«الداخلية» تستعرض طائرة دون طيار لحماية البيئة بمؤتمر ليب التقني 2025    اختتام أعمال الاجتماع التاسع للجنة التوجيهية لشبكة العمليات العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد    ملك الأردن ورئيس مصر يؤكدان «وحدة الموقف» بشأن غزة    بيلينجهام: ريال مدريد حقق فوزا مستحقا في ملعب مانشستر سيتي    التعاون يؤجل الحسم إلى الإياب    مهرجان فنجان الخير بجدة يحتفي بالحرف اليدوية العالمية    بأكبر نسبة في 10 سنوات.. أسعار البيض بأمريكا ترتفع 53%    فيصل بن فرحان ووزير خارجية فرنسا يبحثان تطورات الأوضاع الإقليمية    تعاون بين جمعية الزهايمر والولاية على أموال القاصرين    "البنك العربي " يبرم سلسلة اتفاقيات وشراكات مع كبرى الشركات على هامش "ليب"    ضبط 22 إثيوبياً في عسير لتهريبهم 330 كجم "قات"    المعارضة: نتنياهو يريد إغراق إسرائيل في الدم    الحقيل: 140 مليار ريال استثمارات تطوير الضواحي السكنية    سوريا تشكل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني    الكرملين: اتصال «بنّاء ومفيد» بين بوتين والشرع    «سلمان للإغاثة» يواصل تزويد المستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة بالمستلزمات الطبية المتنوعة    سلمان بن سلطان يتسلم وثيقة اعتماد المدينة أول صديقة للتوحد    اللواء المربع يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي الجوازات    الكشف عن تسليم 100 طائرة بخمس سنوات بالتزامن مع استلام الناقل السعودي أول طائرة A320neo في 2025    الأطفال الإعلاميون في حضرة أمير الحدود الشمالية    فريق تقييم الحوادث باليمن ينفي قيام التحالف باستهداف عدد من المنازل والمباني    العدل: منصة نافذ سرّعت الإجراءات وقلّلت التكاليف وزادت الشفافية    الاتحاد السعودي للشطرنج.. رؤية جديدة نحو العالمية    أمير الحدود الشمالية يستقبل الأطفال الإعلاميين بعد إتمامهم برنامج «الإعلامي الصغير»    محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة تميّز خدمة ضيوف الرحمن    وفود العسكريين يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    الأمير فيصل بن بندر يكرّم طلبة تعليم الرياض الفائزين في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    كانسيلو على رادار مانشستر يونايتد.. هل يوافق الهلال على بيع اللاعب؟    «الأرصاد»: أمطار رعدية على معظم مناطق السعودية    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة ال ( 54 )    كوريا الجنوبية تتجه لإقامة علاقات دبلوماسية مع سورية    "زين السعودية" و"هواوي" توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز تجربة "حج 2025" عبر الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات    حكومة لبنان: بيان وزاري يُسقط «ثلاثية حزب الله»    «أرسين فينغر» يطلع على استراتيجية المنتخبات والإدارة الفنية    أمير القصيم يكرم 27 يتيمًا حافظًا للقرآن    الصيد.. تجربة متكاملة    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد يؤكد : رفض قاطع لتصريحات إسرائيل المتطرفة بتهجير الفلسطينيين    مناقشة سبل مكافحة الأطفال المتسولين    قرد يقطع الكهرباء عن بلد بالكامل    القيادة تهنئ الرئيس الإيراني بذكرى اليوم الوطني لبلاده    "بونهور" مديراً فنياً لاتحاد كرة القاعدة والكرة الناعمة    المملكة 11 عالميًا والأولى إقليميًا في المؤشر العالمي لسلامة الذكاء الاصطناعي    فنانة مصرية تتعرض لحادث سير مروع في تايلاند    توثيق تطور الصناعة السعودية    الساعاتي..