فوجئ رجال الامن في مطار الكويت الدولي في ساعة مبكرة من فجر امس بوصول علاء حسين، رئيس "الحكومة الدمية" التي كان الاحتلال العراقي أقامها في الاسبوع الاول من آب اغسطس 1990 قادماً من النروج ومعه ابناؤه الاربعة طالباً العودة الى "وطنه". وعلمت "الحياة" ان ادارة مباحث أمن الدولة الكويتية احتجزت حسين فوراً وبدأت التحقيق معه في ما جرى له منذ ان نصّبه العراقيون رئيساً ل"الحكومة الحرّة الموقتة" التي دامت اسبوعاً واحداً واعلن بعده العراق ضمّ الكويت اليه. اما اولاده فوضعوا في فندق الترانزيت في المطار تحت رقابة أمنية. وكانت محكمة أمن الدولة الكويتية أصدرت حكماً غيابياً بإعدام علاء حسين بعد ادانته بالخيانة والتعاون مع قوات العدو. وقال مصدر كويتي ل"الحياة" ان الظهور المفاجئ لعلاء أربك الجهات الامنية التي فكرت اولاً في اعادته على متن طائرة "كي إل ام" التي أقلته بوصفه يحمل جواز سفر نروجياً غير مزوّد تأشيرة كويتية، ثم جاءت التوجيهات من مسؤولين باحتجازه للحاجة الماسة الى معلومات يمكن ان يحملها من اقامته في بغداد لسنوات، خصوصاً في ما يتعلق بالأسرى الكويتيين. وكان ثمانية من اعضاء "الحكومة الموقتة" وهم جميعاً ضبّاط شباب أسرهم الجيش العراقي الغازي عادوا الى الكويت في آذار مارس 1991 بعد ايام قليلة من تحريرها وسلّموا انفسهم الى السلطات وقدّموا مبلغ 50 ألف دولار قدمتها بغداد لكل منهم مكافأة على عضويتهم في الحكومة الموقتة ثم ما لبثت الجهات الامنية ان برّأت ساحتهم بعد تحقيق مطوّل، غير ان علاء حسين وهو ايضاً مجنّد برتبة ملازم أسره العراقيون لم يعد. وجاءت شهادات زملائه الثمانية في غير مصلحته ما دفع الى ادانته قضائياً والحكم عليه بالاعدام. وأكد وزير الدولة الكويتي لشؤون مجلس الوزراء محمد ضيف الله شرار أمس ان "علاء حسين علي الخفاجي الجبر" الذي صدر بحقه حكم قضائي بالاعدام عام 1991 بعد ادانته بالخيانة العظمى اثناء الغزو العراقي قدم الى البلاد بمحض ارادته صباح امس. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن شرار ان الخفاجي "قدم الى البلاد بوثيقة سفر اجنبية يرافقه ابناؤه الأربعة الساعة الواحدة صباحاً، وتمت احالته الى الجهات القضائية المعنية لاتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة فيما تم تسليم ابنائه الأربعة الى ذويهم في الكويت". وكان شرار نفى تقريراً لصحيفة "الوطن"، اول من امس، اشار الى "ضوء اخضر" تلقاه علاء حسين من جهات مسؤولة للعودة الى الكويت. وكان هذا غادر العراق الى تركيا ثم الى النروج حاصلاً على اللجوء السياسي فيها وكتب من هناك مذكرات نشرتها صحيفة "القبس" الكويتية. وقال فيها ان العراقيين ارغموه على لعب دور رئيس الحكومة التي نصبوها في الكويت وانه مخلص لوطنه وراغب في العودة اليه. واصدرت صحيفة "الوطن" طبعة ثانية ظهر امس نشرت فيها تفصيلات عن عودة علاء حسين، وأشارت الى انه وصل بطائرة هولندية بعد منتصف الليل ومعه ابناؤه وهم 3 ذكور وبنت ويحملون جوازات سفر نروجية صالحة لسفرة واحدة الى الكويت تحديداً، وانه لم يجد احداً في استقباله من عناصر الامن او غيرهم عند باب الطائرة فتوجه الى ضابط الجوازات وسلّمه شهادة جنسيته التي حملها معه من الكويت قبل 10 سنوات تقريباً كذلك بطاقته المدنية القديمة، فما كان من امن المطار، فور التعرّف الى هويته، الا ان أبلغ مباحث أمن الدولة التي تختص بالجرائم السياسية. وذكرت الصحيفة ان علاء كان هادئاً مبتسماً طوال الوقت ويقول: "انا كويتي وراجع لبلدي، خذوني… احجزوني… حقّقوا معي…"، وان عدداً من اقاربه، ومن بينهم والدته وشقيقاته واخوانه، كان ينتظره في قاعة استقبال المسافرين. وأشار خبير قانوني ل"الحياة" ان الحكم الغيابي بإعدام علاء لن ينفذ قبل اعادة محاكمته من جديد "لأن قانون الاجراءات الكويتي يجيز لمن صدر حكم غيابي بحقه ان يعارض الحكم امام المحكمة التي اصدرته - وهي محكمة امن الدولة في حالة علاء حسين - وعليه ستتم احالته عليها لتبدأ الاجراءات القضائية من جديد". يذكر ان الكويت لم تشهد قط تنفيذ اي من 30 حكماً بالاعدام صدرت منذ الغزو العراقي للكويت لأسباب تتصل بالتعاون مع قوات الاحتلال.