أعادت رواية "وزير النفط والمال" في "حكومة الغزو" فؤاد حسن رجب، رسم أحداث الثاني من آب اغسطس 1990 والطريقة التي شكل بها العراقيون هذه الحكومة. فقال خلال المواجهة بينه وبين رئيس حكومته علاء حسين الخفاجي، امس، انه كان يقود ثلة من الجنود في مخفر أم سدير الحدودي مع العراق عندما اجتاحت القوات العراقية هذا المخفر وأسرته مع الجنود الساعة الثالثة فجراً، ثم نُقل مع ضباط آخرين الى مركز صفوان العراقي ثم في اليوم التالي الى قيادة عراقية قرب مدينة الزبير. وفي الزبير شاهد فؤاد الضباط الآخرين الأسرى الذين غدوا بعد ذلك اعضاء في الحكومة، وقال: "دخلت الى غرفة يتوسط الجالسين فيها الفريق حسين كامل وزير التصنيع الحربي العراقي الذي قال لي ان الكويت وقعت فيها ثورة وان حكومة حرة من الضباط ستتولى أمرها واقترح عليّ ان أكون رئيساً للاركان في هذه الكويت الجديدة، لكنني رفضت". وتابع انهم نقلوا الى البصرة ثم الى بغداد، ثم في التاسع من آب اغسطس اجتمع مسؤول عراقي كبير آخر هو طه ياسين رمضان بالمجموعة من الضباط "واخبرنا بأننا ثوار اسقطنا الحكم الكويتي وبأننا نطلب الوحدة الاندماجية مع العراق وقدموا الينا أوراقاً وقعنا عليها وأبلغونا بمناصبنا الوزارية وبأنني وزير النفط والمال وان علاء حسين هو رئيسنا". وأشار الى ان العراقيين رتبوا لكل عضو في الحكومة حديثاً تلفزيونياً وابلغوه ما ينبغي قوله بالضبط بعدما ألبسوا كلاً منهم ثياباً عسكرية عراقية، وانه بعد "الوحدة الاندماجية" وزعوا الضباط الأسرى الى مجموعتين في منزلين تابعين للقصر الجمهوري في حين كان علاء حسين يقطن منزلاً ثالثاً. ثم وجه فؤاد رجب اتهامات الى علاء حسين بأنه "بدأ يتصرف بشكل مختلف عن بقية زملائه، وأصبحنا نخاف ان نتحدث بشكل صريح أمامه، بل كنا لا نفتح المذياع لسماع الاذاعات المعادية للعراق خلال وجوده بيننا". وتابع ان المتهم علاء احضر بعد ذلك زوجته وأولاده من الكويت وسعى الى اقناع بقية الضباط بأن يفعلوا مثله. وقال ان الضباط الكويتيين ارغموا على حضور دروس في "معهد التأهيل الحزبي" وكان علاء الخفاجي "يشارك في المحاضرات والمناقشات باهتمام خلافاً لزملائه"، وانه "كان يطلب منا ان نقف له اذا دخل ونؤدي له التحية بصفته رئيساً للحكومة، وكانت حركته بين مقار اقامتنا في بغداد غير مقيدة خلافاً لأوضاعنا". واضاف ان علاء "كان يمثل امام المسؤولين العراقيين، مثل صدام حسين وطه ياسين رمضان وسعدون حمادي، قبل ان ندخل نحن، ولم يكن يبلغنا بما يدور بينه وبين العراقيين"، واشار الى مشادة وقعت بينه وبين علاء حسين بعدما رآه الأخير مطرقاً حزيناً فلامه، وقال له: "انسوا الكويت لأن الكويت راحت". وأشار فؤاد رجب الى نقلهم من القصر الجمهوري الى فندق الرشيد ببغداد بعد بدء الغارات الجوية للحلفاء على العراق "وهناك حصروا حركتنا بين الغرف في أحد الطوابق، أما علاء حسين فعلمت انه خرج من الفندق أكثر من مرة". اللقاء الأخير مع صدام ثم تطرق فؤاد الى المحادثة التي ركزت مداولات المحكمة أمس عليها، وهي حقيقة اجتماع الضباط الأسرى اعضاء الحكومة مع الرئيس العراقي بعد الحرب وطلبهم السماح لهم بالعودة الى الكويت، وهو ما وافق عليه صدام، غير ان علاء بقي في بغداد. وقال: "طلبنا الاجتماع بصدام ولم يكن علاء حسين يعلم اننا سنطلب العودة الى الكويت، وبعد اجراءات التفتيش انتظرنا في غرفة فترة من الوقت اذ قالوا لنا ان صدام يصلّي! ثم دخلنا وتحدث صدام لفترة طويلة ووصف ضرب الحلفاء الغربيين للعراق بأنه مؤثر جداً، ثم رفع مشعل الهوب يده فسمح له صدام بالحديث فتحدث مشعل عن العروبة والعراق مستشهداً بمقالات لصدام حسين ثم طلب منه السماح لنا بالعودة، وساد صمت في القاعة كان طويلاً جداً بالنسبة الينا فقال صدام: ونِعم الاختيار، ووافق على الطلب". وتابع: "اخفينا فرحنا الى ما بعد العودة للفندق لكن علاء دخل غرفته واغلق الباب عليه". وسأل القاضي فؤاد رجب عما قاله علاء في شهادته امام المحكمة بأن سكرتير صدام واسمه عبد حمود انفرد به قبل اللقاء وهدد بأنه سيضع رصاصة في رأسه اذا فكّر في العودة للكويت، فقال فؤاد انه لم يشاهد علاء ينفرد بأحد "وقد دخلنا كمجموعة واحدة الى القصر وخرجنا كمجموعة". ثم سمح القاضي لمحامي المتهم علاء خالد عبدالجليل بمسائلة للشاهد فؤاد رجب، وانتهى المحامي منها باتهام الشاهد بالتناقض في الاقوال خصوصاً روايته حول تصرف علاء حسين في بغداد وحقيقة حضّه زملاءه على احضار عائلاتهم. وقال المحامي ان كل الضباط الاسرى كانوا يأخذون رواتب من العراقيين ويتمتعون بالمزايا نفسها التي تمتع بها علاء. ووجهت النيابة اسئلة جديدة لعلاء حسين حول حقيقة اجتماعه قبل سنوات بالمدعو سالم الظفيري وهو عراقي يتزعم في العراق مجموعة تدّعي ان افرادها من فئة "البدون" ويطالبون بالسماح لهم بالعودة للكويت. ثم اجرى القاضي مواجهة بين اقوال المتهم والشاهد، ونفى علاء حسين بشدة الاتهامات له بالتعاون مع العراقيين، وقال: "زملائي الضباط لم يكونوا يدركون حجم الضغوط التي مارسها ضدي العراقيون". واكد واقعة اجتماع سكرتير صدام حسين به وتهديده وقال: "زميلي لا يعرف تماماً الاجراءات التي تتم قبل ان يجتمع اي انسان بصدام حسين، لا احد يجتمع قبل المرور بالسكرتير عبد حمود". وقرر القاضي تأجيل المداولات الى جلسة سادسة تُعقد اليوم للاستماع الى شهادة "وزير" آخر هو مشعل الهدب فيما نُسب الى المحامي خالد عبدالجليل قوله ان المحكمة ربما تسمح لعلاء حسين بالالتقاء بالصحافيين لمدة نصف ساعة اليوم.