تظل مشكلة الهجرة من الريف الى المدينة احدى المشاكل القائمة في مجتعنا على الرغم من مرور زمن عليها. الا انها لا تزال مستمرة من خلال الصراع القائم بين القيم الاجتماعية والروحية والإنسانية لكل بيئة وما ينتج عن الصراع من إحباط للإنسان الريفي نتيجة عدم تناغمه مع قيم المدينة. "الاماني المرة" مسلسل سوري جديد يبحث في مشكلة الهجرة من الريف الى المدينة ويتطرق الى الآثار السلبية للهجرة وما تعكسه في داخل الانسان الريفي من مشاكل وجدانية ونفسية عميقة. وذلك من خلال قصة شاب يترك قريته ويتوجه الى المدينة وفي اعتقاده انه سيبني عالمه الخاص كما يراه وهو لا يزال في القرية لكنه يفاجأ بعالم جديد وغريب عليه فلا يستطيع التوفيق بين عالمه الريفي الحقيقي وعالم المدينة، المسلسل من إخراج بسام المصري وسيناريو وحوار الكاتب احمد عودة، ومن تمثيل نادين، عبدالرحمن ابو القاسم، فراس ابراهيم، جهاد سعد، ليلى جبر، جمال نصار، مرام نور، قمر مرتضى، نجاح حفيظ، ايمن السالك، وآخرين. يقول المخرج بسام المصري تحدث الى الحياة عن عمله: "مسلسل "الاماني المرة" يتناول مجموعة من القيم الاجتماعية والروحية التي سرقتها منا علاقات المدينة. وهذا يتجلى من خلال شاب يهاجر من القرية نحو المدينة وهو متمسك بأرضه. حاولت ان اطرح مشكلة التشبث بالأرض من خلال تصويري بيئتي الريف والمدينة واخترنا المواقع المناسبة المعبرة عن احداث المسلسل من دون التهرب او الالتفات إلى بيئة العمل حيث عكسنا بيئة المدينة كما هي وواقع الريف بكل تفاصيله الصغيرة". الفنان فراس ابراهيم يجسد احدى شخصيات العمل، عن دوره يقول: "العب دور احد ابناء الريف، وهو يعمل في مجال الاعلان الذي يتطلب الكثير من العلاقات العامة. ونتيجة الفوارق القيمية بين الريف والمدينة يصاب بالإحباط وعدم المقدرة على التوفيق بين بيئته الريفية الاصلية وبيئة المدينة التي يعمل فيها ويعيش ضمنها لأنه يحمل قيم الريف في داخله. وبالوقت نفسه يتطلب عمله منه الحفاظ على علاقات المدينة وعاداتها واضافةً الى ذلك فهو انسان متشبث بأرضه ويحاول التمسك بها. الفنانة الشابة مرام نور تلعب دور فتاة تنتمي الى الطبقة الثرية في المجتمع اي انها بنت غنية ومدللة لدى والديها وصاحبة مزاج خاص وأنانية مما ترك لديها مشكلة سيكولوجية فهي ليست مجنونة ولكن تصرفاتها غير متوازنة. من الممكن ان تحب رجلاً وسرعان ما تتركه لتنتقل الى آخر وبسرعة. وانفصال والديها ولّد عندها حالة توتر عقلي دائم. قمر مرتضى تقول عن دورها: "امثل دور مربية عند عائلة ثرية ودورها لا يقل عن دور الام وعلى الدوام تعيش هذه المربية حالة توتر وعدم توازن لأنها في حالة تفكير دائم في مشاكل الفتاة التي تربيها ومن حالة قلق لحل هذه المشاكل والوصول بالفتاة الى اسلم الطرق". ويجسد الفنان جمال نصار دور صالح ابن الريف الذي تدفعه ظروفه للهجرة من الريف الى المدينة والعمل ماكيير في الاعمال الفنية، وهو متزوج من ابنة خالته التي تسعى نحو طموحات مادية كبيرة وتحرّض زوجها على هذه الطموحات. لكن صالح رجل مسكين وزوج مسالم لا يستطيع الوقوف في وجه زوجته التي تتورط في تهريب اللوحات الفنية على الرغم من تحذير زوجها مما تفعله لكنهما يظلان على خلاف دائم حتى يحصل الطلاق. المسلسل يحمل في طياته الكثير من التساؤلات الانسانية والاجتماعية العميقة التي تتعلق بالقيم الاصلية في الانسان، والتي بات يهددها المجتمع الحديث، وتدافع عنها من خلال عالم القرية الذي يرمز الى الانسان النظيف الحامل قيم الصدق والوفاء وعالم المدينة الذي يرمز الى الخبث والكذب وانعدام العلاقات الانسانية الصحيحة ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل تُقدم المسلسلات التي تعالج مسألة الهجرة من الريف الى المدينة رصداً واقعياً لحقيقة ما يحدث من مشاكل نفسية واحتماعية واقتصادية؟.