عاشق الكتب والمكتبات    مملكة الأمن والأمان    سلمان بن سلطان: القيادة تولي اهتمامًا بتنمية المحافظات    رأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة.. أمير المدينة: رفع مستوى الجاهزية لراحة المصلين في المسجد النبوي    أمير منطقة المدينة المنورة يرأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة    أمريكية تفقد بصرها بسبب «تيك توك»    «حملة أمل» السعودية تعيد السمع ل 500 طفل سوري    بعض نقاط التمييز بين اضطرابات الشخصية    ما بعد الإنسانية    «المحتوى الشبكي».. من التفاعلية إلى الاستقطاب!    أوغندا تسجل إصابات بإيبولا    الاستحمام البارد يساعد على النوم    القشطة والفطائر على وجبات الإفطار بالمسجد النبوي    زار" خيبر" واستقبل المواطنين.. أمير المدينة: القيادة مهتمة بتنمية المحافظات والارتقاء بمستوى الخدمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغرمون ب "علم الفولكلور"
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 2000

الفولكلور موضوع هذه المقالة هو ليس علم الفولكلور كما يجري تناوله من قبل عدد من المختصين بالعلوم الاجتماعية وبعض المثقفين الهواة. مثل ذلك مثل الارض التي ليست هي علم الارض او اللغة التي هي ليست علم اللغة. فالارض هي تلك الكتلة المادية التي يعيش الانسان على ظهرها، اما النتائج التي نحصل عليها عبر دراستنا لما يتعلق بهذه الكتلة المادية التي نعيش على سطحها ومعرفة هذه النتائج وفهمها فهي علم الارض. والشيء ذاته ينطبق على اللغة وغيرها من المواضيع.
لقد اختلط على بعض الذين تناولوا هذا الموضوع ان الفولكلور يعني شيئين كما يرى عالم الفولكلور الاميركي ريتشارد دورسن فهو مادة الفولكلور وميدان دراسة هذه المادة. لكن علم الفولكلور لا يعني مادة الفولكلور ولا مادة الفولكلور تعني علم الفولكلور. ولا يقف الامر في الخلط بين الفولكلور وعلم الفولكلور بل يتعدى ذلك الى الخلط بين الفولكلور وكل ما هو عتيق، بل وكل ما هو تراث أحياناً. إن الغموض الذي يكتنف الكتابات اليومية التي تتناول الفولكلور القى بظله على القراء والمتابعين واعطاهم صورة اكثر تشويشاً عن هذا الموضوع. فقد حاول احد الاساتذة الاجلاء تعريف الفولكلور، ولكنه تجنب المادة نفسها وانصرف الى مناقشة علم الفولكلور وانتهى من دون ان يقول للقراء ما هو الفولكلور. لقد اكتفى بوصف علم الفولكلور وقال إنه "علم ثقافي يختص بقطاع معين من الثقافة "الثقافة التقليدية أو الشعبية" يحاول القاء الضوء عليها من زوايا تاريخية وجغرافية واجتماعية ونفسية".
إن صفة العلم التي لحقت بالفولكلور ليست خاصة بهذا المبحث، اذ يمكن لها ان تلحق بالتأريخ وبالجغرافيا وبالفلك وغيرها، ووصفه بأنه علم ثقافي لا يميزه عن كثير من العلوم التي تختص بقطاع معين من الثقافة. هناك أدب يختص بالثقافة التقليدية، وهناك مؤرخون تختص دراساتهم بالثقافة التقليدية. فأين نضع الخط الفاصل بين الفولكلور والأدب والتأريخ؟ فجميعها علوم وجميعها يختص بقطاع معين من الثقافة التقليدية. أما اضافة "الشعبية" الى التقليدية فإنها تفتقر الى الدقة العلمية. فالثقافة التقليدية لا تعني انها ثقافة شعبية. صحيح ان هناك ثقافة شعبية تقليدية او ثقافة تقليدية شعبية، لكن بالمقابل توجد ثقافة تقليدية غير شعبية ومعقدة تقتصر على قطاعات محددة من الناس وتختلف من مكان الى آخر.
