«فار مكسور»    نفاذ تذاكر "كلاسيكو" الاتحاد والنصر    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    بسبب المخدرات .. نجوم خلف قضبان السجن!    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقع عددًا من مذكرات التفاهم    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «مبادرات التحول الاقتصادي».. تثري سوق العمل    في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    نائب وزير الموارد البشرية يزور فرع الوزارة والغرفة التجارية بالمدينه المنورة    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    الاستدامة المالية    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    بالله نحسدك على ايش؟!    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    عريس الجخّ    كابوس نيشيمورا !    لولو تعزز حضورها في السعودية وتفتتح هايبرماركت جديداً في الفاخرية بالدمام    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الرئاسة بمنطقة جازان    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستكون اسرائيل بعد انتهاء الصراع عضواً عادياً في المنطقة من دون حقوق أكثر مما لغيرها
نشر في الحياة يوم 04 - 02 - 2000

في مقابلة خاصة مع "الحياة" طرح وزير الخارجية المصري عمرو موسى الخطوط العريضة لرؤياه ل"الشرق الأوسط الجديد" الذي يأمل انه سيبرز بعد تسوية الصراع العربي - الاسرائيلي.
توجه تصريحات المسؤول المصري الرفيع تحديا ليس فقط الى أفكار وسياسات رئيس وزراء اسرائيل السابق شمعون بيريز، مبتكر تعبير "الشرق الأوسط الجديد"، بل ايضا الى رئيس وزراء اسرائيل الحالي ايهود باراك.
ولمح الوزير المصري الى ان من غير الواضح بعد، حسب ما يرى، اذا كان باراك رجل دولة له منظور بعيد المدى الى السلام، أم مجرد سياسي "يهمه التحالف الحاكم في اسرائيل بقيادته وكلام الصحف".
يعرف ان تصور بيريز للشرق الأوسط الجديد شمل مشاريع عربية - اسرائيلية مشتركة، وحرية تنقل البضائع واليد العاملة ورأس المال، والتواصل بين بنى تحتية مثل شبكات الكهرباء. لكن مقترحات بيريز فشلت لأن الكثيرين من العرب اعتبروها وسيلة لقتل الروح القومية العربية وتوطيد هيمنة اسرائيل الاقليمية.
وشهدت دافوس جدلا حادا بين موسى وبيريز، عندما انتقد الوزير المصري بشدة قول رئيس الوزراء السابق ان اسرائيل لا تريد أن تكون جزيرة من الرفاه في بحر من البؤس أو جزيرة من النظافة في خضم من التلوث. ووصف موسى تعليق بيريز بأنه "بالغ السلبية"، فيما اعتبر عدد من القادة السياسيين ورجال الاعمال العرب تعليق بيريز مهينا لهم.
الى ذلك، انتقد المسؤول المصري سياسة باراك في "الفصل" ما بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك فكرته في التوصل الى سلام مع العرب يقوم على الترتيبات الأمنية.
واقترح موسى في مقابلته مع "الحياة" بدلا من ذلك:
* اقامة نظام اقليمي جديد تصبح اسرائيل فيه دولة مثل الدول الأخرى في المنطقة.
* نزع السلاح، خصوصا تخلي اسرائيل عن ترسانتها النووية لكي تتمتع كل دول المنطقة بالأمن.
* اعادة العراق الى المنظومة العربية بعد تنفيذ كل قرارات مجلس الأمن.
* كما أكد دور مصر القيادي في عملية السلام دعما للفلسطينيين والسوريين، وحدد المصالح الحيوية لمصر في عصر العولمة الجديد.
* وكشف وزير الخارجية موسى ان "لقاءه الطويل" في دافوس مع وزير خارجية ايران كمال خرازي يشير الى ان البلدين دخلا مرحلة الحوار وقد يعيدان علاقاتهما الديبلوماسية قريبا.
في ما يلي نص المقابلة مع عمرو موسى:
يهمني أن أسمع رأيك في الدور الاقليمي لمصر ودورها في عملية السلام، وأيضا عن رؤياك للمستقبل، وعلاقاتكم مع اسرائيل وايران. أود ان اسمع تصوراتك عن كيف سيتطور النظام الاقليمي في الشرق الأوسط.
