دخل الدعم العلني الخارجي، خصوصاً الأميركي للتيار الاصلاحي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، على خط التجاذبات الانتخابية، اذ شدد المحافظون هجومهم على هذا التدخل مستهدفين منافسيهم الاصلاحيين، فيما صعّد هؤلاء حملتهم على قرارات المجلس الدستوري الرافضة لعدد من المرشحين. واعتبر رئيس مجلس الشورى البرلمان علي أكبر ناطق نوري أن أعداء ايران يعملون بكل قدرتهم كي يفوز الاصلاحيون في الانتخابات، داعياً الى الحذر واليقظة للحفاظ على النظام الاسلامي والقيم الدينية والاستقلالية. وحمل على بعض الصحف الاصلاحية التي تعمل على ايجاد التوتر والقاء الشبهات في المجتمع، مضيفاً أن "الحرية الحقيقية هي التي تحافظ على قيم الثورة الاسلامية وليست الحرية الساعية الى ازالة هذه القيم". وكانت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت أعلنت متابعة واشنطن عن كثب الانتخابات البرلمانية في إيران، وهو ما اعتبرته طهران تدخلاً غير مقبول في شؤونها الداخلية. وحاول الاصلاحيون الابتعاد عن دعم أولبرايت لهم وصرح ل"الحياة" محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس خاتمي: "اننا بلد مستقل، وقد أعادت الثورة الاسلامية اتخاذ القرار الايراني داخلياً بكل استقلالية بعيداً عن التدخل الخارجي". وأضاف رضا خاتمي، وهو رئيس المكتب السياسي لحزب جبهة المشاركة "ان الشعب الايراني، عبر حضوره الفعال في الانتخابات، سيثبت قدرته على الدفع بمواقفه الى أمام وتأمين مصالحه". ووصف رضا خاتمي وضع الجبهة الاصلاحية بأنه "جيد جداً"، فيما واصل المحافظون حديثهم عن انشقاقات داخل تلك الجبهة. ونقلت مصادرهم ان التيار الاصلاحي يعاني من اختلافات ستؤدي الى تقديم خمس قوائم انتخابية بدل القائمة الموحدة، وسيكون من أبرزها قوائم حزب كوادر البناء القريب من الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني وحزب جبهة المشاركة القريب من الرئيس محمد خاتمي ورابطة علماء الدين التيار الديني الاصلاحي الذي ينتمي اليه خاتمي. وأوضح ل"الحياة" سعيد حجاريان عضو الشورى المركزية لحزب جبهة المشاركة ان الخلاف مستمر مع رابطة العلماء المناضلين بشأن عدد المرشحين من رجال الدين، اذ يصر الحزب على قبول ستة مرشحين فقط من رجال الدين، فيما تصر رابطة العلماء على عشرة مرشحين من أعضائها كلهم رجال دين. الى ذلك رويترز، عقد اعضاء جبهة المشاركة جلسة مغلقة أمس في طهران لصياغة برنامجهم قبل الانتخابات المقبلة. ووعدت مسودة أولية للبرنامج الناخبين بإنهاء عهد هيمنة المصالح الخاصة المرتبطة غالباً بنخبة من رجال الدين المحافظين على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وقال رضا خاتمي ان البرنامج صيغ انطلاقاً من ميراث مؤسس الدولة الإمام الراحل آية الله الخميني ورؤيته للدولة العصرية. في موازاة ذلك بلغ الخلاف بين حزبي الجبهة والكوادر حد اللاعودة بشأن دعم رفسنجاني أو عدم دعمه. وواصل رفسنجاني من جهته انتقاده لحال التطرف التي يجسدها بعض الأطراف الاصلاحية في اشارة تستهدف حزب جبهة المشاركة. واتهمها بالسعي الى الاستفادة السيئة من سجن عبدالله نوري وزير الداخلية السابق، مضيفاً انها كانت تحبذ الاستفادة من سجن غلام حسين كرباستشي رئيس البلدية السابق في طهران وقد أفرج عنه أخيراً بموجب عفو أصدره المرشد آية الله خامنئي. ورأى رفسنجاني ان تطرف تلك الأطراف أجبره على الترشح للانتخابات بعدما كان يحبذ التفرغ للأعمال النظرية والعلمية. وسط هذه التجاذبات واصلت وزارة الداخلية الخاضعة لسيطرة الاصلاحيين حملتها على المجلس الدستوري ذي الغالبية المحافظة بسبب رفضه صلاحيات عدد من المرشحين. وقال مصطفى تاج زاده رئيس اللجنة الانتخابية في الوزارة ان المجلس الدستوري خالف قرارات مجلس تشخيص مصلحة النظام بشأن النظر في صلاحية المرشحين، وسأل عن المستندات التي اعتمدها في تحديد ارتباط بعضهم بأحزاب غير قانونية وذلك في اشارة الى مرشحي القوى الليبرالية والقومية. وأضاف ان المجلس لم يستمع الى دفاع المرشحين الذين رفضتهم الهيئات الرقابية التابعة للمجلس. ونظم هؤلاء تجمعاً احتجاجياً أمام مقر المجلس. ولفت موقف للنائبة فائزة هاشمي رفسنجاني تدعو فيه الى الافساح في المجال أمام "حركة حرية ايران" الليبرالية برئاسة ابراهيم يزدي للحضور في البرلمان المقبل. وقالت ان الحركة لم تتورط في معاندة النظام ولا العمل المسلح ولم تذهب الى الخارج. وترى الأوساط المحافظة ان الحركة ومعها القوى القومية وجهت طعنة في ظهر النظام وبخاصة خلال الحرب العراقية - الايرانية، وتم رفض كل مرشحي هذه القوى.