فيينا، لندن، باريس - "الحياة"، أ ف ب، أ ب - أصيب خمسون شخصاً في صدامات بين الشرطة النمسوية ومتظاهرين يساريين كانوا يحتجون على مشاركة حزب "الحرية" اليميني المتطرف بزعامة يورغ هايدر في الحكومة. وهاجم المفوض النمسوي لدى الاتحاد الاوروبي فرانز فيشلر هايدر واتهمه بأنه لا يعرف آلية عمل المؤسسات الاوروبية، ولا "أمل في اصلاحه". وذكرت وسائل اعلام محلية امس السبت ان اكثر من 50 شخصا اصيبوا الليلة قبل الماضية في اضطرابات وقعت وسط فيينا، اثر مشاركة حزب "الحرية" اليميني المتطرف في الحكومة الجديدة. واكدت الاذاعة النمسوية عن الشرطة القول ان 43 عنصراً من الشرطة و13 متظاهراً أصيبوا في الاشتباكات في منطقة قرب كاتدرائية سانت ستيفين المعروفة وسط فيينا. وألقي القبض على سبعة اشخاص. واستخدمت الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين المقنعين. ودعا هايدر المعروف في الخارج بتعليقاته التي تقلل من شأن فظائع النازية المعارضين من الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب الخضر الى "كبح جماح مؤيديهم الذين خرجوا عن السيطرة". وقال هايدر لوكالة الانباء النمسوية "نعم لحرية الرأي والحق في التظاهر… لا للعنف" وذكرت اذاعة محلية ان مجموعة "اس.او.اس ميتمينش" النمسوية لحقوق الانسان ألغت تظاهرة كانت مقررة امس بسبب اعمال العنف الليلة قبل الماضية. ونزل متظاهرون يساريون الى الشوارع الجمعة في حين كانت حكومة يمين الوسط للمستشار المحافظ فولفغانغ شوسيل تؤدي اليمين الدستورية امام الرئيس توماس كليستيل في قصر هوفبرغ الامبراطوري الذي تحول الى حصن. ونقلت وكالة الانباء النمسوية عن الشرطة القول ان عدداً من الشبان الأجانب كانوا بين صفوف المتظاهرين الليلة قبل الماضية. وفي باريس اعتبر وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين ان العقوبات التي قرر الاوروبيون فرضها على النمسا أثمرت اذ وقّع زعيما الائتلاف بين المحافظين واليمين المتطرف نصاً حول حقوق الانسان. واعلن فيدرين لاذاعة "اوروبا 1" الخاصة ان "هذه التحذيرات اتاحت للرئيس النمسوي توماس كليستيل ان يطلب من زعيمي الحزبين اللذين يشكلان الائتلاف الحكومي الجديد التوقيع كشرط مسبق على وثيقة شديدة الوضوح". واضاف "هذا ليس كافياً، لكن يجب ان نسجل انها خطوة ايجابية، وان اوروبا حققت نصراً". الرئيس النمسوي طلب في الثالث من الشهر الجاري من شوسيل وهايدر التوقيع على وثيقة تعترف بتحمّل النمسا مسؤولية عن فظاعات النازية والتعهد باحترام الديموقراطية وحقوق الانسان. وقال فيدرين انه من الضروري تطبيق العقوبات التي قررت الدول الاربع عشرة فرضها. واضاف انه في المرحلة الراهنة يجب "ان لا نذهب الى أبعد من ذلك" ولا التفكير في تخفيف العقوبات. ورد هايدر اول من امس على الانتقادات الاوروبية والاجراءات العملية لعزل بلاده بأن هدد الاتحاد بتعطيل اي قرار يحتاج الى اجماع لاتخاذه. وقال هايدر في حديث الى التلفزيون الالماني انه سيضطر الى الايعاز لوزراء حزبه في الحكومة بمعارضة اي اتفاق اوروبي يحتاج الى اجماع دول الاتحاد الخمس عشرة، اذا استمرت الاجراءات العقابية ضد فيينا. لكن مندوب النمسا لدى المفوضية الاوروبية فرانز فيشلر اتهم هايدر بالجهل بطريقة عمل مؤسسات الاتحاد الاوروبي، وقال ان الزعيم اليميني المتطرف "لا يمكن اصلاحه". ويرى مراقبون ان الاتئلاف الحاكم في النمسا الآن سيواجه مصاعب كثيرة خصوصاً ان المستشار الجديد شوسيل كان يسعى منذ توليه وزارة الخارجية في الحكومة السابقة الى دخول فيينا في الحلف الاطلسي. وهو يعرف تماماً ان وجود حزب هايدر في الحكومة معه يعرقل ذلك، اذ ان الاطلسي يشترط على اعضائه ان "يكونوا ديموقراطيين ويؤمنون بحقوق الانسان" كما عبّر عن ذلك وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين امس، خلال وجوده في ميونيخ في مؤتمر دفاعي. وتابع "لابد وان ادافع عن نفسي في مواجهة مقارنات غير مقبولة. لن يظهر هتلر جديد". واشار الى ان هايدر الذي لن يشارك في الحكومة اعتذر عن التصريحات التي ادلى بها سابقاً. وتتضمن عقوبات الاتحاد الاوروبي بنداً لن تشجع بموجبه حكومات الدول الاعضاء او تقبل اي اتصالات رسمية ثنائية على المستوى السياسي مع حكومة نمسوية تضم حزب الحرية. وقال شوسيل ان "هذا لا يتمشي مع روح الاتحاد الاوروبي. النمسا لن تثير ازمة في اوروبا. هل يتعين على 360 مليون شخص في 14 دولة كبيرة وقوية ان يخشوا النمسا الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها ثمانية ملايين نسمة . انه لأمر مضحك". واعلن شوسيل ان بلاده ليست منبوذه وان ضم حزب "الحرية" الى حكومته لن يؤدي الى ظهور هتلر جديد.