لم تنته بعد فصول "مشكلة مرسومي الاعدام" في لبنان. وجديدها امس: تفهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري رفض رئيس الحكومة سليم الحص توقيعهما، وانتقاده موقف رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، من دون ان يسميه، وكذلك موقف للحص اعتبر ان السجال الدائر على صلاحيات رئاسة الحكومة "سينتهي الى الاحتكام الى الدستور والقانون". فقد ابدى الرئيس بري "تفهمه التام" لموقف الرئيس الحص. وقال "لا يجوز لمن رفض توقيع مراسيم، منها مراسيم اعدام، ان يطلب من الآخرين الزام غيره ما لم يلزموا انفسهم اياه. فهذه المعارضة لا تريد تنفيذ حكم قضائي او تطبيق حكم المؤسسات بمقدار ما تريد ان تجعل المؤسسات، كل المؤسسات، طيعة بين يديها، وهو حلم قديم يتجدد". وإذ رفض الحريري التعليق على كلام بري، ذكرت مصادر نيابية ان الاخير غمز من قناة المعارضة، متهماً اياها بالسعي الى عقد جلسة نيابية لتفسير بعض مواد الدستور "وهذا ما لن نسمح به في الوقت الحاضر". في هذه الاثناء، اعلن الرئيس الحص ان "السجال الدائر على صلاحيات رئاسة الحكومة سينتهي الى الاحتكام الى الدستور والقانون والمؤسسات. فمن لديه افكار او اقتراحات عليه ان يدلي بها من خلال المؤسسات بحسب الاصول، اما الدعوات المتكررة الى استقالة الحكومة فردنا عليها انها تبقى ما دامت تتمتع بثقة المجلس النيابي. ولا احد يستطيع ان يزايد علينا في احترام الدستور والقانون والحرص على صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء. فنحن نعي مسؤولياتنا ولسنا في حاجة الى تلقي الدروس من احد في هذا الصدد. فلا الدستور اللبناني ولا اي دستور في العالم يفرض على رئيس الوزراء ان يوقع شيئاً لا يتفق مع اقتناعه، وفي امتناعنا عن توقيع مرسوم اعدام نطبق صلاحية اولانا اياها الدستور". وفي عودة الى موقف بري، فقد قصد، في اشارته الى رفض توقيع مراسيم اعدام سابقاً، حال المحكوم عليه احمد رضا ياسين الذي لا يزال في سجن رومية، بعد امتناع وزير العدل السابق بهيج طبارة عن توقيع مرسوم اعدامه، علماً ان 13 حكماً بالاعدام نفذت في العهد السابق. وقال طبارة ل"الحياة"، لدى استيضاحه الأمر، ان "خلاصة الحكم على ياسين انه يستحق الأسباب التخفيفية لكن القانون الصادر عام 1994 يقضي باعدام القاتل قصداً، ويمنع على المحاكم الأخذ بالأسباب التخفيفية، لذلك نحكم عليه بالاعدام ونترك للسلطة الاجرائية معالجة الأمر". ولفت الى ان المدعي العام التمييزي اعطى رأياً موافقاً لقرار المحكمة، وكذلك لجنة العفو "وانسجاماً مع كل هذه المعطيات امتنعت عن توقيع المرسوم" الذي وقعه وزير العدل بالوكالة ميشال ادة، حين كان طبارة خارج لبنان، لكنه فور عودته اعترض على التوقيع. الى ذلك، اعتبر بعض النواب ان السجال الدستوري على توقيع مرسومي الاعدام، دفع بالرئيس بري الى طرح مخرج يقضي وضع قانون لنظام داخلي لمجلس الوزراء، يلزم رئيس الحكومة والوزراء توقيع المراسيم اسوة برئيس الجمهورية. لكن عدداً من رؤساء الحكومة السابقين، وبينهم الرئيس عمر كرامي، ردوا "ان لا مشكلة في توقيع المراسيم ومشاريع القوانين، وان رئيس الحكومة يلتزم عادة نتيجة التصويت ولا يخضع مجلس الوزراء لموقفه الشخصي، اضافة الى ان اعادة النظر في المهل تحتاج الى تعديل دستوري لا الى نظام داخلي لمجلس الوزراء لأنها واردة في نص دستوري". واعتبر كرامي في حينه وأيده في ذلك الحريري "ان رئيس الحكومة والحكومة ككل يخضعان لمراقبة ومحاسبة من المجلس النيابي، ولا داعي للخوض الآن في مسألة المهل". وأشار الى "ان تحديد المهل يجب ان ينطبق ايضاً على المجلس النيابي لأن نظامه الداخلي لا يخضع لمراجعة المجلس الدستوري". وترى اوساط المعارضة ان طرح نظام داخلي للمجلس النيابي "محاولة للحد من صلاحيات رئيس المجلس وهذا ما يفسر هجومه" امس على المعارضة.