- أعتقد بأننا نقترب من المرحلة النهائية في عملية السلام. الأرجح ان تسوية كل الأمور مع سورية ولبنان وفلسطين ستستغرق من سنة الى سنتين. لكن حتى لو طالت المدة أكثر فنحن نقترب من النهاية. لقد عبرنا بالفعل الكثير من الجسور، واذا لم تكن المرحلة النهائية سنة أو سنتين فقد تصل الى خمس سنوات. لكن هذا هو الحد الأعلى.
هل تقصد المسار الفلسطيني؟
- أقصد العملية برمتها، لأن المسار الفلسطيني هو الرئيسي. اذا بقيت القضية الفلسطينية من دون حل، لن يمكن القول بأن السلام شامل وان للمنطقة ان تتمتع بالسلام والاستقرار أو ان بالامكان اقفال ملف الصراع العربي - الاسرائيلي.
هدفنا اقفال ملف العداء والمواجهة بين العرب والاسرائيليين حسب مبادئ اتفقنا عليها: الأرض مقابل السلام، الانسحابات الاسرائيلية، الدولة الفلسطينية - المقصود دولة ذات مقومات - لكي يتسنى للجميع الارتياح والاطمئنان والنظر الى المستقبل بمنظور آخر.
عند وصول العملية الى هذا الحد والتوقيع على الاتفاقات سيتغير وضع الشرق الأوسط. سنكون امام لعبة جديدة.
لقد عاشت منطقتنا خلال نصف القرن الأخير أو أكثر تحت ظل الصراع العربي - الاسرائيلي. ماذا عن نصف القرن المقبل؟ لقد تغيرت قواعد اللعبة.
ما هي القواعد الجديدة؟
- ستكون اسرائيل دولة مثل غيرها في المنطقة. اذ لا يمكنها، كما قال شمعون بيريز هنا في دافوس، أن تبقى جزيرة من الرفاه وسط بحر من البؤس، أو جزيرة من النظافة في خضم من التلوث. هذا خطأ تام! اعتبار اسرائيل جزيرة فكرة خاطئة وخطيرة.
اذا كان لقول بيريز معنى فهو أن الكثيرين من السياسيين الاسرائيليين يستمرون على الافكار الخاطئة والمنظور الخاطئ والعقلية القديمة. انهم يريدون السيطرة على العرب أو ان مقصدهم هو "نحن الاسرائيليين مختلفون".
وكما قلت لشمعون بيريز ان هذه الفكرة يجب ان تزول. انها خطيرة جدا. عقدت اجتماعا طويلا معه عن القضية ولم اغيّر موقفي أبدا. قلت له: "اذا اعتبرت اسرائيل جزيرة، فهناك خطأ ما. ورغم قولك انك لا تريد ان تكون اسرائيل جزيرة فان افتراضكم الأساسي هو انكم جزيرة". انه موقف بالغ السلبية! وأستعمل تعبير "السلبية" بدل استعمال أي تعبير آخر.
اذا استمروا على هذا التفكير، اذا كان هذا موقفهم ونفسيتهم، فانه أمر سيء. اذا اعتقدوا بأن لهم نظامهم الخاص، فهذا يعني اننا عدنا الى نقطة البداية!
ربما يقصدون انهم يريدون السيطرة على النظام الاقليمي وليس ان يكونوا لاعبا مثل غيرهم من اللاعبين.
- لا يمكنهم! العرب لن ينقادوا لهم! لن يقبلوا ذلك. لهذا اقول ان عليهم ان يكونوا عضوا عاديا.
لأطرح الخطوط العامة للقواعد والأطر في الشرق الأوسط الجديد.
أولا: ستكون اسرائيل دولة ذات علاقات عادية مع جيرانها، مثلها مثل أي من الدول الأخرى في المنطقة، من دون حقوق اكثر مما لغيرها.
ثانيا: يجب التعامل مع قضية نزع السلاح والسيطرة على التسلح. لا يمكن للشرق الأوسط الجديد أن يقبل اسرائيل قوة نووية وحيدة في المنطقة. لأن وجود دولة نووية واحدة يعني سباق التسلح. هذا ما نراه أمامنا، ولا يمكننا التعايش معه.
لا يمكن لدول الشرق الأوسط أن تسمح، بل عليها ان لا تسمح، بوجود دولة كبرى في الاقليم، دولة كبرى بمعنى ان لديها السلاح والقوة والمال وكل شيء.