واذا كان علم "الفولكلور" يلقي الضوء على ذلك القطاع المعين من الثقافة من زوايا تأريخية وجغرافية واجتماعية ونفسية" أفلا يقوم علم التاريخ وعلم الادب بالقاء الضوء على هذه "الثقافة" من تلك "الزوايا"؟ فأين الفرق في الوظيفة بين علم الفولكلور وعلم التأريخ وعلم الادب في هذا السياق؟ هذا إذا كنا موافقين على تحديد "القطاعات" و"الزوايا" التي مرّ ذكرها، ولكن ألا تقع اللغة في دائرة اهتمام علم الفولكلور؟ كيف يجوز لاساتذة وعلماء فولكلور ان يتغاضوا عن اول النظريات التي حاولت تفسير اول مظاهر الفولكلور في الدراسات الحديثة؟ فماذا عن مرض اللغة؟ تلك النظرية التي جاء بها ماكس مولر ودافع عنها واعتبرها النظرية التي تفسر نشأة الاساطير؟ كيف نعزل اللغة عن الاسطورة! ألم تكن اللغة هي المادة الاساسية التي استوجبت تأسيس اقدم المعاهد المتخصصة بالدراسات الفولكلورية؟ وماذا كانت الدراسات الاولى؟ ألم تكن دراسات لغوية مادتها الاغاني والحكايات والاساطير والملاحم والامثال وبقية الاشكال الفولكلورية القولية الاخرى؟
يتفق المتخصصون بالدراسات الفولكلورية في العالم الغربي الذي يقود حركات الدراسات الفولكلورية الحديثة ان مجموعة الحكايات الشعبية التي اصدرها الاخوان جرم في المانيا عام 1812 هي بداية انطلاق الدراسات الفولكلورية الحديثة رغم صدور مجموعة اغاني هدغر قبلها بخمسة اعوام. واشدد على عبارة العالم الغربي لأن هؤلاء المختصين يجهلون تماماً الانجازات التي حققها علماء العرب كالأصمعي والجاحظ في البصرة والكسائي وابي عمر الشيباني في الكوفة في مجال جمع لهجات اللغة العربية من البوادي العربية في العراق، تلك المحاولات التي سبقت الاخوين جرم وغيرهما بعشرة قرون.
واذا وجدنا العذر لبعض القراء وغير المتخصصين فكيف نجده للاساتذة والمنظّرين في هذا المجال؟ اين الفرق في عبارة "الاهتمام بالفولكلور استجابة طبيعية سوية لحاجة علمية" وبين "ان هذه الرسالة العلمية هي مبرر لوجود الفولكلور"؟ فهو استجابة لحاجة علمية والحاجة العلمية مبرر لوجوده. اي ان الفولكلور وجد لحاجة علمية. فاذا قبلنا بهذا المنطق جاز لنا ان نقول ان الطب وجد لحاجة علمية وليس لعلاج المرضى، وان اللغة وجدت لحاجة علم القواعد وليست لحاجة الناس للتفاهم، وهكذا. ومنذ بداية الوعي الفولكلوري الحديث في القرن الماضي، ومحاولات التعريف مستمرة حتى بلغت التعاريف التي اوردها قاموس ليج للميثولوجيا والفولكلور احد وعشرين تعريفاً مختلفاً من دون التوصل الى تعريف موحد. والسبب في ذلك هو ان جميع من حاولوا تعريف الفولكلور تناولوه من وجهة نظر اختصاصهم الدراسي. ولهذا جاءت محاولاتهم غير شاملة وبالتالي غير كاملة ولا يمكن اعتمادها لتعريف الفولكلور بشكل صحيح. وهنا نعود الى الدائرة نفسها. فهؤلاء الذين تصدوا الى تعريف الفولكلور لم يكونوا قد بلغوا النضج العلمي للوصول الى جوهر الموضوع. اما الآن فإن الدراسات المستفيضة والنقاشات التي دارت لسنوات، وما زالت، ركزت أسس هذا العلم الذي لم يستطع المنظرون العرب ان يقولوا لنا ما هي مادته.
* باحث عراقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.