} بدا النمسويون مصممين على تجاهل الضغوط الخارجية الرامية الى عزل حزب الحرية اليميني بزعامة يورغ هايدر المتهم ب"النازية"، فيما اخذت حكومات دول مجاورة وفي مقدمها فنلنداوهنغاريا، تنأى بنفسها عن مواقف عواصم اوروبية مصرة على خفض مستوى العلاقات الديبلوماسية مع فيينا. واستدعت اسرائيل سفيرها لدى النمسا للتشاور، تمهيداً لتنفيذ تهديدها بقطع العلاقات، فيما وافق الرئيس النمسوي توماس كليستيل على الاتفاق الذي توصل اليه "الحرية" مع حزب "الشعب" لتشكيل حكومة ائتلافية، شرط توقيع الحزبين تعهداً باحترام القيم الديموقراطية. ونظم الاشتراكيون في النمسا تظاهرة مناهضة لهايدر. فيينا، باريس، القدسالمحتلة - "الحياة"، رويترز، ا ف ب - قال زعيم حزب الحرية النمسوي يورغ هايدر امس الاربعاء ان حزبه سيتولى وزارات المال والشؤون الاجتماعية والدفاع والعدل، اضافة الى وزارة جديدة للبنية التحتية، في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب المحافظ. وجاء كلامه في مؤتمر صحافي قبل لقائه الرئيس توماس كليستيل في حضور زعيم حزب الشعب المحافظ وولفغانغ شويسيل الذي سيتولى منصب المستشار رئيس الوزراء في الحكومة العتيدة. وواجه الرئيس كليستيل موقفاً حرجاً، بين تلبية الاجماع الشعبي على اعطاء التفويض للحكومة الجديدة وبين الانصياع لتهديدات دول الاتحاد الاوروبي بعزل النمسا سياسياً. واضطر في النهاية للانصياع الى رغبة مواطنيه. واوضح كليستيل انه كان يفضل لو كان حزب الحرية تمهل بعض الوقت في المشاركة في الحكومة الى ان "يثبت انه حزب ديموقراطي عادي ويفوز بالقبول الدولي". واضاف ان "الحرية ليس حزباً نازياً. ولكن للاسف ما زال اعلى المسؤولين في هذا الحزب يستخدمون لغة تجعلهم غير مؤهلين لأي منصب سياسي". وبثت وكالة الانباء النمسوية ان حزب الشعب سيتولى اضافة الى المستشارية، خمس وزارات هي الشؤون الخارجية والداخلية والاقتصاد والزراعة والتعليم. وسيحصل كل حزب ايضاً على منصبي وزيري دولة بدرجة وزير. وفي وقت اكدت دول الاتحاد الاوروبي اصرارها على تنفيذ تهديداتها بخفض التمثيل الديبلوماسي مع النمسا، العضو في الاتحاد، ابدت هنغاريا تحفظاً عن مجاراة الموقف الاوروبي، آخذة بعين الاعتبار رغبة الشعب النمسوي الذي اوصل "الحرية" الى السلطة في انتخابات ديموقراطية. وقال وزير الخارجية الهنغاري يانوس مارتونيي ان بلاده تشارك الاتحاد الاوروبي قلقه ازاء وصول "الحرية" الى الحكم لكنها لن تتخذ اجراءات عقابية. وانتقدت هلسنكي الموقف الاوروبي الذي يشكل "سابقة خطرة". واكد وزير المال الفنلندي انه لا يؤيد هايدر لكنه يعارض التدخل في الشؤون الداخلية لدولة اوروبية. واعلن وزير الخارجية الاسرائيلي ديفيد ليفي امس، استدعاء السفير الاسرائيلي في فيينا "للتشاور". وقال للاذاعة الاسرائيلية: "لا مجال لوجود سفير لاسرائيل في بلد ترمز فيه الحكومة الى آراء تهز كل يهودي وغير يهودي، وتدعمها". واضاف: "علينا اتخاذ الاجراءات القصوى لأن جوهر دولة اسرائيل هو الا ننسى والا نسمح لغيرنا بالنسيان"، موضحاً انه "على اتصال مستمر في هذه القضية مع الدول الاوروبية التي اتخذت قراراً مهماً على الصعيد التعليمي ضد هذه الآفة التي عادت للظهور". واكد ان "اسرائيل يجب ان تقف على رأس هذا المعسكر". وفي باريس، اكد وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين امس، ان شركاء النمسا في الاتحاد الأوروبي "سيستخلصون النتائج" المترتبة على الاتفاق الذي تم التوصل اليه على مشاركة حزب يورغ هايدر في الحكومة. وقال فيدرين انه في ضوء هذا التطور الذي حصل في النمسا "سنضطر الى خفض العلاقات السياسية الى أدنى مستوى ممكن". واضاف ان الأمر يتعلق "بموقف سياسي" وأن دول أوروبا "لا تحتاج الى نصوص" لتقول انه "ليس في وسعها ان تقيم مع الحكومة المقبلة علاقات اعتيادية مماثلة لتلك القائمة مع أي حكومة أخرى". وتابع "سنعتمد سياسة أساسها الضغط، لكي يدرك النمسويون انهم اختاروا طريقاً خاطئاً، وسياسة تستند الى اليقظة المستمرة".