ثالثا: يجب اعادة العراق الى المنطقة، شرط تنفيذ كل قرارات الأمم المتحدة. علينا معالجة قضية العراق.
العراق جزء من العالم العربي والشرق الأوسط، وجزء من أي مستقبل يواجهنا. لذا نأمل انهاء الوضع الحالي عند التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن، واندماج العراق الكامل في المنطقة.
هل ترى امكان اعادة تأهيل العراق بوجود صدام حسين في السلطة؟
- لم لا؟ هناك الكثير من المرارة في الشرق الأوسط، خصوصا في الخليج، بسبب ما حصل. لهذا نقول بضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن. لكن هذا يكفي، ولا يمكن معاقبة شعب العراق الى الأبد. لا نقبل بقاء العقوبات الى الأبد.
لا يمكنك القول ان الوضع اليوم، في العام 2000، مشابه لما كان في 1991 أو 1992 أو 1993. فقد تم انجاز الكثير من العمل، الكثير من التفتيش، والكثير من المراقبة. وحتى مجلس الأمن تحرك من تشديد وتعميق العقوبات الى تعليقها. هذا بذاته مقياس لمدى تغير الوضع.
رابعا: علينا عند تناول القواعد الجديدة للعبة تطوير نمط جديد من العلاقات مع دول اخرى في الشرق الأوسط. ولم يتحدث أحد منا مع دولة اخرى - مع الايرانيين أو الاسرائيليين أو الأتراك، أو حتى بين العرب - عن ما سنعمل في المستقبل، عن نوع النظام الذي سيكون لدينا.
جوهر ما نريد نقاشه هو البحث عن اطر جديدة وقواعد جديدة للعبة.
كيف تتصور حدود الشرق الأوسط الجديد؟
- التطورات الموازية لتلك التي في الشرق الأوسط نفسه هي التي نرى حول المتوسط - ما يسمى عملية برشلونة. هذه العملية بدورها تتكلم عن الأمن والاقتصاد والنظام الثقافي. اذن فالسؤال هو كيف يمكن التوفيق بين الشرق الأوسط ومنطقة المتوسط؟
هل نتكلم عن الشرق الأوسط بالمعنى التقليدي؟ أم بالمعنى الأوسع، الذي يضم ايران وتركيا. هل نتكلم عن الشرق الأوسط كواحد من المكونات الرئيسية لمنطقة التجارة الحرة الأوسع، أم عن وحدة اقليمية أوسع حول المتوسط تضم شمال أفريقيا وشرق المتوسط والدول المتوسطية الأوروبية؟
كل هذه أسئلة لا ادعي انني أملك الجواب عليها، لكنها على الأقل من بين النقاط التي تستوجب التفكير.
علينا ان نفكر بمستقبل الشرق الأوسط ومستقبل النظام الاقليمي الذي نريد ابتناءه. كيف سنقوم بمهمة التنمية لكي نجعل منطقتنا منطقة رفاه؟ لدينا الموارد والقوة العاملة والطبقات المثقفة وقد ارتبطنا فعلا بالعالم. والعديد من اقتصاداتنا قيد الاصلاح اقتصاديا ومؤسساتيا وثقافيا. اذن ما هي طبيعة التنمية الاقتصادية التي علينا الاستعداد لها؟ هل نتطلع الى منطقة للتجارة الحرة، الى نوع من التكامل الاقتصادي؟ هذه هي الاسئلة الرئيسية.
ماذا سيكون موقع العرب في النظام الاقليمي الجديد؟
- لا يمكننا ان ننسى هويتنا. انها القضية الجوهرية في كل ما يحصل. على العالم العربي ان يستمر في كونه العالم العربي، وعلينا رص الصفوف اذا كان لنا التعاون والتعايش مع اسرائيل ودول اخرى في المنطقة مثل ايران وتركيا.
الأهم من كل ذلك علينا تناول قضية الأمن الاقليمي. أمن المنطقة يعني نزع السلاح. انه يعني أمن كل واحدة من الدول، اذ ان كلها بحاجة الى الشعور بالأمن وليس اسرائيل وحدها.
هناك خطأ كبير في تركيز المسألة الأمنية على اسرائيل. ليس هناك شيء اسمه "أمن اسرائيل" يفوق أهمية العناصر الأخرى لمسألة الأمن. كلا! على أمن اسرائيل ان يكون جزءا من وضع آمن أشمل يدخل فيه أمن سورية ولبنان ومصر والأردن وكل الدول العربية الأخرى. الأمن لا يقبل التجزئة!
