كثير من الزحام وبعض من الفوضى وسوء التنظيم.. هكذا بدت المشاهد في عدد من مسالخ أمانات المناطق التي شهدت ازدحاما شديدا عقب انتهاء خطب العيد، حيث انطلق الآلاف صوبها يجرون أضاحيهم ويأملون في أن ينتهي كل شيء في وقت مبكر حتى يعودوا إلى منازلهم، لتبدأ مهام جديدة تتولاها ربات البيوت. واعتبر عدد من المضحين أن ضعف استيعاب المسالخ وتأخر استلام الذبائح ساعات طويلة، رغم استعدادتها وتجهيزها بشكل جيد، أدى إلى ظهور الذبح العشوائي الذي يتم في المطابخ والأحواش وأحيانا في البيوت بواسطة بعض العمالة المقيمة التي سنت سكاكينها مبكرا واستعدت لموسمها. هذا إلى جانب بعض المشاهد السالبة التي رصدتها «شمس» خلال جولاتها في مسالخ الرياض والشرقية وجدةومكة. الرياض، جدة، مكة، الجبيل. سعد سالم، عثمان هادي، حامد القرشي، ومحمد الزهراني مشاهد سالبة وفي الرياض وتحديدا شمال شرق المدينة احتشد عدد كبير من المواطنين والمقيمين أمام أحد المسالخ والذي فتح أبوابه لاستقبال 50 أضحية فقط في كل مرة، الأمر الذي سبب قلقا للمواطنين خوفا من التأخر. وقبل الدخول لصالة المسلخ الكبيرة رصدت «شمس» عددا من المواشي المذبوحة والمسلوخة ملقاة على قارعة الطريق، الأمر الذي أثار حفيظة أصحاب الأضاحي الذين ألقوا بالمسؤولية على المسؤولين في البلدية وإدارة المسلخ. عدد من المواطنين أشاروا إلى أن الزحام كان السمة المميزة لأول يوم في المسالخ ولفتوا إلى أن ذلك أدى إلى ظهور العديد من المشكلات كالسرقات التي يتعرض لها أصحاب الأضاحي. وقال عبدالعزيز الشثري إن هناك سوء تنظيم في المسلخ رغم أنه يعد الأكبر والأشهر في هذه المنطقة وهو ما أدى إلى انتشار النشالين بين المضحين الذين فقد بعضهم نقوده ومتعلقاته من جوالات وخلافه بسبب الزحام الشديد. أما سعود الدويش فعبر عن غضبه من طريقة تنظيمهم في صفوف: «وضعنا في طوابير وسط حواجز حديدية وروائح كريهة وزحام خانق لا يليق بنا». ولفت محمد العنزي إلى سوء تعامل بعض جزاري المسلخ مع الأضاحي نتيجة استعجالهم لذبح أكبر عدد ممكن: «كادت أضحيتي تنفق بعد أن أطاح بها الجزار إلى الأرض لولا سرعة تدخل الطبيب البيطري الذي طلب سرعة ذبحها قبل أن تلفظ أنفاسها». من جهة أخرى أكد الطبيب البيطري مساعد مدير إدارة الرقابة الصحية المركزية الدكتور أحمد الزارع ل«شمس» أنهم بدؤوا الاستعداد للعيد قبل شهر تقريبا، حيث تم الاتفاق مع إدارة المرور وإمارة منطقة الرياض لتنظيم كافة السبل التي من شأنها تسهل عملية إنجاز مهمة ذبح الأضاحي. واعتبر أن أكبر مشكلة تواجههم هي أن البعض يريد أن تذبح له أضحيته وتسلخ وتقطع وتسلم له في عشر دقائق، مشيرا إلى أن في الأمر متسعا للذبح حتى الثالثة ظهرا، وكذلك اليوم الثاني الذي يخف فيه الزحام: «الأضحية تمر بمراحل فأولا تذبح ومن ثم تعلق وتسلخ ثم يكشف عليها الطبيب البيطري للتأكد من سلامتها من الأمراض، وأخيرا تقطع إلى أربعة أجزاء وتوضع في صندوق وتسلم لصاحبها في غضون 90 دقيقة أو أقل فلديهم أربع صالات في كل صالة 20 جزارا ومع كل جزار مساعد