماهيرية ذات العائد المتدني. هل ستغيرون ذلك وتتجهون إلى تسهيل دخول الزوار العرب أيضاً؟ - الجزائر بلد مضياف ويقدم كل التسهيلات لاستقبال السياح والزوار لا سيما عندما يتعلق الأمر بأبناء الوطن العربية الكبير. نحن لا نطلب تأشيرة من البلدان العربية، بل نطبق فقط مبدأ التعامل بالمثل مع تلك التي تفرض تأشيرة على مواطنينا، وهذا اجراء معمول به لدى كل الدول وفقاً للأعراف الدولية، ليس معنى ذلك اننا نشدد أو نمنع الزوار والسياح العرب أو غيرهم من القدوم إلى بلدنا بل بالعكس. الجزائر الجديدة تحتفل الجزائر بطبيعة خلابة ومتنوعة، لكنها غير مستغلة كما يجب سياحياً بعيداً عن التصريحات الرسمية، هناك سؤال يطرح نفسه: هل ستراعون مستقبلاً الحفاظ على البيئة في مشاريعكم أم ان هاجس التنمية سيطغى على ما عداه؟ - بحكم تراثها الثقافي الغني والمتنوع وفضاءاتها السياحية الواسعة، رسمت الجزائر استراتيجية ترمي إلى تطوير منتجات سياحية تعتمد على عوامل ثقافية وايكولوجية. هذا الاختيار يستدعي بالضرورة وضع سياسة للتنمية السياحية المستدامة ترتكز على احترام البيئة والانسجام العمراني. لهذا الغرض، تم إحداث "الوكالة الوطنية للتنمية السياسية" و"المؤسسة الوطنية للدراسات السياحية" من أجل الحفاظ على البيئة وضبط العقار السياحي وفي قواعد البناء والعمران. من جهة أخرى، تولي الدولة اهتماماً كبيراً للمحافظة على البيئة، ويتضح ذلك من خلال انشائها لكتابة الدولة المكلفة بالبيئة و"المجلس الأعلى للبيئة" والتنمية الدائمة، وكذا المجلس الأعلى للبحر. ومن أجل اكتساب الخبرات في هذا الميدان، نظمت الجزائر في نهاية الثمانينات تحت اشراف "المنظمة العالمية للسياحة" مؤتمراً دولياً مهماً في تمنراست، أقصى الجنوب، موضوعه "السياحة المستدامة وآفاق تطورها". كل هذا يدل على ان الجزائر لها قناعة تامة بضرورة انجاز تنمية دائمة للسياحة. نحن نستفيد اليوم كبلد في مرحلة النهوض بصناعته السياحية من التجارب الناجحة في العالم ونتفادى الأخطاء التي وقع فيها بعض البلدان الذي لم يحقق الانسجام في المحافظة على البيئة والموارد السياحية غير المتجددة. لو كان عليكم ان تتحدثوا إلى سائح اعتاد في الماضي القدوم إلى الجزائر، ماذا ستقولون له اليوم؟ - نقول لهؤلاء السياح إن الجزائر لا تزال ذلك البلد المضياف الذي عرفوه وان الظروف الصعبة التي مرت بها قد اضمحلت وهي في طريقها إلى الزوال النهائي، سيما بعد نجاح الاستفتاء على الوئام المدني، والأوضاع في تحسن مستمر ولم تبق إلا الصورة المشوهة للبلاد من طرف بعض وسائل الاعلام والتي نعمل على تصحيحها. أخيراً، نغتنم هذه الفرصة لدعوتهم لزيارة الجزائر وهم مطمئنون ليتعرفوا بأنفسهم على الواقع الحقيقي للبلاد الذي لا يدعو لا إلى الخوف ولا إلى القلق.