اذن، ما العمل؟ علينا ان نجلس ونحاول تكوين رؤيا للمستقبل ونناقش. لكن هذا يتطلب التوصل الى السلام أولا، كشرط مسبق، أو على الأقل التأكد من ان كل المسارات تنشط وانها ثابتة في توجهها نحو الاتفاق النهائي.
جدولك الزمني للسلام متشائم أكثر مما لدى الغالبية. فانت تتحدث عن سنة أو سنتين او خمس سنوات، فيما يرى البعض ا ن شيئا سيحصل خلال هذه السنة.
- قلت في البداية ان المدة سنة أو سنتان. لكن اذا كنا متشائمين جدا نقول خمس سنوات. في أية حال لا يمكننا ارساء فلسفتنا وتفكيرنا على المنظور القائل بأن الصراع العربي - الاسرائيلي سيدوم الى الأبد، او انه سيستمر زمنا طويلا. انه سينتهي.
علينا كلنا ان نقوم بكل ما أمكن لانهائه واغلاق الملف الى الأبد.
زرت دمشق اخيراً. هل يمكن ان تعطي تلميحاً بشأن سبب توقف المحادثات؟
- يؤكد السوريون، وهم محقون، انه اذا كان مطلوباً منهم التوصل الى سلام واقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل فانهم يجب ان يستعيدوا كل اراضيهم. ليس هناك اطلاقاً ما يدعو اي بلد لتأييد الفكرة الاسرائيلية التي تقول انهم يحتاجون الى بضعة امتار اضافية، او بضعة كيلومترات اضافية، لاغراض امنية. نحن نعيش في عصر يمكن فيه ضمان الامن بوسائل علمية وتكنولوجية كثيرة.
ينبغي تغيير الجانب المتعلق بالاراضي في سياسة اسرائيل الامنية. يجب ان يوضع حد للفكرة الاسرائيلية القائمة على تحقيق الامن عبر الاستحواذ على الارض!
يبدو ان باراك قبل بخط 4 حزيران يونيو 1967.
- سورية تقول دعونا نبدأ بتعيين الحدود. هذا التعيين للحدود ضروري! لا نفهم لماذا لا يتم، ولا يتم الآن. عليك ان تعيّن الخط وانت تناقش القضايا الاخرى المتعلقة بالامن والتطبيع والجدول الزمني للتنفيذ والمياه، وهلم جراً.
والاسرائيليون لا يريدون القيام بذلك؟
- السوريون غير متأكدين. ليسوا متأكدين من أن الاسرائيليين مستعدون للتحرك او مستعدون للتقدم بشكل موازٍ. لذا يقول السوريون لا يمكن ان نمضي قدماً حتى نتأكد من انه سيتم تعيين الحدود، او على الاقل حتى تبدأ اللجنة المكلفة هذه القضية العمل وتتجه بثبات الى ترسيم الحدود.
لا يريد السوريون ان يعطوا اسرائيل اي مزايا استراتيجية اضافية.
- لماذا ينبغي ان يفعلوا ذلك؟ هناك "الارض مقابل السلام". هذا هو لب المسألة. حان الوقت للتحلي برؤيا، ولأن يبدأ العمل اشخاص يتمتعون برؤيا، يشرعون بالتفكير، ويشرعون بتبادل حر للافكار، كي يتصوروا ما ينبغي ان يكون عليه الوضع خلال عشر سنوات، خلال عشرين سنة.
يتعيّن على جيلنا ان يخطط لهذا الامر. علينا ان نتوصل الى اتفاق بشأن الطريقة التي نصوغ بها شرق اوسط افضل واكثر اماناً، وشرق اوسط اكثر توازناً. يتعيّن على هذا الجيل ان يسلّم هذه المنطقة على نحو اكثر اماناً الى الجيل المقبل. هذا هو ما ينبغي ان يدفعنا الى ان نشرع بالعمل الآن. يمكن ان نبدأ من الآن، شريطة ان نتأكد من ان اسرائيل مستعدة لأن تدخل في هذا النوع من السلام.
