سيكون منظراً مألوفاً اليوم الخميس وفي اليومين التاليين ان يرى المتجول في بعض احياء المدن السعودية مجموعة من الاطفال يتحلقون حول جلد خروف سلخ للتو والقي به الى براميل النفيات ، او يخيف بعضهم بعضاً برأس خروف آخر ذبح قبل دقائق ولم يتفرغ رب العائلة "لحسحسته". و"الحسحسة" عند السعوديين هي شواء الرأس على نار هادئة بدلاً من سلخة للتخلص من شعره قبل طبخه. وسيكون منظراً طبيعياً ان ترى المياه تشوبها الدماء تخرج من تحت اعتاب المنازل بعد غسل الفناء للتخلص من آثار الذبح والسلخ الذي لا يزال بعض السعوديين يقومون به بانفسهم او بمساعدة النجارين والسباكين وعمال البناء الاجانب الذين يتحولون يوم العيد الى جزارين القليل منهم محترف ينحر ويقطع اضحية العيد في مقابل 25 دولاراً للرأس في اليوم الاول لكنها تنخفض الى 10 دولارات في ثالث أيام العيد... على رغم تحذير البلديات الدائم ودعوتها الى الذبح في المسالخ. ومع التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها السعودية اليوم تغيّر بعض عادات الاضحية التي كان الرجال والنساء يستيقظون باكراً لاستقبالها والافطار على كبدها واحشائها طازجة مع خبز طازج يسانده ابريق ضخم من الشاي. وبدأ سعوديون يتعاملون مع الاضحية على نحو مختلف لا يغير جدول رحلاتهم السياحية خلال اجازة العيد ولا يزيد ارتباطهم. ويمكن المراقب أن يلحظ نشاطاً جديداً بدأته شركات اللحوم الطازجة بعض خدماتها للذبح والتوصيل الى المنازل بعد مكالمة هاتفية للحجز او زيارة لشرح التفاصيل. ويقول الجزار عبدالجليل فضل الكريم العامل في احدى هذه الشركات: "نتلقى طلبات تحدد نوع الذبيحة وحجمها وكيفية تقسيمها، وبعضهم يريد ايصالها جاهزة مقطعة إلى لمنزل، وآخرون يطلبون منا الاحتفظ بها مبردة إلى حين عودته من السفر". وفي جولة ل "الحياة" على فروع لهذه الشركات اكد الجميع ان المبالغ التي تضاف إلى سعر الاضحية في مقابل هذه الخدمات تجد قبولاً لدى الجميع، وهي بين 10 و20 دولاراً للرأس، وتصبح مجانية في حال شراء عدد كبير من الاضاحي. وبعدما كانت الخرفان تشترى نقداً من السوق مباشرة، ظهرت أخيراً مع ظهور الشركات المتخصصة والراقية امكانات الشراء بالبطاقات الائتمانية، خصوصاً مع تصدر السعودية أسواق الخليج في بطاقات الائتمان بنسبة 42 في المئة من اجمالي البطاقات المصدرة هناك. ويقسم السعوديون الاضاحي الى أجزاء، يأكلون جزءاً ، ويهدون آخر إلى الاقارب والجيران، ويتصدقون بثالث للفقراء وفقاً لتعاليم الدين الاسلامي. وهم اصبحوا يعتمدون على العمل المؤسسي في تنفيذ كل ذلك، فالاهداء قد يتم عن طريق الشركة او السائق، والصدقة تسلم إلى الجمعيات الخيرية لتوزعها بمعرفتها. ولعل الاكل ينتظر إلى حين الفراغ من رحلة سفر او من مناسبات الزواج والافراح التي تكثر في هذا الموسم. والسعودية مستهلك كبير للحوم الأغنام، فهي كانت تستورد من استراليا وحدها قبل التوقف الذي انفرج هذا العام ثلاثة ملايين رأس تعادل نحو 60 في المئة من اجمالي السوق المحلية للماشية. ووفقاً لآخر تقرير صدر عن ادارة الجمارك السعودية فإن واردات السعودية من المواشي بلغت خلال الربع الثاني من العام الماضي 947 الف رأس بلغ اجمالي المرفوض منها 38.67 الف. ويعتبر السودان، وفقاً لادارة الجمارك، اهم الدول المصدرة للمواشي خلال الفترة نفسها حيث بلغ الوارد منها نحو 364.5 الف رأس بنسبة 39 في المئة، ثم الصومال بنسبة 20 في المئة، وسورية بنسبة 16 في المئة. ويفضل السعوديون الخروف النجدي الذي يصعد سعره اليوم ليصل الى 300 دولار لندرته وجودة لحمه، يليه الخروف النعيمي الذي يلامس سعره حاجز 200 دولار ويأتي جزء منه من المزارع السعودية، والآخر يستورد من الخارج. وتتوالى انواع البربري والمهجنات بين نوعين، والتركي، والنيوزلندي، وغيرها. سيأكل الجميع اضحيتهم لكن بعضهم سيأكلها طازجة والدم يغطي ثوبه والصغار يتحلقون من حوله، وآخرون سيأكلونها مبردة بعد العيد اذا لم يتح لهم الشراء والذبح خارج السعودية.