أو مساعدون يساعدونه في عملية السلخ والرفع وما إلى ذلك». ونفى أن يكون هناك تجاوز من قبل الجزارين ومساعديهم في ذبح الأضاحي لأصحابها مبكرا مقابل بعض النقود: «هم يتقاضون مكافآت مجزية وتبلغ خمسة ريالات عن كل رأس غير رواتبهم التي يحصلون عليها من الشركة المشغلة، كما أن هناك مراقبين في الصالات يعملون على منع أي تجاوزات». جدة.. ليست غير أما في جدة فلم يختلف المشهد كثيرا عن الرياض.. زحام شديد في المسالخ ما جعل كثيرا من المواطنين والمقيمين يضربون بعرض الحائط تعليمات منع الذبح خارج المسالخ والمطابخ المرخص لها. أما محمد جمعان فأشار إلى أنهم يحتفظون بأضاحيهم لدى زريبة الأغنام قبل فترة، وفي يوم العيد يأتي صاحب الزريبة بجزار يتولى ذبح الأضاحي مقابل 100 ريال للرأس يذهب جزء منه لصاحب الزريبة، مشيرا إلى أن الزريبة توفر خيار الشراء بالآجل لمن لا يملك ثمن الأضحية. ولفت إلى أن الذهاب للمسالخ فيه مضيعة للوقت إذ قد يطول انتظارك إلى خمس ساعات وقد تزيد. أما حاسن شداد فذكر أنه يتولى ذبح أضحيته بنفسه حسب السنة وذلك داخل استراحته الخاصة، مشيرا إلى أنه يحرص على تعليم أبنائه على الذبح والسلخ حتى يبتعدوا عن إرهاق المسالخ وسوء تنظيمها. وأضاف محفوظ نور «عامل هندي في محل جزارة» أن كفيله يحضره يوم العيد إلى استراحته، حيث ينحر أضاحيه وأضاحي أسرته وأصدقائه والتي يصل عددها ما بين 10 و15 أضحية مقابل 500 ريال. لكن جابر عبدالرحمن ورغم أن رقمه في مسلخ السبيل وصل إلى 758، أي أن دوره قد لا يأتي إلا بعد العصر إلا أنه يفضل الذبح في المسالخ لنظافتها وجودة الذبح والسلخ وعدم وجود أخطاء في تسليم الذبائح لأصحابها. ووافقه الرأي معروف المالكي الذي لا يثق بالجزارين المتجولين خاصة مع انتشار الأوبئة والأمراض بين المواشي: «لا يضيرني أن أنتظر بضع ساعات في المسلخ بدلا من الانتظار عدة أيام في المستشفيات». وأبدى المالكي استغرابه من عدم تحرك الأمانة لمنع هؤلاء الجزارين أو المحتالين كما يسميهم. كما طالب بالسماح للمطابخ بنحر الأضاحي للتخفيف على المسالخ. من جهة أخرى أوضح المسؤول عن مسلخ السبيل أنهم يعانون سرعة نفاد صبر أصحاب الأضاحي الذين يرغبون في أن يتم كل شيء بسرعة فائقة. ونفى أن تكون هناك أخطاء في تسليم الأضاحي رغم كثرتها. وذكر أنهم يتقاضون 50 ريالا عن كل رأس ويتم الذبح بواسطة عمال مقيمين نظرا إلى عدم إقبال السعوديين على هذا العمل. وفي مكةالمكرمة لم يمنع كثرة المسالخ الثابتة والمساندة وحملات الأمانة المكثفة في منع انتشار الجزارين السائبين في مختلف أنحاء المدينة. وقال الناطق الإعلامي بوكالة الخدمات بأمانة العاصمة المقدسة سهل مليباري إن هناك لجنة مكونة من عدة قطاعات حكومية ومراقبين صحيين لمحاربة الذبح العشوائي سواء في مكةالمكرمة أو في مجازر المعيصم والتي أثبتت نجاحها خلال موسم حج العام الماضي بأكثر 70 % ويجري العمل لرفع النسبة إلى 95 % هذا العام. 