يبدو ان لديك بعض الشكوك حول التزام باراك السلام؟
- لدى الكثير منا بعض الشكوك. لأن ما نحتاج اليه هو براعة الحكم على كل الجهات. ان رجل الدولة يختلف عن السياسي. فالسياسي يبدي مخاوف بشأن ائتلافه، وبشأن حكومته، وبشأن ما يقوله حزبه، وبشأن ما تقوله الصحف، وبشأن استطلاعات الرأي. لكن رجل الدولة يرى المستقبل، ويملك رؤيا للمستقبل. وهذا هو ما نحتاجه.
هل تعتقد بأن القضية ما زالت غير محسومة بقدر ما يتعلق الامر بباراك؟
- القضية ما تزال غير محسومة حتى نرى تقدماً مؤكداً وثابتاً في اتجاه تسوية.
باراك يريد السلام، لكنه بالطبع يريد السلام وفقاً لشروطه.
- لا يمكنه ان يحصل على السلام وفقاً لشروطه، كما لا يمكن للعرب ان يحصلوا على السلام وفقاً لشروطهم. نحتاج الى سلام متوازن. الاسرائيليون لديهم شروط معينة، والعرب لديهم شروط معينة. دعونا نجلس ونرى كيف يمكن التوفيق بينها.
لكن اعجز عن فهم لماذا يريد باراك، في الوقت الذي يتحدث فيه عن السلام وعن علاقات طبيعية وعن التجارة وعن الاستثمار، مزيداً من الصواريخ وغيرها من الاسلحة. ضد من تحتاج اسرائيل الى هذه الاسلحة؟
كيف ترى دور مصر في عملية السلام؟
- نحن بدأنا عملية السلام ونشعر اننا مسؤولون عنها. نريد ان نرى العملية تبلغ نهايتها المحتمة والطبيعية والمرغوبة. لا يمكن ان نخذل الفلسطينيين. الفلسطينيون هم الطرف الاضعف في المعادلة. اذا لم تستطع مصر ان تؤازرهم وتدعمهم، من سيفعل ذلك؟
هذه اذاً هي سياستنا: علينا ان ندعم الفلسطينيين، خصوصاً في ضوء القرارين 242 و 338، وفي ضوء القرارات المتعلقة باللاجئين، وفي ضوء عدم شرعية المستوطنات، وفي ضوء رغبتهم بالدخول في سلام مع اسرائيل، وفي ضوء حقهم في ان تكون لهم دولتهم الخاصة بهم وان يصبحوا عضواً كاملاً في المجتمع الشرق اوسطي الجديد.
لا نرى سبباً يدعو الى التلاعب بحقوقهم او التصرف كما لو ان الفلسطينيين مجرد حفنة ارهابيين، وهو شيء خاطئ تماماً. انهم شعب لديه تاريخ، ولديه طموحات مثل كل الآخرين، وقد عانوا ودفعوا ثمناً باهظاً جداً.
هل تعتقد بأن لمصر ايضاً دوراً على المسار السوري؟
- تماماً! نحن نؤيد حقوق السوريين بقدر ما نؤيد حقوق الفلسطينيين. ونحن مهتمون تماماً.
عندما جاء باراك لمقابلة الرئىس مبارك، تحدث عن المسارين الفلسطيني والسوري على السواء، بالاضافة الى المسار اللبناني. علينا ان نتحدث عن كل هذه المسارات. هذه هي المعادلة. اذا تعاملنا مع السوريين من دون الفلسطينيين، او اللبنانيين، فانها ستكون مجرد صفقة اخرى. او اذا تعاملنا مع الفلسطينيين من دون السوريين فإنها مجرد صفقة اخرى. نحتاج الى التفاوض بشأن اتفاق على المسارات الثلاثة كلها. عندئذ فقط سيكون لدينا اتفاق شامل.
كيف يمكن ان تعرّف المصالح الحيوية لمصر؟ - مصلحتنا الحيوية هي ان نضع حداً للحروب ولكل الاوضاع التي يمكن ان تؤدي الى حرب. قال الرئىس السادات ذات مرة: ينبغي لحرب 1973 ان تكون الحرب الاخيرة. وينبغي ان يكون هذا هو هدفنا اليوم.
