علمت "الحياة" من مصدر مطّلع أن فرنسا أرجأت جولة كان من المتوقّع أن يجريها رئيسا لجنة مراقبة "تفاهم نيسان" الفرنسي السفير رابان والأميركي ريتشارد اردمان على كل من اسرائيل وسورية ولبنان، إعداداً لاجتماع قريب للجنة. وجاء القرار الفرنسي بعدما أجرت فرنسا مشاورات عبر سفيرها في اسرائيل مع المسؤولين الاسرائيليين حول موقفهم من هذه الجولة والاجتماع المقبل، وكان انطباع السفير الفرنسي أن اسرائيل تطالب بتغيير مضمون "تفاهم نيسان". فقرّرت فرنسا عندئد العدول عن الجولة التي كانت مبرمجة لرابان واردمان لأنها كانت مدركة أن تغيير مضمون "تفاهم نيسان" مرفوض من الجانب العربي. لكن مصدراً فرنسياً أكد ل"الحياة" ان باريس تأكدت من ان اسرائيل لم تطلب تعديل "التفاهم". وعقد أمس المنسّق الاميركي لعملية السلام دنيس روس اجتماعاً مع وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين في حضور السفير الاميركي الى اسرائيل مارتن انديك في القدس على هامش زيارة رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان لاسرائيل. وكانت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت اتّصلت بنظيرها الفرنسي فيدرين لمعرفة سبب قرار فرنسا إرجاء هذه الجولة. وأكدّ مسؤولون اميركيون في حديث خاص ل"الحياة" "أن الولاياتالمتحدة عملت بشكل جيّد مع فرنسا في اطار رئاستيهما المشتركة للجنة مراقبة تفاهم نيسان لمدة اربع سنوات وأنه خلال هذه السنوات الاربع كانت المجموعة فاعلة، اذ انها كانت الوحيدة من نوعها التي يعمل فيها الاسرائيليون والسوريون واللبنانيون معا وبشكل عملي لتنفيذ التفاهم. والولاياتالمتحدة مقتنعة بأن اسرائيل لا تبحث عن اعادة صياغة "تفاهم نيسان" اذ لا شيء في محادثاتها مع الاسرائيليين يشير الى انهم يريدون اعادة صياغته وإذا كان الجانب الفرنسي يعمل على أساس مثل هذا الظنّ فهو مخطئ". وأضاف المسؤولون الاميركيون ان وجود فيدرين في القدس، على هامش زيارة جوسبان، أتاح لروس وانديك المناسبة للتحدّث معه في الموضوع لإيجاد حل له وإرسال رابان واردمان معاً في جولة على الدول الثلاث والتشاور مع المسؤولين فيها ليس بشأن اعادة صياغة "تفاهم نيسان" وإنما للتأكّد من أن "التفاهم" يُنفّذ ويحترم من جانب كل الاطراف "لأن عدم احترامه أدّى الى الازمة التي سبّبها حزب الله في كانون الاول ديسمبر وفي كانون الثاني يناير حين اخترق تفاهم نيسان في 17 مناسبة". وأشار المسؤولون الاميركيون الى أن لجنة المراقبة "تعمل وفقاً لقرار متخذ بالتوافق، وانها وجدت خلال هذين الشهرين أن "حزب الله" خرق التفاهم 17 مرة عبر شنّ هجمات من القرى الجنوبية وهو ما يمنعه "تفاهم نيسان" فيما لم يقدم حزب الله في الشهور الستّة الماضية إلا على اختراقات قليلة لتفاهم نيسان، وبالتالي ينبغي ايجاد حل لمشكلة خرق حزب الله للتفاهم". وشدد المسؤولون الاميركيون ل"الحياة" على ضرورة عقد اجتماع للجنة مراقبة "تفاهم نيسان" في أقرب وقت "للتوصّل الى جو يسوده الهدوء ويتيح للقوى المسؤولة، اسرائيل وسورية ولبنانوالولاياتالمتحدة، العمل قدر الإمكان للتأكّد من تنفيذ تفاهم نيسان وتأمين الهدوء في جنوبلبنان". وأكّد هؤلاء ان باراك سيبدأ الاعداد لسحب قواته من لبنان في نيسان ابريل إذ ان هذا الانسحاب يحتاج الى ثلاثة شهور ليكتمل بحلول تموز يوليو المقبل. ولذا، حبّذ المسؤولون الاميركيون ان تتوصّل الاتصالات القائمة بين الولاياتالمتحدة وكل من سورية واسرائيل الى عودة المفاوضات بين سورية واسرائيل قبل نيسان المقبل، ليتم الانسحاب في اطار اتفاق شامل.