4 مسالخ وذكر أن هناك أربعة مسالخ في كل من الكعكية والمعيصم والجموم وحداء، وأنشأت إدارة المسالخ صالة جديدة موسمية مؤقتة تساند صالة الأهالي بمسلخ الكعكية لاستيعاب الأعداد الهائلة من الجمال والأبقار والأغنام، لكن مع ذلك فإن عددا من العمالة المقيمة ومخالفي نظام الإقامة كانوا يمارسون الذبح خارج المسالخ وتقطيعها وخاصة في الأحياء والتي لا يزال بعض سكانها يصرون على ذبح أضاحيهم أمام منازلهم وتعليقها على أغصان الشجر أو غيرها. من جهة أخرى اشتكى عدد من المواطنين من سوء التنظيم وعدم نظافة الجزارين في مجزرة المعيصم، مشيرين إلى أنهم قدموا منذ الصباح الباكر لكنهم فوجئوا بسوء التنظيم داخل المجزرة الأمر الذي اضطرهم إلى الذهاب إلى المطابخ المنتشرة في مكةالمكرمة أو جلب جزارين إلى منازلهم كي يذبحوا أضاحيهم. بينما أكد المشرف على المجموعة القائد المهندس عثمان جبريل فلاتة أن 30 كشافا من جوالة الكليات التقنية يساندون البنك الإسلامي للتنمية خلال تنظيم دخول الحجاج إلى المجازر في مشروع الإفادة من الهدي والأضاحي ومساعدتهم للحصول على الراحة وحتى لا يحدث تدافع على مدخل المجازر. وفي الجبيل الصناعية ورغم الأعداد الكبيرة التي ملأت ساحات مسلخي المدينة القديم والحديث إلا أن النظام كان سيد الموقف، حيث بدأ المسلخان في استقبال الأضاحي ليلة العيد وترقيمها عن طريق خرم الأذن بأرقام مطابقة للكوبون الذي يستلمه صاحبها بعد ذلك. وحسب إحصائية مسؤولي مسلخ الجبيل الصناعية فإن ما 200 أضحية تسلمت ليلة العيد ليبدأ ذبحها بعد الانتهاء مباشرة من صلاة العيد. وقال فايز الغامدي إنه ورغم طول الانتظار إلا أن عملية الذبح كانت واضحة للجميع ولم يكن هناك أي تدافع، مشيرا إلى أنه أمضى تقريبا نحو 90 دقيقة حتى تسلم أضحيته جاهزة. المسالخ أفضل وذكر عبدالله الأحمد أنه اضطر إلى تسليم أضحيته من ليلة العيد لعلمه الأكيد بالزحام الشديد الذي سيلاقيه صبيحة العيد. ولفت إلى أن عملية الذبح في المسلخ سريعة وتتسم بالنظافة. لكن مع ذلك فإن شوارع المدينة شهدت عشرات العمالة المقيمة التي كانت تعرض خدماتها لذبح الأضاحي خاصة في بعض الشوارع المؤدية لمسلخي المدينة. وقال محمد خان إنه ذبح خلال ثلاث ساعات خمس أضاح بأجرة تتراوح ما بين 60 و120 ريالا. وأضاف آخر آسيوي أنه اتفق مع أحد أصحاب الأضاحي ليلة العيد على ذبح أربع أضاح بأجر وصل إلى 400 ريال، مشيرا إلى أنه تعلم هذه المهنة وأجادها في السعودية وأصبح لديه زبائن. وذكر مدير المسلخ هشام عبدالمؤمن أن نظام المسلخ بفرعيه القديم والحديث ضمن عدم وجود أخطاء عن طريق التخريم بالأرقام ومطابقتها بالكوبونات، مشيرا إلى أنهم يتعاملون مع الجميع حسب النظام والترتيب، إلا أن بعض المواطنين يأتون إلينا ساخطين من ارتفاع أسعار الأضاحي لذلك فنحن نحاول أن نقابلهم بهدوء أكثر. أما مدير إدارة الأملاك بالهيئة الملكية بالجبيل المهندس أحمد الحركان فأشار إلى أن اليوم الأول شهد ذبح 450 أضحية في المسلخ الجديد و400 في المسلخ القديم، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى ألف خلال باقي اليوم. وذكر أن سعر الذبح حدد ب 40 ريالا .