وباعتباره الرئىس الرابع لجمهورية مصر - بعد نجيب وعبدالناصر والسادات - ركز الرئيس مبارك على إعادة بناء مصر. انه لا يعيد بناء بلد كي يدمره! انه يبنيه ليكون محور اي نظام اقليمي في المستقبل. الشىء الاساسي هو إعادة بناء البنى التحتية لمصر، وقد انجز ذلك. وإعادة بناء الاقتصاد، وهو يقوم بذلك. لذا، يتمثل دور مصر في ان تكون المركز لنمط مختلف وايجابي وجديد للحياة والتجارة والاستثمار وللتفاعل ثقافياً واقتصادياً وسياسياً وعلى صعيد الامن.
يجب ان نعيش في أمان. ورغبتنا في الامن لا تقل عن رغبة الاسرائيليين. كما يحق للسوريين ان يعيشوا في أمان مثل الاسرائيليين، وكذلك الحال بالنسبة الى اللبنانيين والفلسطينيين ايضاً.
اذاً فانت تصف المصالح الحيوية لمصر بانها السلام والقيام بدور مركزي؟
- والحفاظ على الهوية العربية بطريقة من شأنها المساهمة في اقامة نظام مستقر في المنطقة. نحن، العرب، نؤلف غالبية الشرق الاوسط الجديد كما كنا نحن المصريين غالبية الشرق الاوسط القديم. هذه الغالبية لديها حقوق، لكن ليس الحق في اضطهاد اي اقلية اخرى او اي بلد صغير آخر، بل العيش بسلام وتعاون معهم. لكن ينبغي للتعاون الاّ يكون على حساب الهوية العربية، او على حساب منظمات عربية مثل الجامعة العربية.
للجامعة العربية مكان، وينبغي ان يكون لها مكان. انها مؤسسة الاسرة العربية. لذا ينبغي الاّ تكون الجامعة العربية ضحية اي تفكير بشأن نظام جديد. يجب ان تكون موجودة، لانها هذا هو "البيت" العربي.
أهدافنا هي ان يوضع حد للحروب والمواجهة، وتحقيق حل عادل للنزاع العربي - الاسرائيلي، وتسوية القضية العراقية، والتوصل الى حل عادل لوضع السودان، وكل المشاكل العربية الاخرى.
كان لمصر، تقليدياً، مصلحتان حيويتان: احداهما امن النيل، والاخرى ان مصر ارادت دائماً الحؤول دون ان تظهر في شرقي منطقة البحر الابيض المتوسط قوة قادرة على ان تتحداها.
- انها ليست مسألة وجود قوة اخرى يمكن ان تتحدى مصر. هنا اود ان اشير الى فكرة العولمة. نحن الآن في عصر العولمة. نريد ان نتنافس، لكن في الاقتصاد، في الثقافة، في المجالات العلمية والتكنولوجية. اذا عدنا الى سياسات الاربعينات والخمسينات، بانشاء دول لتحدي دول اخرى، سنعود عندذاك الى ذات اللعبة القديمة. لا يمكن ان نتحدث عن التقدم. ولا يمكن ان نتحدث عن التنمية. ولا يمكن ان نتحدث عن العولمة.
هل تعتقد انه يمكن فعلاً الافلات من نظام المنافسات الاقليمية القديم؟
- انه سؤال لم يُحسم بعد. لكن سنفعل كل ما بوسعنا كي نفعل ذلك.
أليست هناك اشياء سرمدية لا تتغير في بنية المنطقة؟
- سأخبرك شيئاً. نحن على مستوى من النضج يكفي للتعامل مع اي تحدٍ. ونعي تماماً ان المنافسات بين البلدان العربية كانت عاملاً اضعفنا جميعاً. المجتمعات العربية اليوم هي احسن تعلماً وتدرك هذه الألاعيب على نحو افضل من تلك المجتمعات في الاربعينات. علينا ان نتغير. اذا كنا نتحدث عن عصر معلوماتي جديد، وعصر آلي جديد، وعصر تكنولوجي متطور جديد، كيف يمكن ان نتحدث عن الهلال الخصيب؟
نحن ندخل عصراً جديداً. يجب ان نتبنى موقفاً ايجابياً منه ونسعى الى ضمان ان يفتح هذا العصر منافذ للجميع في ظل ظروف من العدل والانصاف والعلاقات السلمية. لكن لا يمكن ان تتمتع بعلاقات سلمية وباحساس من العدالة والانصاف ما لم يكن الفلسطينيون مرتاحين وفي امان.
