أكد ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز دعم بلاده "الحق المشروع بمقاومة الاحتلال"، داعياً الى "المقاومة والصمود والصبر" أمام "اعظم التحديات والمخاطر" و"الاستفزازات" الاسرائىلية الناتجة عن "غشاوة" في رؤية رئيس الوزراء ايهود باراك لأهمية "السلام العادل الشامل"، لكنه اعرب عن الامل بأن يستمر "قطار السلام" على رغم كل "العقبات" التي تقف امامه. وكان ولي العهد السعودي يتحدث بعد وصوله مطار دمشق حيث كان الرئيس حافظ الاسد في استقباله اضافة الى نائبيه عبدالحليم خدام ومحمد زهير مشارقة وكبار المسؤولين السوريين. وقال الناطق الرئاسي السيد جبران كورية ان الاسد والأمير عبدالله عقدا أمس محادثات رسمية بحثا خلالها في عملية السلام والتضامن العربي. وقال مسؤول سوري ل"الحياة" ان المنطقة العربية تشهد حالياً "اهم تضامن عربي منذ بضع سنوات، ذلك بعد العدوان الاسرائىلي على لبنان"، لافتاً الى ان اقرار رئيس الوزراء الاسرائىلي ايهود باراك بتعهد سلفه اسحق رابين بالانسحاب من الجولان الى خط 4 حزيران يونيو 1967 "خطوة مهمة اذا كان ذلك يعني ان باراك اتخذ قراراً بتحقيق السلام والتزام ذلك بترسيم خط الرابع من حزيران"، لكنه دعا الى ضرورة "عدم المبالغة بالتفاؤل لأنه ربما يكون الهدف من ذلك الالتفاف على التضامن العربي" الذي يتمثل بجولة الامير عبدالله واستضافة بيروت لاجتماع وزراء الخارجية العرب بعد زيارة الرئيس حسني مبارك الى بيروت قبل اسبوعين. وكان الأمير عبدالله زار دمشق في حزيران الماضي، علماً بأنه يزور سورية مرة في كل سنة اعتباراً من العام 1996. وقال انه سيصل اليوم الى "لبنان الصمود"، وان جولته العربية تستهدف "حمل هموم امتنا وآلامها وآمالها وتطلعاتها ونتبادل مع قادتها المشورة والرأي مستهدفين لم الشمل وتوحيد الصف في هذه الظروف الصعبة التي تحمل في احشائها اعظم المخاطر والتحديات لا يعلم مداها الاّ الله". وتابع في تصريحات صحافية ادلى بها بعد وصوله: "رغم ماتشهده امتنا العربية وتقاسيه من عدوان وجور واستفزاز يهز كل مقدرة على الصبر والحلم والاحتمال في نفس الانسان، فان شمعة الأمل والتفاؤل ستبقى حيّة متّقدة ولن تطفئها أعاصير التشاؤم والاستفزاز مهما عتت". وأمل ولي العهد السعودي بأن "قطار السلام سيواصل سيره حتى يبلغ منتهاه ولن تعيقه ان شاء الله عقبات او عوائق مهما بلغت. واذا كانت ثمة من على عيونه غشاوة تحجب عنه الرؤية السليمة للسلام العادل وفضائله فلن نفزع ولن نجزع ولن نهرع مستسلمين لجوره مستجيبين لباطله، بل علينا ان نصبر ونصمد ونقاوم بكل طاقة نملكها. فالضعيف اليوم سيقوى غداً والقوة لا تدوم لأحد إلاّ لصاحب القوة والجبروت جلّ جلاله"، لافتاً الى ان "الشعوب الحيّة لا تنسى ولا تستسلم ولا تموت وما ضاع حق وراءه مطالب، وللتاريخ ذاكرة تستنطق الجامد وتسجل الحقائق وتحفظها من كل نسيان او تشويه"، والى ان مواقفه جاءت "لأننا اصحاب حق تاريخي لا لبس فيه وان تطاول عليه من تطاول. حقنا جلي واضح لا يملك التنازل عنه كائن من كان ومقاومتنا للعدوان والجور والاحتلال حق مشروع كفلته شرائع السماء وكرسته قوانين الارض". وتابع الأمير عبدالله ان "امتنا تجنح للسلم وتصبو اليه لكن ليس اي سلام وانما السلام العادل المنصف الذي يعيد لكل ذي حق حقه ويكفل الامن والاستقرار لكل من يعيش في هذه المنطقة التي نزلت فيها رسالات السماء وهدت البشرية الى الحق والخير والعدالة"، مؤكداً انه "على اسرائىل قبول هذه الحقائق ووعي ضرورة السلام وفضائله. اننا نريد لغيرنا الأمن والسلام مثلما نريده لأنفسنا، وندرك ان ذلك لن يتحقق بغير العدل والانصاف ونبذ غرور القوة الغاشمة. اما الاستفزاز والعدوان واستخدام لغة القوة فلن تحل اشكالاً ولن تؤدي الى غير المزيد من المرارة والاحقاد والدمار. واخشى ما أخشاه ان يغلب اليأس الأمل وتنزلق المنطقة كلها الى حال من الفوضى والعنف لا يعلم مداها إلا الله وتمتد اخطارها وتداعياتها الى كل ارجاء العالم". وفي بيروت، أفاد فرع المراسم في رئاسة الجمهورية ان استقبالاً رسمياً في قصر بعبدا سيجرى للأمير عبدالله الذي يقوم بزيارة رسمية للبنان تستمر يومين، يرافقه خلالها وفد رسمي رفيع. وسيلتقي ولي العهد السعودي رئيس الجمهورية إميل لحود ورئيس الحكومة سليم الحص، بعد عودته اليوم الى بيروت من الفاتيكان حيث سيقابل البابا يوحنا بولس الثاني وعدداً آخر من المسؤولين. ورحّب الرئيس الحص، في مستهل جلسة مجلس الوزراء امس، "أجمل ترحيب" بالأمير عبدالله، معتبراً ان "زيارته الكريمة تعبير عن تضامن الشقيقة المملكة العربية السعودية مع لبنان حيال ما تعرض له من عدوان اسرائيلي استهدف البنى التحتية". ورأى في هذا الموقف "دعماً لشعب لبنان في صموده ونضاله، علماً ان دعم المملكة ينطوي على معان خاصة نظراً الى المكانة التي تحتلها في المجتمع الدولي والعلاقات المتينة التي تربطها بدول القرار في العالم التي يفترض ان تؤدي دوراً فاعلاً في لجم اسرائيل عن مواصلة اعتداءاتها على لبنان، وفي حملها على انهاء احتلالها للارض اللبنانية وثنيها عن مواقفها المتعنتة التي تعرقل مسيرة التسوية". وذكّر الحص "بالدور الفاعل والبناء الذي قامت به السعودية خلال سنوات الازمة من مبادرات ومحاولات لإنهائها، توجت باتفاق الطائف الذي انهى الازمة المتمادية ووضع لبنان على طريق البناء والعافية والاستقرار". وأوضح الحص انه سيعرض للبابا "هموم لبنان الناجمة عن العدوان الاسرائيلي المستمر على شعبه وأرضه"، ويشرح موقفه من مسيرة التسوية، ويركز على "الثوابت التي يلتزمها". وتتزامن زيارة الأمير عبدالله مع توقيع مذكرة تفاهم ولائحة المشاريع الممولة بموجبها، بين لبنان والصندوق السعودي للتنمية بقيمة مئة مليون دولار اميركي، مساء اليوم في مقر مجلس الانماء والاعمار، في حضور وزراء سعوديين ولبنانيين ومسؤولي الصندوق والمجلس.