اذا كنت تتحدث عن مصر، فنحن شعب قديم. ونحن اقوياء بما يكفي لنشعر بالثقة. نحن مجتمع على مستوى عالٍ من النضج. لا نعاني اي عقد، سواء عقد نقص او استعلاء. اننا نمقت فكرة الاستعلاء.
انا احد الذين يؤمنون بأن مصر هي جزء فحسب من النظام. نحن بلد عظيم، واحد من اكبر بلدان المنطقة، ولدينا حضارة ترجع الى آلاف السنين. نحن موجودون هناك منذ وقت طويل جداً. نحن من اقدم المجتمعات، إن لم نكن اقدمها. لدينا اذاً مسؤولية خاصة. هذه المسؤولية لن تتغير.
كنا قبل النزاع العربي - الاسرائيلي اكبر بلد عربي ولعبت مصر دوراً مهماً. وخلال النزاع العربي - الاسرائيلي واصلنا القيام بهذا الدور. اود ان اؤكد اننا سنستمر في تأدية هذا الدور.
مصر دشنت عملية إزالة الاستعمار في الشرق الاوسط. ودشنت عملية بناء الدولة في الشرق الاوسط. وبدأت عملية التنمية في الشرق الاوسط. وبدأت عملية الديموقراطية في الشرق الاوسط. كل هذه الاسهامات المقدمة للحضارة ولتقدم المجتمعات بدأت في مصر. نريد ان نواصل القيام بدورنا.
في الوقت الحاضر، مع الاستقلال التام لمصر، ونشوء اقتصاد مصر، ومبادرتنا للسلام، ومع فئة المتعلمين الجديدة في مصر، نحن مستعدون لا للمساهمة فحسب بل للمساعدة فعلاً على اعادة بناء هذه المنطقة. هذه هي رؤيانا. لكن ليس بالضرورة ان نساهم كقائد كبير بل كشريك، شريك كبير، وشريك مهم.
شقيقة كبرى؟ شقيق كبير؟
- كما تشاء!
كيف تتطور علاقاتكم مع ايران؟
- لا يمكن ان ننفي ان ايران ارتبطت بعلاقات تاريخية مع المنطقة العربية ومع مصر. ليس هناك اي سبب لنكون اعداء. ليس من الحكمة بالنسبة اليهم ان يكونوا اعداءنا او لأن نكون اعداءهم. علينا، نحن العرب والايرانيين، ان نتوصل الى تفاهم.
هناك عقبات معينة: الجزر في الخليج وبعض السياسات الايرانية القديمة. يريد الجانب العربي ان يتأكد من أن هذا شيء يعود الى الماضي واننا يمكن ان نسوّي هذه المشاكل، وان يكون لدينا مستقبل مختلف معاً.
مصر تتحدث الآن مع ايران. جرى اللقاء الاول هنا في دافوس بيني وبين وزير الخارجية خرازي. ومواقفنا تتطابق ازاء قضايا كثيرة.
ماذا بشأن العلاقات الديبلوماسية؟
- لدينا قسم لرعاية لمصالح في عاصمة احدنا الآخر، لكن لا توجد بعثات ديبلوماسية.
هل تتوقعون إعادة العلاقات الديبلوماسية؟
- نتوقع هذا بالفعل. ليس هناك ما ينبغي ان يحول دون ان نتحرك قدماً في المستقبل، شريطة - لااريد ان اقول شريطة -، لكن هناك مشاكل كثيرة من ضمنها بعض الاشياء الصغيرة مثل شارع في طهران اُطلق عليه اسم الرجل الذي اغتال الرئىس السادات.
لكن ايران اكبر من هذا بكثير. آمل ان نتمكن، ونحن نمضي قدماً، من التغلب على كل هذه العقبات.
هل تتفق مع الرأي القائل بأن سياسة "الاحتواء المزدوج" الاميركية ماتت، وانه لا يمكن إبقاء بلدان رئيسية مثل العراق وايران خارج النظام؟
- يتعين على مصر، كبلد رئيسي، ان تأخذ مبادرة بهذا الشأن. وهو ما يتعين ايضاً على ايران، كبلد رئيسي، ان تفعله.
هل تتوقع منهم ايماءة من نوع ما؟
- ان ايماءة منهم بشأن هذه القضية مطلوبة كثيراً، لكن لا اريد التلميح الى أن هذا شرط مسبق.
هل يتوقعون ايماءة منكم؟
- يجب ان تسأل السيد خرازي!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.